شيطان بني إسرائيل
1350 بعد الميلاد – 1912 بعد الميلاد
فجأة أمطرت السماء جثثًا بشرية.. نظر سكان مدينة "كافا" الأوكرانية القديمة إلى سمائهم في ذلك اليوم نظرة من الطراز الذي تنظره إلى الهول ثم تدير رأسك وتفر هاربًا.. لقد كانت السماء تمطر جثثًا على رؤوسهم.. نظرت أنت إلى المشهد بتمعن.. حقًّا إنها جثث تتساقط.. ولكنك ترى بين هذه الجثث كيانًا معلّقًا في السماء.. لا تدري ما هو بالضبط.. عباءة سوداء يهز الهواء أطرافها كما ترى في مشاهد الأساطير.. الرأس يختفي في الظلام لأن العباءة تغطي الرأس أيضًا.. لكن الوجه واضح.. واضح باستفزاز.. الوجه كأنه قناع أبيض له ملامح ساخرة.. كان هذا الكيان معلقًا في الهواء تتطاير من ورائه جثث تُرمَى بسرعة هائلة فوق أسوار مدينة كافا لتمطر على السكان الذين يجرون هنا وهناك غير فاهمين لأي شيء.
حتى تفهم هذا المشهد ينبغي أن تعرف أولًا أن مدينة كافا في هذه اللحظة كانت تغلق أسوارها على نفسها لأن المغول كانوا خارج الأسوار يحاصرون المدينة.. أيامها كان الطاعون الأسود قد بدأ ينتشر في آسيا.. وبدأ يصيب الجنود المغول الذين يحاصرون مدينة كافا.. وتحول غضب المغول إلى أول حرب بيولوجية في التاريخ.. وضعوا جثث جنودهم الميتين بالطاعون على المجانيق وأطلقوها تباعًا لتعبر فوق أسوار مدينة كافا وتسقط وسط أهلها الذين لم يفهموا الأمر في البداية.. ثم فهموه لمّا مات منهم عدد ضخم بالطاعون في الأيام التالية.
إنه "ماستيم".. ذلك الكيان الأسود الساخر الذي رأيته يطير وسط الجثث.. وهاأنت تراه مرة أخرى يطير.. ولكن في سماء أخرى.. في أوروبا هذه المرة وتحديدا في مدينة بيزانسون الفرنسية.. لكنه هذه المرة لم يكن ساخرا.. بل كان حزينًا.. القناع الساخر الذي كان وكأنه يرتديه أصبح الآن قناعًا حزينًا.. كان يطير في السماء ناظرًا إلى مشهدٍ ربما هو الذي أحزنه.. كان هناك نفر كثير من رجال عراة الأقدام يلبسون ملابس من أكياس الخيش ويمسكون سياطًا يضربون بها اليهود في الشوارع وبداخل البيوت.. يضربونهم حتى سالت الدماء من جلودهم.. وحتى فارقت أرواحهم أجسادهم.
_224_
كان حاملي السياط مسيحيين كاثوليكيين أوروبيين.. لماذا يضربون اليهود بالسياط؟ سأخبرك.. لما هرب الناس من مدينة كافا بعد أن رماهم المغول بوابلٍ من الجثث الطاعونية.. سكن الهاربون من المدينة في مختلف مدن أوروبا.. وحملوا معهم الطاعون إلى تلك المدن جميعها.. ولم تمضِ سنة واحدة إلا وعدد الوفيات قد زاد عن العشرة ملايين إنسان أوروبي.. ولم تنته السنة الثانية إلا وقد تضاعف هذا العدد ليصبح خمسة وعشرين مليون إنسانًا.. ثلث سكان أوروبا كلهم ماتوا.. كان من أصابه الطاعون يموت.. وكل من اختلط به ولو مرة يموت.. ومن حمله إلى القبر يموت.. كانت أيامًا رهيبة.
أنت تقرأ
انتخريوستس
رعبتحذير هذه رواية ليست للصغار لانها احداثها عن قصة حقيقيه جميع الشخصيات المذكورة في هذه الرواية هي شخصيات حقيقية.. بإنسها وجنّها وشياطينها.. وأغلب الأحداث المحكية مبنية على أحداثٍ ووقائع حقيقية مُثبَتة.