P/29

1.5K 45 42
                                    

-
كان مو مستعد يشوف اي شخص ايًّا كان ، من بعد مصعب حرفيًا ولا شخص ممكن يملئ الفجوة والألم اللي بداخل صدره ، ذكرياته ومشاعره السيئة تحاوطه من كل مكان وعايش بسوداويه كبيييره ،
فقده لمصعب ، وفقده لنفسه اولًا ، وفقده لوظيفته اللي لطالما تنمناها وسعى لها .. والمرض اللي اصابه ! وتعلقه بالدخان..
تحطّمت معنوياته كامله ، فقد شغفه بكل شي كل شي ثقيل عليه حتى النَفَس اللي يتنفسه ! ، كاره نفسه الف مرّه وكرّه ..
رصّ على اسنانه وهو يحاول يتمالك نفسه ويكتم شهقاته لكن عجز وشهق وبدأ يبكي وسط حضن راشد اللي شدّ عليه وهو يمسح على شعره بحنيّه..
دقايق الّا وبعّد سهيل بسرعه عن راشد وهو يدفّه وهو يمسح وجهه وببحه : وخّر عني ، رفع تيشيرته ومسّح فيه وجهه وهو يقول بنبرة فيها رجفة طفيفه : اتركني واطلع مااحتاجك ولا احتاج احد.
راشد زفر بقلّة حيله ، لكنه ابتسم ورجع جلس بمكانه وهو يفتح اللاب من جديد ويقول : طلعتك بين يديني ، خلك عاقل ونام واليوم العصر اطلعك ..

العصر :
ركب سهيل السيارة من باب الراكب وهو يتأفف ومتجاهل توصيات وتذكيرات راشد بكلام الطبيب ، ركب راشد السيارة وهو يحط اكياس الأدوية وجهاز قياس الضغط اللي توّه اشتراه بالمرتبة الخلفية ، شغّل سيارته وتنهّد وهو يناظر لسهيل اللي صادّ للشباك ومتكتّف وشارد باللي قدامه ، وملامحه الحزن فيها واضح ، حرّك راشد سيارته وهو متجه للعمارة ، من استوعب سهيل الطريق نغزه قلبه وتوّه يتفطّن انه بيكون معهم بنفس العمارة! ، والأدهى والأمرّ انه ساكن مع مصعب بنفس الشقة !! .
توتر واضطربت انفاسه والتفت بسرعه لراشد : ماابي اروح هناك ، و ودني فندق بـ بـنام فيه .
راشد التفت لسهيل وناظره بنظرات شديدة بعدها رجع يناظر الطريق وهو يقول بجديّه : اسمعني عاد هذي شقتك ومن فلوسك ، ونصها لك ( نصف له ونصف لمصعب ) ، وانت زيك زي زياد اخوي ، واخواني ما يجلسون الا بجنبي وبقربي .
سهيل عجز يتحمل وانفجر صرخ : ماني اخوك ماني اخوك اترررركني بحالي يالـ*** ماعندك كرامة ماتفهم ماتفهم ؟؟ .
راشد شدّ على الدركسون اللي بين يديه وضغط على الفرامل بقوّة وهو يوقّف على جنب الطريق ، التفت بعصبيه لسهيل ونطق : يعني بتتركني ؟ وين اللي وعدني يكون جنبي بكل الاحوال؟ ، المخزن مين بيساعدني فيه ؟ ولا تبي حلال ابوي وابوك يضيع زي ما ضاع وضعنا حنا وانسجن مرّه ثانية ؟ .
سكت سهيل بقهر وناظر قدامه وهو ينطق بقهر : لا تستعطفني يا راشد قلت لك ماابي .
راشد بجديّه نطق بشدّة: مااستعطفك يا سهيل لازم تساعدني مو بكيفك ! هذا حلالي وحلالك ! ، تعدّل بجلسته وناظر لسهيل : بعدين علمني بالله عليك وين بتروح ؟ .

التفت سهيل لراشد بصدمه من سؤال راشد اللي نغز له قلبه ، تجمّعت الدموع بعيونه وشدّ على يدّه بقهر .
راشد : مالك غيري مالك غيرنا تحمّل هالحقيقة حتى لو كانت قاسية ، مدّ يده وطق اصبعه براس سهيل : وهالراس اليابس مصيره يلين .
سكت سهيل وناظر قدامه وانجرح من كلام راشد ، هو فعلًا ماله احد ، لا اب ولا ام ولا اخ ولا اخت ولا حتى اقارب .. ماله غيرهم ، لكن اللي يسواهم كلهم وينه ؟ ..
وقّف راشد سيارته بالمواقف وهو يقفلها ويسحب الاكياس اللي ورى : ترا مصعب موجود بالشقة هو وراكان وزياد ..

وصارت كل أسئلتي لِماذا ؟..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن