في اليوم التالي إستيقظت لمياء بدوار وألم حاد فتلك الأقراص تُشعرها وكأنها تتعاطى مخدرات بالفعل ....فتحت عينيها تحدق في السقف بمرارة سائلة نفسها للمرة الألف
هل يمكن أن تكون حامل؟ لكن مِن مَن ؟ هذا هو السؤال الذي أبرم النيران في أعصابها وأتلفها ...
كيف لها ان تقع في مثل هذا الموضع ؟إنها لا تعرف من أب الولد إن صحت معلوماتها ....
وحسب خبرتها في الطب كونها مسعفة وممرضة ذات خبرة ....فإن دورتها كانت قبل عشرة أيام فمن المستحيل أن يكون مصدر هذه الدماء مجرد دورة شهرية عادية
..إحتمال أن يكون دماء نجاح التبويض كبيرا جدا لأن أيام الإباضة تكون بعد ثمانية أو تسعة أيام من الدورة وإن أي جماع وقذف داخلي بدون وقاية ....قد يسبب الحمل فوريا ..
لعقت لمياء شفتيها بتوتر وهي تستقيم من جلستها....سائلة نفسها مرة ثانية :
(حسنا حسنا لقد جامعت تيم قبل يومين أي بعد تسعة أيام من الدورة و جامعت وسيم البارحة أي بعد عشرة أيام من الدورة)
زفرت لمياء نفسا حادا ثم أمسكت بأقرب شيء تلته يدها ورمته على الأرض بقوة صارخة بشدة :
(تبا !كلاهما في أيام التبويض كيف سأعرف الآن)
و نهضت تدور حول غرفتها هاتفة بتوتر :
(كيف سأعرف ؟ يا إلهي كيف سأعرف )
إذا كانت حامل من هو ابوه لن تستطيع معرفة النتيجة إلا بعد تسعة أشهر...كيف ستتحمل تأتيب الضمير ....
التفتت يمينا ويسارا بيأس حتى صادفتها المرأة...تقدمت منها تحدق في وجهها بقرف...هتان العينان ....تحمل ألم ووجع كبير ....كيف ستتحمل تأنيب الضمير ثم همست بخفوت :
(سأجهضه...لن أستطيع فعل ذلك....كلما حاولت الإبتعاد عنه أكثر شدني إليه أكثر وأكثر )
ابتلعت ريقها ببطأ تواصل التحديق في نفسها لولا الهاتف الذي رن قاطعا الأجواء الصامتة....
امتدت يدها ترى من المتصل ثم شحب وجهها تماما وهي تقرأ الحروف التي أفسدت حياتها....زفرت نفسا عميقا ثم تشجعت و فتحت المكالمة....وقبل أن تقول أي شيء...سمعت ذلك الصوت المألوف يهتف فيها :
( لم أمت بعد)
حاولت لمياء اصطناع ضحكة مزيفة وردت بهدوء :
(بعيد الشر عنك يا روحي )
سمعت نفسه الذي تجشى قرب سماعة الهاتف ثم أجابها بحسرة :
(لمياء إبنتي لا أعلم حقا التعبير بالكلمات ....إذا كنت أتنفس الآن فهذا بفضلك قرة عيني )
ها هي الدموع تزورها من جديد وزال تعبها وحزنها وفي صميم قلبها تعلم أنه لو رجع بها الزمن لفعلت نفس الشيء مرارا وتكرارا غير الجزء المتعلق بوسيم لن تعيده مطلقا
إبتسمت لمياء بارتجاف وسط دموعها وقالت بصوت يحوي محبة خاصة محبة تخص أباها فقط :
(كنتَ فعلتَ نفس الشيء من أجلي فلما لا أفعله أنا )
شعور بالفخر غزى قلبه المريض...كان يظن أنها نهايته وسوف يلاقي حتفه ...لم يخف من الموت أبدا...كان على يقين أنه ترك وراءه أبناء بطوله يشرفون وجهه لكن لول إقتحام ابنته الكبيرة طالبة منه جواز السفر..لما هو الآن لقد أخذته..ليسافر إلى أغلى المستشفيات ويعالج بعناية خاصة من مرضه ...
ضيق فجأة عيناه باستغراب ثم سألها:
(لكن لم أفهم من أين لكِ بكل ذاك المال وأنا أعرف لو عملت سنين لن تستطيعي تجميعه .....)
تحجرت لمياء فجأة من سؤاله الذي أربك كيانها فردت بتلعثم مغيرة الموضوع :
( المهم صحتك ....المال لا شيء مقابل بقائك معنا...أظن أمي تحتاجني سأغلق الاتصال أبي )
وأغلقت دون انتظار رده ترتجف حرفيا ...
بعد البقاء لساعات طويلة بمفردها تنتظر تيم ....بخوف....هل يمكن أن يعرف يوما ما ؟....
أطبق صدرها بغصة حتى توقفت عن التنفس تماما تحدق في النافذة التي أهلكت بها من البداية.....
ثم سمعت رنين قفل الباب...فاستقامت تتجه للباب تراقبه يعدل من نفسه معلقا مفاتيحه ....ثم استدار يرمقها بنظرة باردة...
آلمتها تلك النظرة جدا....وكأنه ينظر لبضاعة فاسدة لا يستطيع استهلاكها....
إبتسمت بشرود نعم هذا هو الرجل عندما لا يستطيع أخذ حقوقه الزوجية من المرأة المريضة ....ينبذها وكأنها وسيلة متعة ليست روحا تحيَا....
تجاوزها تيم بسرعة دون ان ينظر لوجهها ثم استلقى على السرير وهتف فيها :
(أنا جائع حضري شيء للأكل )
تنهدت لمياء بثقل..الآن هي ترى الزواج الممل الذين يتحدثون حوله.....وكأنها مجرد خادمة تلبي طلباته حتى يرضى عنها ....
فتحت لمياء فمها قائلة بحدة :
( هل ذهبت الألقاب الحلوة مكب الريح لمجرد أنني في دورتي )
التفت تيم يحدق في عينيها بغضب ثم همس لها بفحيح خافت:
(مالخرف الذي نطقتي به توا ؟)
لم تخف لمياء بل ردت عليه تتحداه بقوة :
( لا أعلم وكأنه قبلا كنت حبيبتك وعيونك وقلبك والآن أنا مجرد لمياء لعينة....لأن هذه لمياء لا تمد مؤخرتها للإستقبال )
ضحكك تيم بسخرية وظل يضحك حتى صرخت فيه :
(إضحك إضحك يا أبله عذرا فأنا البلهاء الوحيدة في الحكاية )
وأرادت الالتفات لولا صوته الذي أوقفها :
(فورة الغضب هذه لمجرد لقبين توقفت عن قولهما )
ثم نهض يتجه إليها يعانقها بقوة لم تستشعر فيها أي ذرة حنان بل أحست وكأنه يود خنقها بذلك العناق و سمعته يقول :
(حبنا ليس ألقاب .....حبنا مبني على الصدق والحب أليس كذلك؟)
ثم حدق في عينيها بشكل أربكها ....لا تعرف الإجابة وقد انعقد لسانها ....تتحسس الشك في عيونه .....بل الشك في هذا الحب....
أخذت نفسا عميقا وردت بكل ثقة مزيفة:
(نعم كذلك لكنني لا أشعر بهذا )
إبتسم ببطأ وأجابها:
(أنت تغضبينني هكذا .....أنا أحبك وأصدقك....لا تفكرِ بهذه الطريقة ....أنا تعب جدا هذه الأيام ...العديد من الأعمال تشغل بالي...ربما قست عليك....لكن ليس عمدا حبيبتي ....عيون تيم )
بادلته الإبتسام بارتجاف...ثم همست ببطأ :
(أنظر تيم هذه حياة جديدة بالنسبة لي أي أنك تعرف مدى صعوبة التعود على هذه الأمور.....لا تغضب مني حسنا )
أومأ تيم بتفهم ثم قبل جبينها ملتفا للسرير من جديد....وهتف بلهفة:
(هيا الأكل يا إمرأة....أعضائي تأكل نفسها من الداخل)
أخذت لمياء نفسا عميقا متجهة للمطبخ....لتريه أحد فنونها الآن....
بينما بقي تيم يحدق في مذهبها بشرود....مفكرا في الصباح كيف اتجه كالأبله للمستشفى مقررا تحرير محضر للسرقة والإعتداء الذي حدث لزوجته....ليعلموه في الأخير أنه لم تحدث أي سرقة.....
عم الجنون عقله وبدأ يسأل حول لمياء و سبب الكدمة وعند مراجعة كاميرات المراقبة....وجدوها قد خرجت من باب المستشفى بها وبدون حقيبتها....
أي أن هذا الكلام حول السرقة ليس صحيحا أبدا....
كانت داخل المستشفى من الدقيقة التي أوصلها حتى الدقيقة التي أخذها...أي ان هذه الكدمة حدثت داخل المستشفى....
وقد رفض الحارس أن يريه التسجيلات داخل المستشفى...
فقد أراه الخارجية برشوة كبيرة حتى لا يخبر أحدا....
الشك يأكل قلبه...لما كذبت عليه ؟ بل ما سر تلك الكدمة مالذي تخفيه ؟
.........................................................................
-بعد أسبوع-
أسبوع كامل ماكثة بالبيت....قررت استغلال عطلتها...تعاني من الملل...الى جانب التفكير القهري...لقد مر أسبوعها كنظام واحد...تستيقظ تنظف المنزل تجهز غذاءها ثم تنتظر تيم مساء يتحدثون قليلا ثم يخرج مجددا تاركا إياها وحدها....
و يأتي عند اقتراب العشاء يتعشون لاغسل الأواني...إذا كان يوما للمباراة ينتظرها حتى تنتهي من تنظيف المطبخ....وان لم يكن تجده نائما في سابع أحلامه....
الزواج رائع في بدايته ثم يتحول إلى روتين يومي لا يتغير من بدايته حتى نهايته....
هزت لمياء رأسها تحاول التفكير في شيء آخر...فتتذكر موضوع الحمل....
أغضمت عينيها بقوة وكأنها تتمنى الموت فعلا ثم سمعت هاتفها يرن ....لتنتفض شاكرة المتصل مئة مرة...وبالفعل قد وجدتها شهد فابتسمت تلقائيا فاتحة المكالمة بتحية طويلة :
(أهلااااااااااااا لشهد العسولة كيف الحال)
ضحكت شهد بشرود ثم ردت عليها بهدوء :
(مزاجك في محله اليوم بخير وأنتِ)
تجهمت لمياء ملامحها قائلة لها بتبلد:
(أي مزاج تتكلمين عنه أنا أعاني من الإضطراب المللي)
إتسعت عينا شهد سائلة إياها بحماس :
(هذا مرض جديد لم أسمع به قبلا ؟)
تنهدت لمياء بحزن ثم أجابتها :
(عندما تتزوجين ستسمعين عنه )
هزت شهد رأسها ثم هتفت فيها مغيرة الموضوع وهي تستشعر نبرة الحزن في صوتها :
(حسنا مالذي تفعلينه لدي وقت إضافي دعينا نلتقي في أحد المقاهي إشتقت لكِ)
إبتسمت لمياء بحماس ثم قالت بلهفة :
(دعيني أستشير الزوج الكريم ثم سأرسل لكِ عنوان المقهى إن وافق )
حاولت شهد كتم ضحكتها لكنها استسلمت قائلة في الأخير :
(كل يوم أتأكد عن مدى أهمية بقائي دون زواج)
.........................................................................
يحاولان التوقف عن الضحك لكن لم تستطيعا.....بدأ الحشد ينظر لهما كمجنونتان بالفعل....كل هذا بسبب نكت شهد التي لا تنتهي....
ثم عم الصمت و شهد تنظر لها بطريقة تعرفها لمياء حق المعرفة فهمست لها لمياء بخفوت :
(هيا قولي أعلم أنك تخفين شيء)
إبتلعت شهد ريقها ثم قالت بتلعثم
(وسيم سيتزوج الأسبوع المقبل)
بقت ملامح لمياء على نفس هدوئها ثم ردت عليها بكل ثقة :
(لم أتفاجئ أبدا ومن تعيسة الحظ تلك؟)
هزت شهد يديها ببطأ ثم أجابتها بشرود :
(لا نعرفها أظنها أحد معرافه البعيدة )
سعلت لمياء ببطأ متجنبة النظر لعيونها و قالت بتردد :
(أتسدين لي معروف شهد؟ أريد فقط عنوان الفرح عندما يعطيك الدعوة)
أجفلت شهد مستغربة من سؤالها ثم ردت عليها بسؤال آخر :
(لما ماذا ستفعلين ألم تقولِ أنك أخرجته من حياتك ؟)
أسدلت رأسها بحسرة تنظر لقدح القهوة أمامها ثم همست وأخيرا بشرود :
(هناك مسألة أخيرة وستنتهي كل هذه الحكاية)
.........................................................................
بعد الجلسه الحلوة التي روحت عن نفسها من الملل المحيط بها....
إضطرت شهد أن تعود لعملها بينما بقت لمياء وحدها في المقهى وأخيرا قررت الرجوع لمنزلها الكئيب....
وقبل أن تصل للبيت صادفتها الصيدليه مجددا فهمست لمياء في نفسها بسخرية :
(هل عليكِ أن تصادفيني كلما وقعت في مأزق )
لم تفكر كثيرا بل دخلت الصيدليه بكل روح معنوية تشتري مصيرها بعد صراع نفسي طويل...
....دخلت المنزل تنظر له بقلب جاف متجهة للحمام مباشرة....تحدق في الكيس الذي بيدها....هل تفتحه؟....
هل تجري الإختبار....أم لا تجرِ ...ربما هي توسوس لنفسها...لا يمكن أن تكون حامل
...كانت تريد التحقق من نفسها لكنها لم تستطع والآن مر أسبوع كامل....لذا فالنتيجة النهائية تستطيع معرفتها الآن....
بدأت أناملها تخطي جوف الكيس لتخرج العلبة التي ستحدد حياتها...فتحتها ببطئ ثم استقامت مقررة إجرائه.....
بعد أن وضعت العينة في منطقتها الخاصة على الإختبار كان عليها أن تنتظر على الأقل عشرة دقائق لمعرفة النتيجة....
تلك العشرة مرت كما ولو أنها دهر طويل..متأملة أن يكون كل هذا مجرد وهم.....وفي الأخير حان الوقت لكشف النتيجة..
أخذت نفسا عميقا مشجعة نفسها للمرة الألف ثم اقتربت من الإختبار...وياليتها ما إقتربت....
رفعت يدها تلطم وجهها بقوة كبيرة....وهي ترى الخطين المتوازيين....يخبرانها بأنها أم بالفعل.....وأن جنينها بدأ تكونه منذ وقت مضى....
بقت لمياء تلطم وجهها على غير هدى صارخة في نفسها :
(ماذا سأفعل ! ماذا سأفعل؟ كيف سأعيش مع ذنب كهذا؟لن أستطيع العيش...لن أستطيع أخذ نفس....سأتعذب وسأعذبه معي.. لما علي أن أكون محقة كل مرة ...)
ثم رمت الإختبار على الأرض حتى تهمش معيدة الصراخ في نفسها :
(لما ؟ فقط لماااا)
وبقت تبكي بهستيرية تدور في الحمام كالمجنونة.... توقفت تنظر للمرآة بملامح مخيفة....ويدها تعصر بطنها بشدة كما ولو أنها تخنق هذا الجنين الذي لا تعرف أباه.....وبعد التحديق الطويل همست في نفسها بخفوت :
(لن أستطيع العيش إن عشتَ أنت)
ثم إستدارت تحمل حقيبتها معيدة الخروج لأقرب طبيبة نسائية... إما هو إما أنا !
.........................................................................
جالسة على ذلك الكرسي الحديدي البارد ونظرها للأرض لا تعرف كيف ترفعه وقبل أن تنطق أي كلمة....تطوعت الطبيبة بالكلام :
(لماذا تريدين الإجهاض؟)
تنهدت لمياء بثقل ثم ردت بخفوت :
(أظنني تسرعت زواجي لم يمر عليه إلا شهر ونصف )
أومأت الطبيبة بتفهم ثم ردت عليها بهدوء :
(هذه ليست مشكلة هناك من حملت من يوم دخلتها....الأطفال لا يعطلون الحياة سيدتي...ربما هذا الطفل مفتاح لسعادة آتية رزقك الله بها )
كل هذا ولمياء تنظر للأرض فقط من شدة الخزي تستمع بعذاب لتلك الطبيبة اللطيفة
(أعلم هذا لكنني إتخذت هذا القرار بعد تفكير مطول من فضلك إحترمي قراري )
تحاول الطبيبة تغيير رأيها وهي تعرف نظرة التردد تلك على وجهها ثم أجابتها بإحترام :
(سيدتي كل الإحترام لقرارتك...لكنني أوضح لكِ مدى جدية هذا القرار ...أنت تنهين حياة إبنك بناء عن خطأ من والديه...ألا تلاحظين كمية الظلم التي تظلمين بها طفلك )
رفعت لمياء عينيها وكلمة *طفلك*تتصدى أرجاء أذنها متجهة لقلبها بالذات....طفلها...كم تمنت أن تكون أم ليعيش سعيدا والجميع يتمنى أن يكون محله....كم تمنت طفلا يرث ملامحها ليراه الجميع نسخة عنها...نعم لقد تمنته بشدة والآن تريد قتله.....
التفتت لمياء تحدق في الطبيبة للمرة الأولى بعد دخولها ثم همست بشرود:
(وهل من العدل أن يعيش وهو غير مرغوب فيه )
عم الصمت أنحاء الغرفة الطبية لكن سرعان ما ردت عليها الطبيبة :
(هل ترغبين به ؟)
إبتسمت لمياء بسخرية قائلة بفراغ :
(لو كنت أرغب به لما أتيت لهنا )
لم تفقد الطبيبة جديتها بل أعادت سؤالها :
(هل ترغبين به ؟)
أعادت لمياء صياغة سؤالها في عقلها ثم لم تشعر بنفسها إلا وهي ترد بكل ثقة :
(نعم أرغب به)
إبتسمت الطبيبة براحة ثم فردت يدها إتجاه الباب قائلة بلطف :
(شرفتنا...ننتظرك في الموعد القادم لفحص الشهر الأول)
عقدت لمياء حاجباها باستغراب...ماذا مالذي حدث ؟ كانت تريد إجهاضه...كيف تنازلت عن رأيها ربما لأنها تود أن يعيش هذا الطفل....لا أن يموت بسبب غلطتها الغبية...ومهما كان أبوه فهي أمه تبا لكل أحد لا يرغب به....هي ترغب به وهذا كافي جدا بالنسبة لها....
نهضت لمياء تخرج من الباب وقبل خروجها إستدارت لتلك الطبيبة وقالت بود :
(شكرا لكِ)
أومأت الطبيبة بلطف ثم ردت عليها بنفس ودها :
(العفو)
.........................................................................
-يوم الفرح-بعد أسبوع آخر
دخلت لمياء متسللة بين الأبواب خوفا من رؤية أحد لها حتى وإن كان هذا شيء طبيعيا.....زميلة تهنئ زميلها بزواجه....
دفعت لمياء الباب الأخير ...ثم حدقت في ملامحه المتجهمة وكأنه غاضب أو مستاء...شارد في السماء المظلمة....
بطقمه الأسود الجذاب وربطة عنقه الحمراء التي زادته جاذبية...لطالما تخيلت تلك الصورة في أحلامها...دون أن تنسى فستانها الأبيض الرفيع...إلى جانبه....
تنهدت لمياء بثقل محاولة السيطرة على مشاعرها و استرجاع ثباتها ثم همست بخفوت مقفلة الباب وراءها :
(يا لفرحة ملامحك...يبدو أنك كنت تحلم بهذه اللحظة منذ زمن طويل )
إستدار وسيم مجفلا على ذلك الصوت الأنثوي...يراها بكاملها تبتسم له بعبث....بادلها الإبتسام مجيبا إياها بهدوء :
(لا زلت لم أفهمكِ بعد ؟ بل ربما أنتِ ولم تفهمِ نفسكِ...عندما إبتعدت عنك...قررت أن تأتِ لي برجليكِ....لم أرسل لكِ دعوة حتى لا تحسبينِني أتشفى فيكِ بزواجي)
ضحكت لمياء ببطأ واضعة يدها بجانب فمها ثم توقفت ترد عليه بنفس هدوئه والابتسامة لا تفارق وجهها:
(كم تمنيت هذا يا وسيم ...أن أتركك تعيش حياتك كما قررت تركي بعد أن دمرتها أصلا....لكن هذه المرة ليس قلبي من جلبني إلى هنا )
ضيق وسيم عيونه باستغراب ثم إقترب منها يضع يده على خصرها.....لكنها سرعان ما نفضت نفسها وسمعته يقول بخبث :
(مالذي أتى بكِ ذلك الشيء الصغير بين ساقيك....يريد مَن أشعره بالمتعة الحقيقة....إعترفِي لمياء كمية المتعة في المضاجعة معي لا تساوي ربع المضاجعات مع زوجك....أليس كذلك ؟)
أومأت لمياء بسخرية...على كلامه الذي أحسسها بالقرف الجسدي....ثم ردت عليه بكل ثقة محدقة في عمق عينيه:
(لا لم ترانِ بعد مع تيم....إنه يغلق فمي بالقوة لشدة صراخي....أراهنك أنه رائع في كل مجالات الحياة....)
زال قناع السخرية لدى وسيم وحل مكانه الغضب...مقتربا منها هامسا بفحيح مهدد :
(أخرجي من هنا قبل أن أفقد المتبقي من هدوئي.. واعتبري نفسك مطروده من فرحي....)
ذلك القلب الذي كان ينبض بحبه شعرت وكأن نبضاته قَلَّت أو ربما توقفت لكن كيف تعيش إن توقف عن النبض ؟ لا تعرف لكن آخر ما كانت تتصوره...هو هذه الجملة من فمه تحديدا...
تهادت ثقتها المزيفة....وشعرت بدوار يكاد يوقعها.....لكن قبل أن تفقد الذرة الأخيرة من ثباتها همست بحدة رافعة رأسها تراقب وجهه:
(هل أستطيع إستشارتك في شيء أخير ثم أذهب وأعدك أنك لن ترانِ أبدا )
التفت وسيم للنافذة وراءه شاتما بكل ما يعرف....لما في هذه اللحظة تحديدا جاءت....لما تريد تهميش قلبه بتلك الطريقة......
أخذ نفسها عميقا ثم أجابها :
(ولا ترجعِ أبدا لم أعد أرغب بكِ....تحقق أحد أحلامك في الأخير....)
تشكر ربها أنه ملتفت لا يرى وجهها الذي انكسر قناعه الجليدي وسقطت أول دموعه....
إبتلعت لمياء ريقها ثم فتحت فمها بصوت ميت لا تعلم كيف خرج منها :
(دماء التبويض....نسبة قليله من النساء عانت من هذه الحالة...هي حالة نادرة جدا تأت إما أثناء الجماع أو مباشرة بعده ويمكن في اليوم الذي يليه ....وأغلب تفسيراته نجاح الحمل...وللأسف كنتُ من الحالات النادرة تلك....أي في اليوم الذي إنتعشت فيه أنوثتي في أحضانك....وبعد الخطاب الكريم من سيادتك....ذهبت لبيتي نِمت دون معاينة جسدي ثم استيقظت....وإذ بملابسي بها كمية قليله من الدماء...ربما هي دورة...نعم لكن الدورة ليست كل عشرة أيام.....وبالفعل كانت تلك دماء التبويض.....نظرت لنفسي مفكرة....أنا حامل إذا....لكنني جامعت اليوم وسيم والبارحة تيم....يا إلهي من سبب تلك الدماء....أهو تيم وجاءت بعد يوم أم وسيم وجاءت مباشرة...ثم إنتظرت أسبوع لمعرفة النتيجة التي تحسم الأمر )
تريثت فجأة تراقب صدمته وعيناه تتسع بشكل رهيب تكاد تخرج من محلها ...ثم أكملت لمياء كلامها سائلة إياه بهدوء :
(والسؤال هو أنا حامل وسيم....من هو الأب ؟)
شعر بوسيم أن ساقاه تخذلانه...حتى أنه بدأ ينزلق تدريجيا حتى جلس على الأرض ينظر للأمام بفراغ....يفكر وقد أكل القهر المتبقي من عقله....هل يعقل ان تكون حامل بإبنه....
إنتصب رأسه فجأء يحدق فيها بغضب ثم هتف بقسوة :
(إذا كانت لعبة منكِ لتعذيبي أقسم أنني سأقتلك )
أغمضت لمياء عينيها بوجع ودمعتها الثانية ها هي تنزل ثم استدارت تخرج من تلك الغرفة هامسة له بغصة مؤلمة :
(آخر ما أتمناه هو عذابك وسيم يا ليت كانت لعبة...يا ليت)
وقبل أن تفتح قفله....شعرت بيديه تديرانها ملصقة إياها في الباب وراءها....قريب من وجهها تستنشق نفسه ببطأ وقبل أن تقول أي شيء....همس لها بعذاب....وملامح منكسرة تملأ وجهه :
(أرجوكِ قولي أنها لعبة أرجوكِ ....أنا لن أستطيع تحمل كل هذا....قولي أن احتمال أن يكون إبني معدومة....قولي أنكِ تريدين قهري فحسب....أقسم أنني انقهرت....أنا مقهور لمياء متعذب في عشقك....تلك الملامح الصارمة تخدعك..أنا اعشقك حسنا...ربحتِ....أحبك...أحبك......فلا تخدعيني رجاءً دعيني أعيش النتبقي من حياتي لأنني في كل الأحوال سأقضي هذا المتبقي في محاولة نسيانك فقط )
وسقط بعجز ساندا رأسه على بطنها وكأنه يهمس لذلك الجنين بأنه آسف....
خرجت لمياء شهقاتها وقد حاولت كبتها كثيرا ثم قالت له بوجع كبير :
(كم اوهنت نفسي لكنني لم أستطع إقناعها وسيم جربت كل الاحتمالات أن لا يكون إبنك....لكن من أخدع....أخدع نفسي ربما....خمسين بالمئة أن يكون إبنك وخمسين الأخرى لتيم.....كلما فكرت بهذه الطريقة أوقن أنني عاهرة من الدرجة الأولى... على الأقل العاهرات تتخذ إحتياطاتها....أنا مجرد غبية..)
تداعت رجلاها لتسقط هي الأخرى تقابله بوجهها المبلل ثم أكملت كلامها :
(جربت الإجهاض....لكن لم أستطع قتل تلك البرعمة الصغيرة بسبب غلطة مني...إبنك أم إبنه ....فأنا أمه ..يعني لا تقلق عش حياتك لم أخبرك لأعكرها )
إنفجر وسيم في ضحك مرير....يرتجف بقوة و قد إحمر وجهه جدا ثم رد عليها بنبرة تحوي سخرية واضحة :
(تعلمينني أن إحتمال أن يكون إبني موجود...ثم تعلمينني أن أعيش حياتي كما لو أنكِ قلتي شيء عادي....ما أغباك....أنا لن أترك إبني ينادي رجل غيري بأبي..وإن كان هذا الرجل هو من سرق حب حياتي....ضعيها في رأسك عزيزتي)
شحب وجهها فجأة قائلة له بتلعثم:
(ماذا ستفعل تفضحني أمام العالم أنني خدعت زوجي وحملت من غيره ثم هل نسيت زوجتك....عائلتك )
إبتسم وسيم بكل ثقة ثم قال بحدة :
(لا يهمني أحد....تبا لهم جميعا )
نهضت لمياء مبتعدة عنه بسرعة....وهذه المرة ستخرج من هذه الغرفة بكل تأكيد....وقبل أن تخطِ رجلها الثانية عتبة الباب سمعت همسته الأخيرة :
(تفصلنا تسعة أشهر لمياء...ليتنعم بتلك التسعة إذا كان مني وليتنعم بالباقي إذا كان منه )
ثم صفقت الباب وراءها هامسة في نفسها:
(تسعة أشهر إذا كان إبن تيم فهي مكرمة وإذا كان إبن وسيم ستودع كرامتها وحياتها...)
*يتبع*
*الرجاء منكم دخول المجموعة التي رابطها موجود في الوصف*
*شكرا لكم*
أنت تقرأ
أرغب بكِ 🔞
Romanceكيف إستطعت فعل هذا ! ....أزاحت بعينيها ترفض مواجهته واكتفت بالصمت فقط .... فتقدم منها ببطأ لا ينوي على خير أبدا ! هي ليست سوى له هو فقط ....... قصة لا تناسب جميع الأعمار 🔞