لَبيك الله

44 9 2
                                    


لبَيك اللهم لبَيك

لبيك لا شريك لك لبيك

إن الحمدَ! والنعمة

لكَ والملك

لا شريك لك

كانت التكبيرات تتوالى وأصواتها المهيبة تنتشر في الأرجاء، بينما إنسانةٌ صامتةٌ تملأ بشرتها البثور، وفروة رأسها تقطر دمًا إثر جروحٍ سببتها دون وعيها بسبب حالاتٍ من التوتر

شعرها الذي قد تساقط نصفه والهالات تتجمع أسفل عينيها الناعستين بالفطرة، قامت من على كل كرسيها بوهن ووقفت أمام النافذة التي تشع ضوء الشمس الذي لا يضيء الغرفة سواه

حاولت التدقيق في تلك الكلمات التي كانت تذاع في الشوارع والمنازل وحين استحضرت كلماتها في ذهنها قالت بنبرة ميتة
« إنه العيد إذن..
هل حلّ بهذه السرعة؟ »

نظرت حولها إلى حال غرفتها التي تملأها الأوراق والمستندات، وإلى البقعة التي كانت تجلس فيها وحولها عدة فناجين من القهوة المتسخة، وأكياس المقرمشات الفارغة، وعبوات مشروبات الطاقة المعدنية

كل هذه القمامة ممتزجةٌ بأوراقٍ تحمل صورَ اينشتاين ونيوتن، قوانين كيرشوف وقواعد لينز وامبير لليد التي خلقت لأداء حاجات الإنسان وليس لهذا العبث

كانت تبدو كالمدمن الذي قد أفنى حياته في غرفته وقد أصابته السمنة وأصبح لا يفرق شيئًا عن السرير الذي ينام عليه، وبخلاف ذلك كان وزنها قد نقص كثيرًا كمن كان يعيش في مجاعة، حسنًا قد تبدو هذه مبالغة ولكن الفيزياء تفعل أكثر من ذلك، كما أنها لم تتخطَ اختبار الكيمياء الذي كان يسبق يوم العيد بيومين تقريبًا

في ذلك اليوم كانت ذاهبة بكل ثقة وقوة لتؤدي اختبار المادة التي بذلت فيه جهودًا كبيرة لم يبذلها أحد، لقد كانت أكثر مادةٍ تعبت فيها وحين نزلت أمامها ورقة الاختبار تلاشت هذه الثقة وانكسر الطالب المسكين

بمجرد أن انتهى ذلك الاختبار أو بمعنى أصح ذلك الانتقام، خرجت من لجنتها لتجد أصواتًا متنوعة من الصراخِ والعويل والدموع والبكاء يخيم على جميع طوابق الاختبارت

كان الطلاب ينهارون أمامها ساقطين على الأرض فيسرع الذي مازال متمسكًا بأعصابه ليحضر شيئًا حلو المذاق ليطعم الساقط ذلك إياه، ويقومون برشِ المياه على وجهه ليفيق وإن استفاق فإنه كان يعود للسقوط مرة أخرى

وجدت جميع رفاقها يخرجون من لجانهم والدموع تتساقط من أعينهم التي كانت تشع صباحًا بالأمل والآن انطفأت وكأنها رأت جميع أحلامهم تنهار أمامهم

"هِيَ حَيَاةٌ"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن