رِسَالَةُ يُونْغِي.

214 22 93
                                    

السَاعَةُ الأَن الرَابِعَةُ صَبَاحاً..
السُكُون يُحِيطُ بِهَا
تَسمَعُ صَوتَ دَقاتِ السَاعَه
و قَطَراتِ المَاءِ الصَغِيرَه
المُتسَلِلَه مِن صُنبورِ المَاء الخَاصِ بِمَطبَخِها
تَركِيزُهَا شَدِيد
و حَواسُها فِي حَالةِ يَقظَه عَاليَه
لَقد جَفَاهَا النَومُ مُجدَداً
مُنذُ لِقائِها مَع آثّ مِن شَهرٍ مَضَىٰ
إِستَقامَت و إِرتَدَت مَلابِس
ثَقِيلَه و قَرَرتْ أَن تَتمَشىٰ قَلِيلاً
قَد يَكونُ الجَوُ بَارِداً قَليلاً
و الوَقتُ مُبَكِر
لَكِن لا بَأسْ.

خَرجَت و أَخذَت تَجُول شَوارِع دَايغُو الفَارِغَه
الهَادِئَه و البَارِدَه بِهَذَا الوَقت
إستَمرَت بِالتَجُول
إلَي أَن دَقَت السَاعَه السَابِعَه
جَلسَت عَلي مِقعَد فِي حَديقَه عَامَه فَارِغَه
الثَلج يُحِيطُها مِن كُل حِدبٍ و صَوبْ
شَردَت فِي أَفكَارِهَا الخَاصَه
إلَي أَن شَعرَت بِيَدٍ تَمتَدُ
أمَامِها
فَنظَرت لِكوبِ الشَاي الَذي يتَصاعَد مِنهُ
الأَبخِرَه الدَافِئَه و الرَائِحَه المُنعِشَه
نَظرَت لِمَن أمَامِها
فَأبْصَرَت رَجُلاً كَبِيرَاً بِالسِن
بِمَلامِح بَشُوشَه
و لِحِيَه كَبيرَه و تَجاعِيد كَثِيرَه تُحيطِ عَينَاه
عِندَما أصْهَبَت النَظر لَه
تَحَمحَم مُبتَسِمَا
و تحَدَث بِنَبرَه خَافِتَه مُتعَبَه، قَائِلاً
" لاَ أَعرِفُ مَا يَشغَلُ بَالَكِ سَيدَتِي الجَمِيلَه، لَكِن
دَائِماً شَايُ الكَركَدِيه أَفضَل طَرِيق
لِلأستِرخَاء."

إبتَسمَتْ و كَانت عَلي وَشَكِ أَن تَرفُض
لَكِنَهُ سَبقَها بِقَولِه ضَاحِكَاً
" لا تَقلَقِي سَيدَتِي لَستُ بِشَخصٍ سَيئ
يَودُ خَطفَكِي. "

تَورَدَت وَجنَتَها و أَخذَت الشَاي مِنه
مَع إبتِسامَه رَقِيقَه شَاكِرَه
إيَاهُ
أُومِأ بِرَأسِه مُحَافِظَاً عَلي مَلامِحهُ البَشُوشَه
و إلتَفتَ مُغَادِرَاً
و جَلسَ بِمَكانٍ لَيس بِبَعيد
دَاخِل كُشكٍ صَغِير لِتَحضِير القَهُوَه
إرتَشَفَت مِن الكُوب
و إِستَمرَت بِمُراقَبَة ذَلِك الرَاجُل يُحَضِر المَشرُوبات
لِزبَائِنِه بِأَكبَر إبتِسَامَه يَملِكُها
و يُحادِث كُل مَن يَرِدَهُ بِحَمَاس و تِلقَائِيه
يَأتِيه النَاس عَابِسِي الُوجُه
و يَرحَلونَ بَشُوشِين مُستَبشِرين
لَم تَتعَجَب
فَمذَاقُ الشَاي بِيَدِهَا كَالسِحر
بَقَت عَلي هَاتِه الحَاله مَا يُقَارِب النِصفَ سَاعه
ثُم حَملَت نَفسِها، و الكُوب الفَارِغ مُتَجِهَه
لِذَلِكَ الكُشك
وَصلَت لِعِندِه و وَضعَت الكُوب الفَارِغ بِسَلَةُ
المُهمَلات، و حَادَثَت الرَاجُل:
"شُكرَاً أيُها العَم، لَقد كَان الشَاي لَذِيذَاً
لَقد سَاعَدنِي كَثيرَاً
كَم تَكلِفَتُه فَضلاً؟"

ضَحِكَ الَراجُل، قَائِلاً:
"إبتِسَامَه نَابِعَه مِنَ القَلب."

فَقَضبَت جَبِينُها مُتعَجِبَه:
" لَم أَفهَم، كَيف!"

مرحبآ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن