الحلقة 38

327 26 80
                                        

مساء هادئ – غرفة النوم

جلس أشهم على طرف السرير يراجع بعض الأوراق بهدوء، بينما كانت ربى تتقلب على السرير، تضع رأسها على الوسادة وتضم الغطاء إلى صدرها.

أشهم (دون أن ينظر):
ما نمتي لحد الحين؟

ربى (بصوت خافت):
ما جايه عيني تنسد… أحس قلبي ثقيل.

أشهم (يضع أوراقه جانبًا، يلتفت نحوها):
ثقل من التعب؟ ولا في شي ثاني، حبيبتي؟

ربى (تشهق وتغطي وجهها بالغطاء):
تذكرت بابا… فجأة، كأنه واقف عند الباب ويبتسم لي… كأنه يناديني، يا بيبيتي...

أشهم (ينحني نحوها، يرفع الغطاء بهدوء):
ربى… تعالي.

تمد له يدها كطفلة، فيسحبها إلى حضنه وتجلس قريبة من صدره، وتبكي بصمت.

أشهم (يربت على ظهرها):
اشتقتي له، صح؟ الأيام اللي نمر بيها… تخلينا نحس بالغياب أقوى.

ربى (بصوت متقطع):
ما عاد في أحد يقول لي “أنا فخور بيك”، ما عاد في أحد أحكي له كل شي من قلبي، من دون خوف… بابا كان ملجئي، كان اللي يضمني لما أحس العالم ضدي… والآن حتى اسمه أحسه بعيد.

أشهم (صوته متألم):
بس أنتي مو وحدك، حبيبتي… أنا هنا، سامعك، شايفك، حاس بكل وجعك…
وإذا احتجتي "فخور بيك"، فأنا أقولها لك كل يوم، حتى لو ما نطقت فيها.
أنا فخور بربى… فخور بالبنت القوية، الصبورة، الذكية، اللي رغم كل شي، لساتها تبتسم.

ربى (تمسك بيده):
أشهم… بابا كان يحبك، صح؟

أشهم (يهز رأسه):
كثير… كان مطمئن لك بين يدي، وكان يثق فيني ثقة ما توصف.
وقال لي مرة، "ربى أمانة برقبتك، لا تخلي دمعها ينزل إلا من الفرح".

ربى (تنفجر دموعها):
وانت… ما خيّبت أمله، والله ما خيّبته… لو تشوفني كيف أتمسك فيك كل لحظة، كيف لما أسمع صوتك أرتاح، كيف لما تقرب لي أنسى كل التعب… تعرف إنك كل عائلتي الحين؟

أشهم (بصوت مبحوح):
وأنتِ كل روحي يا ربى… مو بس عائلتي، أنتِ دمي ونفَسي.
ولا تفكرين يومًا إنك فاقدة شي… أبوك رحل، بس ترك لي كنز اسمه "ربى".

ربى (تتنفس بعمق وتبتسم عبر دموعها):
كنت أفكر… لو كان عايش، كيف كانت حياتي؟ بس يمكن الله اختاره يروح، لأنه عرف إنك راح تكون كافي… ويمكن أكثر.

أشهم (يضحك بخفة ويمسح دمعتها):
يعني تحبينني أكثر من أبوك؟

ربى (تبتسم):
لا أحد يحب أكثر من أبوه… بس أحبك بطريقة مختلفة… بحب زوج، وسند، وحبيب… وكل الأدوار اللي تملأ قلبي.

أشهم (يرفع وجهها):
ولا يوم راح أسمح لأي شي يأخذك مني… وإذا وجعك قلبك، أو ضاق صدرك، أو حتى دمعت عينك من دون سبب… أنا موجود، دوم، بدون شروط.

وراء الضوء الرمادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن