أشهر مجهول

7 2 0
                                    

(جاك السفاح) أو (جاك الممزق) (Jack The Ripper).. اسم شهير جدا في عالم الإجرام.. وربما سمعت -عزيزي القارئ- بهذا السفاح أو قرأت اسمه في مقال أو رواية.. خاصة وقد تم التطرق له في العديد من الأعمال السينمائية والأدبية بالفعل.. ليس بسبب وحشيته بارتكاب الجرائم فحسب.. فهناك من كانوا أكثر وحشية منه.. لكن لأنه أشهر سفاحي العالم غموضا.. إذ لم يتم القبض عليه أو كشف هويته أبدا!!.

‫ لقد كان (جاك) قاتلا متسلسلا متخصصا بقتل النساء دون سبب مفهوم.. وارتكب الكثير من الجرائم في محافظة (وايتشابل) (Whitechapel) في (لندن) أواخر القرن التاسع عشر.. تحديدا في الفترة 1888-1891 ميلادية.. إذ كان يمزق جثث ضحاياه ويقوم بتشويههن بالكامل قبل سرقة أعضائهن الداخلية كالكلى والقلب!!!.. مما أثار الأقاويل في البداية أن يكون هذا السفاح عبارة عن طبيب مثلا أو شخص يقوم بتجارب معينة.. والبعض قال أنه ساحر.

‫ والغريب أن هناك عشرات الرسائل المكتوبة بخط اليد كانت تصل للصحف باستمرار يدعي صاحبها أنه القاتل.. وكانت مذيلة باسم (جاك) هذا.. بل وأرفق مع إحدى الرسائل جزءا من كلية آدمي.. فأطلقت الصحافة على تلك الرسالة لقب: (رسالة من الجحيم)!!!.. وأطلقت بسببها على القاتل لقب (جاك الممزق).. نسبة لتمزيق وتشويه جسد ضحاياه.

‫ ولا يمكن لأحد أن يتخيل كيف كانت (لندن) في تلك الفترة.. إذ خيمت عليها أجواء الخوف وعاش أهلها برعب هائل بسبب تلك الجرائم البشعة.. مما جعل رجال الشرطة يملؤون شوارع المدينة آنذاك.. خاصة وأن القاتل كان يرتكب جرائمه في أماكن مختلفة.. فبعضها تمت في الأحياء الداخلية للمدينة.. وأخرى في شقق الضحايا نفسها.. لذا فقد وصل الأمر برجال الشرطة إلى طرق أبواب جميع بيوت محافظة (وايتشابل) للتحقيق مع الأهالي.. وتفتيش عدد كبير من تلك البيوت وأخذ ما يلزم من أدلة أو قرائن قد تفيد التحقيقات الجنائية.. حتى وصل عدد الأشخاص الذين خضعوا للتحقيقات إلى حوالي 2000 شخص.. بل وقام رجال الشرطة بالقبض على 300 مشتبه بهم.. والتحقيق مع أطباء وجراحين -وحتى جزارين- بسبب الأعضاء البشرية التي كان يأخذها القاتل من جثث ضحاياه.. كل هذا دون فائدة تذكر.. خاصة بعد أن تبين من فحص الجثث أن سرقة أعضاء الضحايا لم تتم بطريقة تخصصية.. أي لم تكن على يد جراح أو طبيب.. بل كانت عشوائية.. كما أثبتت التقارير الطبية عدم حدوث أي اغتصاب للضحايا إن كان هذا ما سيتبادر إلى أذهان البعض.

‫ وقد قامت الحكومة البريطانية آنذاك برصد مبلغ كبير من المال كمكافأة لمن يقبض على القاتل أو يدلي بمعلومات عنه.. وخرج عدد كبير من المتطوعين في الشوارع لمساعدة رجال الشرطة في البحث عن القاتل الذي رجحت السلطات أنه على الأرجح أحد سكان المدينة بسبب تمركز الجرائم فيها.. بل وربما يكون موظفا أو عاملا.. لأن جرائم القتل كانت تحدث في عطل نهاية الأسبوع.. مما يوحي أن القاتل موظفا أو عاملا ويمارس جرائمه في العطل.. أو ربما ارتكب جرائمه لمنحنا هذا الانطباع؟!.. لا أحد يعلم.

‫ وفي خطوة أخيرة يائسة.. قام رجال الشرطة بتوزيع صور من رسائل القاتل على الناس.. لعل وعسى يعرف أحدهم صاحب تلك الرسائل من خلال خط اليد مثلا.. لكن دون جدوى.. لتستمر التحقيقات بضع سنوات قبل أن تتوقف تماما بعد أن توقف مسلسل الجرائم دون سبب واضح.. وتظل القضية مبهمة غير واضحة حتى يومنا هذا.. لتتحول إلى مجرد أسطورة يتناقلها الناس وتخيف بها الجدات أحفادهن في قصص ما قبل النوم.. كحال قصص الأشباح التي يتناقلها الناس في جميع المجتمعات.. الفارق أن قصص القتل هذه كانت حقيقية بالطبع.

‫ ومنذ سنوات قليلة فحسب.. تم افتتاح متحف خاص عن تلك القضية بعد أن وضعت فيه الحكومة البريطانية كل ما لديها من وثائق ومقتنيات عن (جاك السفاح).. ليتوافد الزوار من كل أنحاء العالم إلى هذا المتحف ويرون ما تبقى من الرسائل وما تناقلته الصحف آنذاك.. لكن يبقى المجرم مجهولا.. وتظل القضية غامضة معلقة لم تغلق إلا بفعل الزمن.. فهل هناك مجرم اسمه (جاك السفاح) بالفعل؟!.. أم أن الجرائم كانت تتم بفعل عدة مجرمين وليس مجرما واحدا مثلا؟!.. ومن هو صاحب الرسائل التي وصلت لوسائل الإعلام آنذاك؟!.. ولماذا توقفت تلك الجرائم فجأة؟!.. لا أحد يعلم.

وراء الباب المغلقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن