جَارٌ جَدِيدٌ.

315 11 0
                                    

أفقت من نومي علي صوت صراخ أبي.. كعادته كل يوم..
"انهضي ايتها السخيفة! انها التاسعة صباحا ولم تنهضي!؟"
نهضتُ بصمت ونظرت له.. لقد اعتدت كل هذا..
"آسفة ابي. سأذهب للحمام لأغتسل ثم آتي لأعد لك الفطور."
نهضت مبتسمة له ليهدأ.. اقتربت وقبلت جبهته ويده ثم ذهبت للحمام..
وقفت أراقب وجهي للحظات.. لم أغلق الباب بعد فقال والدي:
"لدينا جار جديد انتقل فجرًا.. أصبح يسكن أمامنا.."
التفتُّ له، كنت واثقة أنه سيقولها..
عددت عدا تنازليا في سري.. ثلاثة.. اثنان.. واحد..
"وأنت ماري.. ستذهبين وحدك؛ لزيارته و إلقاء التحية عليه."
تنهدت.. أكره الغرباء وجميع الرجال والفتيان وهذا كله..
كنت متوترة من لقاء شخص جديد وغريب..
عدت لأنظر لوجهي وأغلقت خلفي الباب..
أراقب خصلاتي الشقراذ الساحرة في نظري.. عيني الرماديتان الفاتنتان.. و جسدي الرشيق..
وجهي شديد الصفاء، لدرجة أنني أحسد نفسي عليها...
ابتسمت لأصعب مشاعر إعجابي اكثر، أشعر أنني اميل لنفسي أكثر من الذكور.
تري هل سيكون ذلك الشخص مخيفا؟.
_______
انهيت فطوري، ونهضت لأذهب لغرفتي..
ارتديت ثيابا زاهية، غير كاشفة لأنني فتاة مهذبة..
وضعت بعض المكياج علي عنقي ويدي؛ لأخفي علامات الضرب الذي اتعرض له..
ربطت شعري لأعلي، واتجهت نحو المطبخ..
كانت امي واقفة هناك، تتحدث في الهاتف.. سألتها عن الحلوي التي اشتراها والدي فاخرجتها لي من البراد..
"شكرا أمي. سأذهب لمقابلة جارنا الجديد.."
كعادة امي، تجاهلتني ولم تعلق.. خرجت فنظر لي والدي..
"عليك أن تبدي مثالية جدا! لما لا ترتدين ثيابا افضل؟"
"هذا اجمل ثوب لدي ابي.."
رمقني بتقزز من اعلي لأسفل، ثم صعد لأعلي..
ذهبت نحو الباب وفتحته، ثم اتجهت نحو منزل الشاب الجديد..
طرقت الباب، وانتظرت للحظات لأسمع صوتا هادئا غير متوازن من الداخل يجيب:
"لحظة واحدة.."
جلست لدقائق ليفتح الباب لي ويبتسم، وسألني:
"من أنت؟"
"انا ماري. جارتك الجديدة. أسكن بالمنزل المقابل لك.."
"انت ابنة السيد إلياس؟"
اومأت بكثرة، فرحب بي، وأدخلني..
كانت رائحة وجهه و غرفة جلوسه تعطي انطباعا بأنه كان يشرب الكحول لتوه.. لما يفعل وقد جاء بالأمس فقط؟
أعرف هذه الرائحة لأنها رائحة ابي وزجاجاته..
رأيت صناديق مترامية في كل مكان.. يبدو أنه لم ينهِ عمله هنا..
لم أتجول بنظري كثيرا.. ملامحه باردة ولكنه بدا لي ودودا جدا..
"تفضل"
أعطيته علبة الحلويات، فابتسم لي باتساع، وقال:
"أشكرك آنسة ماري. انا يوليان."
أومأت، وقلت:
"تشرفت"
جلست، وضع علبة الحلويات جانبًا وجلس أمامي..
تأملت ملامحه للحظات، كان وسيما وقد شعرت أنني مجذوبة نحوه لثواني..
"أنت ابنة السيد إلياس؟"
انتفضتُ، مفيقة من شرودي، وأجبته:
"نعم!"
ابتسم، وقال:
"تبدين صغيرة بعض الشيء.. كم عمرك؟"
ترددت و كنت خائفة من إخباره حتي لا يعاملني كطفلة..
"س. ستة عشر.."
ابتسم و اقترب قليلا:
"انا خمس وعشرون. تشرفت."
"الشرف لي سيدي.."
أومأ:
"لا تناديني سيدي. انا يوليان"
أومأت، فنهض ليعد شيئا بالمطبخ.
نظرت للوحة كانت علي الحائط.. نهضت واقتربت منها.. كان يوليان - أو شخصٌ يشبهه - فيها مع رجل مألوف بالنسبة لي..
اقتربت أكثر لأراقب الصورة عن كثب.. لم ألحظ هذه الحركة الوقحة التي قمت بها.. لست أفعل هذا أبدا، لأنني فتاة مهذبة..
نظرت للصورة بتمعن لأشعر بيد تمسك بكتفي، لأنتفض والتفت له..
ذات البسمة العابثة الفاتنة علي ثغره..
قلت بتلعثم مبررة موقفي:
"أ. انا آسفة.. لم أقصد أن.."
كنت خائفة أن يفعل شيئا غير متزن كابتسامته، ولكنه قال:
"كيف تتجولين بمنزلي!؟."
"نسيت سيد يوليان أنا أعتذر. لم اقصد بحق.."
كنت ارتجف، فأمسك معصمي..
اتجه نحو الأريكة التي كنت جالسة عليها واجلسني.
"ابقي هنا. المرة القادمة لن يحدث خير.."
مرت لحظات فنهضت بمجرد دخوله، التقطت صورة لتلك التي علي الحائط، وهذه المرة امسك كلا كتفي وأدارني لأواجهه..
صورته عوضا عن الصورة دون قصد.. أخذ هاتفي ووضع جانبا ودفعني للحائط كي يحاصرني...
وتذكرت للحظة أنه سكير.. كنت ارتجف كذيل حية بالمعني الحرفي..
هذه المرة قلت بكل صراحة:
"انا آسفة. كنت أود أن أعرف من بالصورة.."
"وما خصك في هذا!؟"
"أنا.."
"ما خصك!؟"
نظرت له في صمت وانا ارتجف.. قلت بأمل مفقود:
"يمكنني غسل الصحون لك ولكن لا تفعل لي شيئا.."
قرب وجهه مني، وهمس:
"أعلم أنك لم تفعلي شيئا سيئا لتلك الدرجة. سأعطيك عقابا خفيفا جدا.."
ابتسم لي ابتسامة لئيمة ثم عاد للمطبخ..
عدت مكاني وأخذت هاتفي، فتحت صورته تلك التي اخذتها رغما عني..
كانت صورة رائعة حقا.. اغرمت بتلك الصورة وقررت اني سأنام جوارها..
صحيح أنه ليس وسيما لتلك الدرجة ولكنه فاتن بطريقة تسحبني لسحره! كأنه سيف بتار يقطع كل من ينظر له وقد قطع فؤادي لأجزاء..
"تري بمَ سيعاقبني؟ أكيد سيخبر والدي!"
بعد دقائق عاد لي.. جلسنا نتحدث.. شربنا العصير وكأن شيئا لم يكن..
"هل تدخن؟"
نظر لي بصمت للحظات وأومأ، فقلت:
"و.. تشرب الكحول؟"
أومأ مجددا، فبادلته بإيمائة سلسة لطيفة..
" انت تبدو مختلفا ولطيفا.."
"هذا من ذوقك آنستي.."
"لقد أصبحنا اصدقاء.. نادني ماري فحسب."
ابتسم لي ابتسامة ساحرة، خالية من الخبث والشر السابقين..
اتمني لو اعرف كيف اكتب الأشعار.. لكنت تغزلت به منذ اللحظة الأولى التي رأيته فيها..
هذا كله إعجاب بالطبع. لا أحد يحب بهذه السهولة، حتي في الروايات..
"استأذنك للرحيل.. ابي سيغضب كثيرا إن تأخرت.."
أومأ، ونهض واقترب من الباب ليفتحه..
بمجرد أن اقتربت منه لأخرج، دفعني نحو الباب لينغلق مجددا، و حاصرني..
تفتق العقاب لذهني.. كنت اتسائل ما هو..
"هل تذكرين عقابك؟. مستعدة له؟؟"
نظرتُ له بصمت للحظات.. ولكنه كان ينظر لعنقي..
"ما هذا؟"
بتساؤل قال.. مشيرًا لكدمة تركت اثرًا بعنقي..
لقد ذهب المكياج بسبب تعرقي.. كنت اعرف أن ابي بخيل..
"ا. لا شيء. عاقبني سريعا.."
"ما هذا؟!"
نظر لعينيَّ بتساؤل.. حدث بيننا تواصل بصري للحظات..
"أرجوك لا تسبب المشاكل لي.."
تنهد ثم ابعدني عن الباب، وفتحه..
نظرت له بينما أفكر في العقاب، ثم خرجت سريعا واتجهت نحو بيتي مجددا..

I'm yours.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن