بعد سنتين من البحث المضني، عادت نانشي إلى بابل للمرة الخامسة، وعندها شعرت في قلبها أن هذه المرة ستكون مختلفة، وأنها ستعثر أخيرًا على شوكاليتودا. خلال سنوات بحثها، تجمعت لديها قطع متناثرة من المعلومات، حتى توصلت إلى أن من أخذته هي امرأة غامضة تُدعى إنانا، أميرة قصر بيت السماء، والتي ظهرت فجأة في الأوساط البابلية دون أن يعرفها أحد من قبل. كان وجودها محاطًا بالغموض، كأنها كيان من الأساطير لا من الواقع.
تجولت نانشي بين الأسواق المزدحمة، حتى قادتها قدماها إلى كشك صغير يعرض جواهر بديعة وحيات مصنوعة من الصدف والفضة. نظرت إلى البضاعة بابتسامة، ثم سألت البائع بلطف، وهي تتطلع لالتقاط أي خيط قد يقودها إلى شوكاليتودا: "هل تعرف أحدًا يُدعى شوكاليتودا؟"
البائع تأملها لبرهة، ثم هز رأسه ببطء وقال: "لا، لا أعرف أحدًا بهذا الاسم، سيدتي."
لم تخف نانشي خيبة أملها، لكن شيئًا ما دفعها للاستمرار في الحديث. وصفت للبائع شكل امرأة ذات جمال استثنائي. عند هذه النقطة، تغيرت تعابير وجهه بسرعة، واتسعت عيناه كمن تذكر شيئًا واضحًا. أجاب بحماس: "نعم، أعرفها بالتأكيد! لا يمكن نسيانها؛ إنها دائمًا ما تشتري مني الحلي. جمالها لا يُنسى."
بدأت نانشي رحلتها الخامسة في بابل، تغمرها مشاعر متضاربة من الأمل والخوف، لكن هذه المرة كانت مختلفة؛ فقد اقتربت من اكتشاف الحقيقة أكثر من أي وقت مضى. بمجرد وصولها، اتجهت إلى محل البائع الذي كان يحمل مفاتيحًا لمعرفة وجهتها، تتأمل بضاعته من الجواهر المتلألئة، وسألته بلهفة تكاد لا تُخفي: "هل إنانا هنا؟ هل عادت إلى قصرها؟ وماذا عن الرجل الذي معها، هل هو برفقتها؟"
رفع البائع نظره إليها بتمعن، ثم أجابها بلطف: "أجل، أعتقد أنها في القصر. أما الرجل… لا أستطيع الجزم، لكن من المرجح أنه هناك."
تسللت ابتسامة أمل إلى وجه نانشي، ثم طلبت بنبرة قوية: "أرشدني إلى قصرها، أرجوك."
قادها البائع إلى وجهتها، وعند وصولها إلى قصر بيت السماء، كانت الشمس في ذروتها، تنثر أشعتها الذهبية على حجارة القصر المهيب. نزلت نانشي من العربة بخطوات واثقة، ترتدي ثوبًا أزرق سماويًا مصنوعًا من الحرير الفاخر، مزينًا بزخارف ذهبية تلمع تحت ضوء الشمس.
تحركت بين جموع السوق ببطء، بثوبها المتماوج خلفها وشعرها الأسود الطويل الذي ينهمر كالنهر. كان هدوؤها في الخطوات يخفي خلفه عزيمة راسخة، وعيناها، كأنهما بوصلة مصممة بعناية، لم تفارقا بوابة القصر.
تتقدم نانشي نحو قصر بيت السماء، حيث تنتصب البوابة المزخرفة برسوم أسطورية دقيقة تجسد انتصارات الآلهة وملاحم الأبطال. القصر، بروعته الفائقة، يعكس مجد وعظمة تلك الحقبة؛ بأبوابه الخشبية الضخمة، المحفورة بدقة تضفي عليها هيبة وجمالًا، وأعمدته الحجرية المهيبة المزينة بنقوش من رموز بابل المقدسة. فوق جدران القصر، تعلو شرفات تُحاط بتماثيل لمخلوقات أسطورية، تتخذ وضعيات حراسة أبدية، عيونها الثابتة تراقب المدينة بأسلوب يوحي بأنها تظل يقظة، تحمي القصر ليل نهار.
أنت تقرأ
الشعناذا
Fantasyبين أساطير الزمن القديم، تقبع قوة الآلهة السومرية في انتظار من يوقظها من سباتها العميق. إدريس، الشاب الذي عاش حياته بين الدلال والظلال، يجد نفسه فجأة أمام قدر لا مفر منه. سبعة أبواب قديمة تحرس أسرار الآلهة المظلمة، وأرواحهم تنتظر من يفتحها. هل سيمضي...