الحاكم بأمر الله الفاطمي

13 2 0
                                    

(الحاكم بأمر الله) هو ثالث الخلفاء الفاطميين لـ(مصر).. وهو من الشخصيات التاريخية التي أثارت تساؤلات لا حصر لها.. إذ أن سيرته مليئة بالغرائب والعجائب.. وحتى موته -أو اختفائه- يعتبر لغزا عجز المؤرخون عن كشف لثامه.

وقد كانت شخصية (الحاكم بأمر الله) قوية جدا استمدها من الغموض الشديد الذي يحيط به نفسه.. مع أوامره التي كانت متناقضة إلى حد أثار دهشة الناس في تلك الفترة من الزمان ودهشة المؤرخين فيما بعد.. إذ يذكر لنا التاريخ أن (الحاكم بأمر الله) قد أصدر قانونا صارما ذات مرة ينص على معاقبة من يشتم صحابة الرسول (عليه الصلاة والسلام).. وبعد أيام قليلة من هذا القرار.. أمر بشتم الصحابة علنا في المساجد.. والأغرب من هذا ما فعله مع اليهود والمسيحيين عندما أصدر قوانين باضطهادهم ومعاملتهم كبشر من الدرجة الثانية.. إلا أنه وفي نفس الوقت كان يقربهم إليه ويحسن معاملتهم.. ثم إنه كان يأمر بهدم الكنائس ومعابد اليهود.. ليأتي بعدها بفترة وجيزة ويعيد بناء ما هدمه من أمواله الخاصة!!!.. بل وتذكر كتب التاريخ أنه أصدر قوانين مشددة بمنع شرب الخمر.. مع منع زراعة فاكهة العنب التي تستخدم لصناعة الخمور.. وفي نفس الوقت ساعد التجار على تهريب الخمور وبيعها سرا على الناس.

‫ كما أعلن خلال فترة حكمه بأنه يكره الكلاب كثيرا وأمر بمطاردتها وقتلها.. في حين أنه كان يربي الكلاب في قصره ليطلقها ليلا إلى الشوارع!!!.. وربما من أشهر قوانينه الغريبة حظر التجول الذي فرضه على الناس مهددا من يخرقه بالقتل.. وكان حظر التجول يمتد من بعد صلاة العشاء لغاية أذان الفجر.. حتى أن مدينة (القاهرة) لم يكن يُشاهَد بها أحد أو يُسمَع بها أي صوت ليلا.. فكانت أشبه بالمقبرة أو بمدينة تسكنها الأشباح!!.

‫ لقد ظنه البعض مجنونا.. وظنه البعض الآخر على اتصال بالجن لأنه كان في فترة من حياته منكبا على دراسة العلوم الروحانية.. في حين اعتبره آخرون مصابا بمس شيطاني.

‫ والواقع أن موت هذا الرجل يعد لغزا آخر بحد ذاته.. إذ تذكر كتب التاريخ أن (الحاكم بأمر الله) قد ركب حماره في ليلة الاثنين 27 شوال عام 411 هـ متجها إلى جبل (المقطّم) مع اثنين من الخدم كمرافقين له.. وبعد خروجه من (القاهرة) وتوغله في المنطقة الجبلية.. اختفى مع الخادمين تماما دون أي أثر!!.. ولم يعرف أحد ما حدث له.

تساؤلات كثيرة أثيرت حول حياة هذا الرجل الذي يعتبره المؤرخون سرا من أسرار التاريخ.. فما هو سبب الغموض الشديد الذي كان يحيط به نفسه؟!.. وما هو سبب التناقض الشديد في قوانينه التي كان يخرقها بنفسه أحيانا كثيرة؟!.. وكيف اختفى؟!.. هل قتل؟!.. على الأرجح نعم.. وربما كانت هناك مؤامرة للتخلص منه وإنقاذ الناس من تصرفاته الغريبة.. لكننا لا نعرف من قتله إن كان قد قتل فعلا.. ولا نعرف أين اختفت جثته.

وراء الباب المغلقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن