الشعناذا

1K 222 713
                                    


الفصل الأول -

في صباح السابع من يوليو، وتحت شمس بغداد الحارقة، وقف "منهل" أمام مستشفى القديس رفائيل مضطربًا، بينما كانت زوجته "براق" تتلوى من ألم الولادة داخل السيارة. بحث عن مساعدة، وجاءت معه ممرضة بطيئة، نقلت "براق" على كرسي متحرك إلى الداخل.

في غرفة الاستقبال، سألت الممرضة: "هل هذا طفلكما الأول؟" فأجابت "براق": "لا... السادس." دخلت "براق" غرفة الولادة، وبقي "منهل" في الخارج، غارقًا في أفكاره.

رغم حبه لبناته الخمس، كان يشعر بفراغ بسبب حلمه في إنجاب ولد. حاولت "براق" تهدئته سابقًا قائلة: "تزوج بأخرى إن أردت ولدًا." لكنه رفض الفكرة وشعر بالذنب.

في صالة الانتظار الباردة، جلس محاولًا تهدئة أفكاره. رغم راحته بذكر بناته، كانت رغبته بإنجاب ولد تزداد، كنداء لا يستطيع إسكاته.

بينما كان "منهل" غارقًا في أفكاره، شعر بتغير غريب في الجو، وكأن الهواء بات أثقل. رفع رأسه ببطء ليجد أمامه رجلًا طويل القامة بشكل غير مألوف، ذو بنية قوية، يحيط به ثوب داكن يزيد من غموضه. بشرته بيضاء شاحبة كأنها منحوتة من عاج، لكن عيناه هما ما أثار دهشة "منهل"؛ زرقاوان كوهج البرق في ليلة عاصفة، تشعان بنور مخيف يحمل في طياته طاقة لا يمكن تفسيرها، وكأنهما تحملان وعودًا أو تهديدات غير مرئية.

ظل الرجل يحدق في "منهل" بصمت، وكأن نظراته تخترق أعماقه، تدرس كل تفصيلة في روحه. شعر "منهل" بأن الوقت يتباطأ، ودقات قلبه تتسارع مع كل لحظة تمر. حاول أن يشيح بنظره، لكن شيئًا في حضور الرجل أبقاه مجبرًا على مواصلة التحديق، وكأن قوة غامضة تجذبه.

قطع الرجل الصمت بصوت عميق: "منهل."

ارتعش "منهل"، كيف يعرف هذا الغريب اسمه؟ همس بتوتر: "من أنت؟"

ابتسم الرجل ببرود: "بازوزو، خادم الآلهة السبعة. أنت تبحث عن أمنية... ولد، أليس كذلك؟"

شعر "منهل" بصدره يضيق. كيف عرف هذا السر؟ بصعوبة، تلعثم: "كيف تعرف؟

نظر بازوزو إليه بلامبالاة مخيفة وقال: "ليس مهمًا كيف أعرف. ما يهم هو أنني أستطيع أن أمنحك ما تريده... الولد الذي لطالما حلمت به."

شعر "منهل" وكأن الهواء من حوله أصبح أثقل، كأنه يخنق أنفاسه. همس بصعوبة: "كيف ستفعل ذلك؟"

أجاب بازوزو بنبرة مفعمة باليقين، وكأن الأمر محسوم: "ابنك القادم سيكون ولدًا. لكن... هناك ثمن."

شعر "منهل" بالارتباك، وبدأ الخوف يتسلل إلى قلبه، يزداد ثقلاً مع كل كلمة. سأل بصوت متقطع: "ثمن؟ ماذا تعني؟"

تغيرت ملامح بازوزو فجأة، وعيناه أصبحتا صفراء لامعة كأنهما مشتعلة بنار داخلية. ببرود قاطع، قال: "عليك أن تهبه لنا."

الشعناذاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن