كنتُ بصحبة والدَيّ في إحدى المتاجر الكبرى لشراء بعض المستلزمات للبيت مِن أغذيةٍ؛ كما تدرون للشّهر الفضيل نوعياتٌ خاصّةٌ مِن المشاركات من لوازم السّحور وتجهيزات حلوى العيد.
لكن لفتَ انتباهي زحام المشترين حول السّلع خصوصًا المخفّض منها، سرعان ما تنفذ الرّفوف وسرعان ما يجيء عمّالٌ بعرباتٍ صغيرةٍ ويملأون تلك الرٌفوف بغيرها مِن السّلع بسرعةٍ.
انتهينا مِن الشّراء وخرجنا مستقلّين سيّارة أبي، وكان والدَيّ يتحدّثان حول فروق الأسعار وما دفعوه، لكنّي كنتُ لا أزال شاردةً في هيئة عمّال المتجر وهمّتهم.
انتبهتْ إليّ أمي وسألتني:«فيمَ تشردين؟ هل أردتِ شيئًا ونسينا إحضاره؟»
أومأتُ نافيةً وقُلتُ:«إطلاقًا أمّي... وذكرتُ ما كنتُ شاردةً فيه.»
فأجابتني ضاحكةً:«إنّه عملهم يا ابنتي خاصةً في مثل هذه المواسم...»
فأكمل أبي:«إنّ التّاجر الماهر هو مَن يقتنص الفرص يا ابنتي؛ مؤكّدٌ هو يبيع ويكسب طوال العام لكن بيع وكسب فترات المواسم عادةً ما تكون مضاعفةً عن غيرها، لذلك عليه الاهتمام وحسن الاستعداد كي يفوز ويحصل على الكسب المضاعف وإلّا سيضيع الموسم عليه هباءً منثورًا.»
فعقّبتُ:«كأنّه يعدّ نفسه قبل الشّهر الفضيل.»
فقال:«أكيد، التّاجر عندما يعلم قيمة المواسم يعدّ العدّة ويبذل كُلَّ ما في وسعه لاستغلال ذلك الموسم أفضل استغلالٍ وعلى أكمل وجهٍ، فيعدُّ مِن البضائع والسّلع بكمياتٍ كبيرةٍ، إضافةً إلى كادرٍ مِن العمّال المجدّين مَن يعملون باجتهادٍ دون استهتارٍ كما رأيتِ...»
أومأتُ برأسي مؤيِّدةً لكلمات أبي، وما كدتُ أنْ أعود بظهري للخلف كي أسترخي بمقعدي حتى وجدتُ أبي مكملًا حديثه بسؤالٍ:«ألم تنتبهي غاليتي لوجه الشّبه بين حال التّجار بمختلف مجالاتهم سواء لبيع الملابس أو الأغذية، وغيرهما؟»
فأومأتُ نافيةً كوني لم أفهم ما مقصده مِنْ كلماته هذه!
فقال يجيبني:«ألسنا في موسم رمضان؟!»
أنت تقرأ
تحدي سلام: دونكَ.
De Todo«دونكَ يا إله لا نجاة ولا سلام.» رمضان.. دائمًا يأتي مهللًا، جالبًا معه الخيرَ والعطاءَ. فكلما كسرتنا الدنيا جبرنا فيه عطف خالقه، وكلما اشتدتْ بنا الحوجةُ اغرقنا الله فيه بكرمه، وكلما ابتعدنا عن الله، جاء رمضان لنتقرب فيه أكثر له. وفي هذا العام، وكك...