𝟐 . المُندفع الهائِج

551 61 97
                                    

----

كـكُرة هِي الذاكِرة، يركُلها النِسيان، فتتدَحرج علَى بِساط مِن الأوهَام.

----

إنفِجارات مُتتالِية، لَا هوادَة فِيها، تصُم الآذَان و تنتفِض لهَأ الأبدَان، شرَارات تتعَانق فِي لونٍ وهّاج كتِلك الأعيُن المُتقِدة، و بإندِفاع هائِج يُحلِق كغُراب ضخمٍ مُنتقض، و أينمَا تهُب رِياحه تسمَع مِن النّاس هُتافاً، ينتقِل مِن شارِع لآخَر يُقارِع المبَاني فِي عُلوِها، فيثِب تارَة و يشتُم تحتَ أنفِه تارة أخرَى.

إحتدمَت نظرتُه فتعَانق حاجِباه مُكشِراً تقاسِيمه التّي أبَت أن تلِين يوماً، كنارٍ هادِئة مُتقِدة تنشُر لهيبَها دُون إكتِراث، كذلِك كانَت عينَاه، نظرَاتُه هادِئة، بل بارِدة و فارِغة، لكِنها قادِرة علَى إحدَاث دمارٍ هائِل.

تسلّل الغضَب إلَى مَحياه، فعبَس، ملامِحه الهائِجة تُزمجِر غضباً قبلَ ثُغرِه، تنقّلت عينَاه و ترنّحَت علَى المشهَد الذي يتضِح كلّما قرُب أن يطَأ ذلِك الدمَار، كان يُبحلِق فِي صمتٍ، مُثبتاً البصَر علَى تِلك الصورَة المأسَاوية لخرَاب حلّ بمنطِقة سكنِية، بل و تعُج بالمدنِيين في هذَا الوَقت مِن المسَاء!

حُطام لبنَاية فُجِرَت، تتعَالى صرخَات الألَم و طلَب النّجدة، أجساد تُحاوِل التملُص مِن الحُطام الذي هوَى أرضاً، فعجّ الرصِيف بالأبدَان المُصابَة، قلباً و جسداً.

كنِسر يُراقِب مِن بعِيد، فِي صَبر كان يدنُو مُسرعاً، بينَما عاينَت الأقرَاص الوهّاجة المكَان المنشُود.
لا أبطَال، و الكثِير مِن الجرحَى و العالِقين تحت الرُكام.

إحتدمَت أسنانُه فِي عرَاك لإفرَاغ غيظِه، هُو لَيس بعِيداً جِداً لكِن بإمكَانه رؤيَة الكمّ الهائل مِن المُصابين و العالِقين، حتّى أن بعضَ المارّة هبُوا لمدّ يد العَون.
و هَذا بالذاتِ ما سيُريده أي شرِير...
المزِيد مِن الضحَايا!

علَيه إجلَاء المُصابين و إنقَاذ العالِقين، و الحِفاظ علَى سلامَة الجمِع ريثَما يبحَث عَن المُجرِم و يقُوم بإخضاعِه.

أنّى لَه كُل هَذا وحِيداً؟
أين الآخرِين؟

بِلا تلجلُج أسرَع الخُطى حتّى جاوَر المبنَى، هبّ مُندفِعاً حتّى أمسَك قِطعة حُطام بِكلتَا يدَيه الملتحِفتان بقُفاز سمِيك، بدَى كثورٍ مُنقذ عندَما رفعَها مُزمجراً كأنه يستمِد قوتَه الهائِلة مِن هدِير حَلقه.

بِيد حافَظ علَى الحُطام مُرتفِعاً، و مدّ الذِراع الأخرَى للعالِقين، واحِداً تِلو الآخَر، كانُوا يخرُجون كالنّمل المُصاب و المذعُور مِن المُستعمرَة الغارِقة فِي المِياه أو دَاست عليهَا قدَم مُهمِلة، شعَر بذرَاعه تكَاد تُسقِط الحُطام، و كأن عضلاتِه ترتجِف فِي إرهَاق.
لكِنه لَم يهِن و لَم يترنّح!

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 5 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لَـعنة إيرِينـيسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن