الشعناذا

الفصل السادس

الفصل السادس

تحت سماء العالم السفلي الكثيفة بالسحب الداكنة التي لا ينفذ منها ضوء، كانت الرياح القاسية تلتف حول إدريس وبازوزو وهما يتجهان نحو مقر نيرغالو. الأرضية الحجرية الملعونة كانت تتنفس بغضب مكبوت تحت أقدامهما، وكأنها تعرف أن حدثًا عظيمًا على وشك الحدوث. وجه إدريس كان مشدودًا بالغيظ، عيناه تشتعلان بنيران الغضب والحيرة. في داخله، بركان من الغضب بدأ يغلي، غير قادر على التوقف عن التفكير في تشوشو والمصير المظلم الذي كان يمكن أن يواجهه.

كان بازوزو يحلق بجانبه، جناحاه الكبيران يضربان الهواء بعنف، لكن وجهه لم يكن سوى انعكاس للقلق. استشعر بازوزو الغضب المتأجج داخل إدريس وحاول تهدئته، لكن دون جدوى. "إدريس، توقف، أرجوك، علينا أن نتحدث مع نيرغالو أولاً. لا تتسرع في حكمك... لا نعرف الحقيقة بعد."

لكن إدريس لم يكن يسمع سوى صوت الغضب في داخله. توقف فجأة واستدار نحو بازوزو، وعيناه تتوهجان كالنار، وقبض بيده على قوس نينورتا بقوة. صوبه نحو راس بازوزو مباشرة، وصاح بصوت يملؤه التهديد: "خذني إلى نيرغالو الآن! هل تريد مني أن أصبح مثل تشوشو؟"

بازوزو تراجع قليلاً، محاولاً السيطرة على الموقف، لكنه كان يدرك خطورة الأمر. قال بنبرة هادئة مليئة بالخوف والحذر: "إدريس، أنا هنا لمساعدتك. لا تظن أنني خنتك... لم أكن أعرف ما حدث لتشوشو. دعنا نفهم ما يجري أولاً."

لكن إدريس، الذي كان يكافح ليحتفظ برباطة جأشه، لم يكن يريد أن يسمع شيئًا. كان يرى في بازوزو خيانة كبيرة، وكان الألم العميق يتحول إلى سخط رهيب. في داخله، بدأ يفكر في الاحتمال البائس بأن مصيره قد كُتب، وأن كل ما مر به لم يكن سوى تلاعب. "إذا كان نيرغالو قد كذب عليّ، فلن أتركه حيًا!"

وصل الاثنان إلى بوابة حجرة نيرغالو، حيث الظلام كان يبدو أكثر كثافة، وكأن الهواء نفسه يثقل على صدورهم. بدا الجو مليئًا بالغموض والرعب، بينما كانت الجدران ترتجف وكأنها تستشعر قدوم النهاية.

فتح بازوزو البوابة بحذر، ودخلا الحجرة. كان نيرغالو جالسًا في مكانه، مقيدًا بالسلاسل السحرية التي كانت تتوهج بوميض أزرق باهت. تلك السلاسل، المصنوعة من معدن نادر وقديم، كانت تمسك به بإحكام، تمنعه من التحرك بحرية. ملامحه كانت مرهقة، وكأنه يتحمل عبء آلاف السنين.

لكن إدريس لم يهتم بحالته. صوب القوس نحو نيرغالو فورًا، عينيه تتلألآن بالغضب، وقال بصوت مرتجف من شدة الانفعال: "أخبرني بكل شيء... الآن! لقد كذبت عليّ، جعلتني أعتقد أنني أملك خيارًا، بينما كنت تعلم أنني سوف أتحول إلى وحش عندما احرركم، تمامًا مثل تشوشو!"

ينهض نيرغالو من مكانه، والغضب يتفجر من جسده كأن الحمم البركانية تسري في عروقه. السواد الداكن الذي يغلف جسده بدأ يتشقق، وظهرت من خلاله أنهار حمراء تلمع كأنها بركان على وشك الانفجار. كانت عيناه تقدحان شررًا، وبصوت مليء بالغضب والقوة قال: "أنت لا تعرف مكانتك ولا تعرف قيمتي! كيف تجرؤ على تهديدي وأنا إله هذا العالم!"