سِجْنٌ سَنَوِيّ

26 8 1
                                    


مرة أخرى.. أسوأ فترةٍ في العام تأتي عليّ فتسببَ فجوةً كبيرة داخل قلبي لباقي العام وأيضًا طول حياتي..فقط بضع أيام يفقدونني الرغبة بالحياة تمامًا

لطالما كنت أتوقع دائمًا الأسوأ، وذلك لا يعني سوء ظني بالله والعياذ بالله، ولكن بحكم معرفتي لحياتي ونمط عيشها، فأعلم كل ما هو محتمل

والمضحك في الأمر بأن كل ما أتوقعه يحدث، بل بطريقةٍ أبشع مما أتخيل، وحين أخبرهم بمخاوفي يتهمونني بالمبالغة وبحبي لعيشِ دور الضحية كما بالأفلام التي أنا من وجهة نظرهم متأثرة بها

أنا لا أتمنى حياةً مرفهة ابدًا..كل ما تتمناه روحي المنهكةُ بأن تعيش حياةً طبيعية، أريد الخروج من المنزل براحة دون الالتفات خلفي بقلق، أريد النوم براحةٍ دون الشعور بأنني تحت المراقبة وكأن أعينًا كبيرة تلاحقني أينما ذهبت...ورغم عدم ارتكابي لأي خطأ أشعر بالرعب من أن يتم الإمساك بي متلبسة  أثناء افتعال جرمٍ لا أدري ما هو

في كل مرة أحاول كبت غضبي ولكن أخشى من أن تأتي مرةٌ أفشل فيها بذلك فأروح فيها ضحيةَ نفسي..

أحيانًا استغرب حقًا شدة صمودي حتى الآن..قد يبدو بأن ذلك أمر جيد ولكن لمن هم في مثل حالتي فأعتقد بأن عدم إبداء جسدي لأي تعب أو إنهاك سيؤدي لعدم اقتناعهم بحالتي الفسيولوجية المُزرية

ياليتها توقفت على حالتي الفسيولوجية فقط، أنا أتعذب من الداخل..وهنا أنا لا أقصد بذلك تعبيرًا مجازيا، أنا أتألم دون السقوط، وكأن هناك جبلًا أحمله على صدري، حتى الكلام صرت لا أقوى عليه...

يشهدُ الله على رضاي بقضائه، ولكن المؤلم حقًّا هو استخفاف من حولك بابتلائك، يحاولون تهوين الابتلاء وكأنك أنت من يضخم من حجم المصيبة، فحتى التعبير عن الضيق يصبحُ غير مسموحٍ به

وبعد انقضاء مدة سَجني هذا العام، فلنبدأ الآن كالعادة العودة إلى حياتنا السابقة الغير طبيعية.. ولكنها على الأقل خالية من وجود حارس السجن ذلك

متجاهلين كل ما حدث خلال الفترة الماضية، وخلال كل ليلةٍ يتحول سقف غرفتي إلى مسرح ذكرياتٍ بشعة شهدتها ويعاد الآن عليي عيشها والشعور بعذابها

وحين تغفو أخيرا بعد ساعات من التفكير تلاحقك تلك الأفكار في أحلامك وتبدأ بإيذاء نفسك، فتستيقظ مرتعبًا لا تدري هل تسعد بأنه كان مجرد كابوس؟ أم تحزن لأن ذلك الكابوس يمثل حياتك المأساوية بالفعل!

أنا الآن لا أستطيع السعادة بأن فترة الحبسِ قد انتهت، لأنها سوف تعود عاجلًا أم آجلًا بعد بضعة أشهر، ولكن أنا لا أدري يا ترى هل سأظل بخيرٍ في كل مرةٍ؟ ...

كل ما حاولت التقدم للأمام أجدني أعود ألف خطوةٍ للوراء، أقوم بإيذاء نفسي ومن حولي رغمًا عني

وفي النهاية..سأرحلُ يومًا ما..
يومًا ما سأكتب كلماتي هنا بعد أن اعتزلت كل شيء واخترت حياةً هادئة بعيدةً عن الجميع، أريدهم أن يرتاحوا مني وأرتاح منهم فأنا كنت ومازلتُ عدوةً نفسي وعدوة الجميع.

انتهى

التعليقات مفتوحة لإخراج المشاعر المكبوتة

"هِيَ حَيَاةٌ"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن