الفصل العاشر

80 25 30
                                    

الفصل العاشر

إدريس يقف أمام برج بابل بعد خروجه من عيادة سعادة وتوجهه إلى بابل، مظهره يشبه الظل في ضوء القمر، وعيناه مغرورقتان بالدموع التي تأبى السقوط. ينظر إلى الأفق الواسع، ويرفع رأسه نحو السماء كأنه يبحث عن إجابة، ثم يصرخ بمرارة، كأنه يناجي الرياح: "تعال يا بازوزو! أين أنت؟"

في لحظات، يظهر بازوزو من العدم، تتلاشى ظلاله تدريجيًا أمام إدريس، وعيناه المعتمتان تلمعان بشيء من الفضول والغموض. يسأل بازوزو بصوت هادئ ولكنه يحمل صدى مخيفًا: "ماذا تأمر يا إدريس؟"

يرد إدريس بنبرة يملؤها التصميم والغضب: "خذني إلى نيرغالو… ذلك الملعون ما زال حيًا، وعندي ما أريد معرفته."

تردد ضئيل يعتلي وجه بازوزو، لكنه ينحني موافقًا، ثم ببطء، يمد يده إلى إدريس، ليحمله عبر العوالم إلى أعماق مدينة إريدو القديمة، حيث يختبئ المعبد المهجور. في تلك الأعماق السحيقة، بعيدًا عن ضوء الشمس ونسمات الهواء، تنعدم كل حياة، ويملأ الصمت المكان. هنا، حيث الزمن يتوقف عند أبواب المعابد القديمة، يطغى سكون خانق على الأنفاس.

يقف إدريس عند مدخل معبد "إي أبسو"، الذي يقبع في سجنه نيرغالو منذ آلاف السنين، عالم الأرواح الضائعة والكيانات المنسية. ظلام كثيف يملأ المكان، وعمق المعبد يبدو وكأنه بئر لا نهاية لها. حمل إدريس قوس نينورتا في يده، أداة قديمة تحوي في داخلها قوة لا يعرف أحد حدودها،

يتقدم بخطوات حذرة إلى داخل المعبد، متلمسًا الجدران الحجرية الباردة بيده، كأنها جدران الزمن نفسه. ينادي بصوت مرتفع كأنه يخترق الصمت الأزلي: "أعلم أنك ما زلت هنا… أجبني، أيها الجبار نيرغالو!"

يمر وقت طويل قبل أن يأتيه صوت، غليظًا ولكنه خافت، كأنه ينبع من أعماق الجحيم ذاته. يلتفت إدريس نحو مصدر الصوت، ليرى نيرغالو الجبار جالسًا في أغلاله، جرح متوهج باللون الأحمر يمتد بين كتفه وعنقه، ينبض وكأنه حي، كجرح يصرخ ويتوهج من الألم. عينيه تلمعان كالنار في الظلام، وابتسامة ساخرة تعلو شفتيه، تلمح باحتقار واستخفاف واضحين.

بصوت متهكم، يقول نيرغالو: "هل تظن أن هذه اللعبة الصغيرة…، ستقتلني؟" يضحك ضحكة قصيرة، تجوب المكان كالريح الخافتة في نفق طويل.

إدريس يحدق فيه بثبات، ويحاول السيطرة على اضطرابه، يرفع قوس نينورتا ويقول بثقة لم يتوقعها حتى هو: "أنا هنا لأحررك… وأحرر الجميع. لكن لدي الكثير من الأسئلة، وعليك أن تجيب عليها."

ينظر نيرغالو إليه بعينين عميقتين، كأنهما تخترقان روحه، ويقول بنبرة مهيبة تغمرها الثقة: "أنا لن أكذب عليك، أيها الفتى. نحن لسنا أشرارًا كما تظن، ولا كما أخبروك… لم نكن يومًا كذلك."

يتردد إدريس للحظة، ملامحه مشوشة بالشك والحيرة، يسأل بنبرة حائرة: "ماذا تقصد بذلك؟ كيف يمكن لمن قيل لنا إنهم جن أن يكونوا غير ذلك؟"

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: 3 days ago ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

الشعناذاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن