P/33

1.9K 56 5
                                    

-

مجرّد ما نطق نواف كلمته الأخيرة التفت سهيل وصرخ باندفاع وبصوت عالي: ماتغيرت ماتغيرت !!! انا ماتغيرت هم اللي تغيروا هم السبب ! .
نواف بهدوء : لكن سهيل اللي قدامي مو سهيل اللي شفته واللي اعرفه ، واللي اقصده بإنك تتغير مو تترك الدخان،انا ياسهيل اقصد شخصيتك اطباعك عيونك ونبرة صوتك وحتى نظرتك ماعادت ذيك اللي اعرفها ! ، بلل شفتيه وعقد حاجبيه وهو يقول : سهيل خل الدخان على جنب ، انت انت وش غيّرك ؟ علمني وش صاير مين وصلك لهالحال ؟
سهيل تاهت نظراته بنواف وارتجف لأول مره يحس هالسؤال موجه له هو مو لأفعاله وسواياه .. تقوّست شفايفه وصدّ عن نواف وهو يعضّ على شفته ويغمّض عيونه ..
مرّت دقيقتين صامته الى ان نطق سهيل بتردد وبنبرة فيها الغصّه واضحه : لو اقولك ان قلبي تكسّر يكفي ؟ .
التفت لنواف وكمّل برجفه : انكسر قلبي لدرجه ... ، عضّ على شفته بألم وهو يغمّض عيونه ثم فتحها ونطق بعد ما بلع ريقه وبنظرة حزينة : تعرف لما ينكسر قلبك لدرجة مافي شي ممكن يجبره ؟ الدنيا ماتسوى بعينك شي لا صحتك لا علاقاتك ولا حتى نفسك تهمك .. ميّل شفته وهو يناظر قدامه بضياااع : ينطفي كل شعور فيك لا حب يمكن يجبر قلبك ولا حضن يحسسك بأمان ولا حتى شي يخليك ترجع تحاول من جديد ، ينمحي كل شي .. ماصرت اناظرهم بنفس النظرة ، ماصرت احس معهم بالأمان يا نواف ، صرت اخاف وقت ما يقرب لي واحد منهم ، وش يضمن لي انه بعد هالحضن ماتجي منهم طعنه ؟ ماصرت اصدق اي كلمة حنونه تطلع منهم لأن وش يضمن لي ماتجي كلمه تكسرني بكره ؟ سكت وهو يبلع غصته وناظر لسيجارته اللي بيده ونطق بغصه وبنبرة مرتجفه: بنفس الوقت ابيهم وابي قربهم لأن .. ، سكت وغمّض عيونه اللي مجرد ما قفّل جفونه سالت دموعه اللي كانت متجمعه بعيونه ، كمّل بنفس النبرة : لأن مالي غيرهم ..
ختم كلمته وهو ينزّل راسه بضعف شديد وبدأت شهقاته الخفيفه تظهر من جديد ، ماحسّ الّا ونواف اللي وقف قدامه وتقدم له بهدوء واحتضنه متجاهل ريحة الدخّان متجاهل كل شيء ، سهيل اللي ضعف امام هالحضن مو لأنه من نواف انما لأنه من شخص غيرهم غير عن الشعور اللي يرواده وقت ما يحضنه مصعب او يهتم فيه راشد .. مايجيه ذاك الشعور اللي يلعب بمشاعره مابين خوف وأمان .. طاحت سيجارته من يده وسالت معها دموعه عجز يرفع يدينه ويبادل نواف لكنه ارخى راسه على كتف نواف وبدأ يبكي ولأول مره يبكي من قلبه بدون اي حواجز بدون اي شخص ممكن يقيده ..
مرّت دقايق نواف اللي ما بعّد انما تارك سهيل على راحته وسهيل اللي ارتخى وبدأ يتعب من الأرهاق ، يكفيه اليوم الطويل اللي عاشه من لحظة ما صحى ومواجهته مع مصعب واعصابه اللي تلفت وكمية المشاعر الثقيلة على قلبه مره وحده وعدم استيعابه للي صار ونقاش راشد اللي زاده ألم وكسر قلبه زيادة ، وسفره للرياض وتواجده بالمكان اللي بدأ فيه اول ايام وحدته وشتاته وكأنه رجع لنقطة الصفر من جديد .. والأهم هو انه ما أكل ولا شرب شي من الصباح ولا دخل بفمه شي غير الدخّان ..
بدأت جفونه ترتخي وعجز انه يتحمل ويسيطر على نفسه ونواف اللي توسّعت عيونه من بدأ يحسّ بثقل سهيل عليه ، بعّد عنه بسرعه وهو ماسك سهيل اللي بدأ يرتخي ورجوله ماعادت تشيله مسكه نواف ومشى فيه للسيارة وركبه وهو يربط له حزام الأمان وقفّل الباب وركب من الجهة الثانية ..

[ مرّت الساعات الى الـ 1:40 صباحًا ] :
كان الجميع قلقان من اختفاء سهيل المفاجئ ، وجواله اللي مغلق ، وادويته اللي اختفت ، كان في شي غير طبيعي صاير لكن محد فاهمه ! ، واكثرهم خوفًا مصعب اللي قلبه ناغزه من اليوم وراكان يحاول يهديه ويطمنه ، اما راشد اللي كان حاس وبقوّة ان سهيل سافر بسبب كلامه اللي ندم عليه راشد أشدّ الندم ، كانت لحظة غضب وقهر على سهيل ..
بمكتب راشد ، متجمعين بمختلف الأشكال ، راشد اللي جالس بمكتبه ويخلّص بعض المعاملات وباله بعييد ، مصعب منسدح على الكنب وراسه على فخذ راكان اللي يمسح على شعره بهدوء وبيده الثانيه جواله ، اما زياد نايم على الكنبة الثانيه بتعب ..
عجز يتحمّل مصعب وفزّ بشكل مفاجئ ونطق : اللي جالس يصير مو طبيعي وينه ! .
راكان عقد حاجبيه وحط يده على ظهر مصعب : مصعب اهدأ اكيد انه بمكان هنا يشمّ هواء تعرف مو طبيعي هاليومين اكيد قرر يبعد يهدأ شوي .
مصعب بقهر : راكان لا تعلمني فيه يا راكان ، سهيل ما يختفي عبث مايختفي كذا ! جواله مقفول وادويته مختفيه بياخذها معه تشمّ هواء يعني ؟ .
راكان برغم ملامحه المعقوده كتم ضحكته على جملة مصعب الاخيرة ، راشد اللي نزّل اللي بيده ويناظرهم بصمت تنهّد ونزل عيونه وهو يفكر .. بلع ريقه بتوتر ثم رفع عيونه لهم ونطق : بقولكم حاجة .
-

وصارت كل أسئلتي لِماذا ؟..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن