عند السادسة صباحا رفعت أندريا جفنيها بصعوبة ما إن شعرت بلمسات لطيفة على وجهها، كأن شخصا ما يستمتع بمداعبة وجنتيها، تحركت بنعومة و أمعنت النظر في وجه ألكسندروس القريب، ثم وثبت مبتعدة عنه بوجوم.
-لم أكن أنوي لمسك، لكنك لم تستيقظي بمجرد النداء!
شملته بنظرة مدققة، كان يرتدي بدلة عنبرية اللون، فوق قميص أبيض و بدون ربطة كالعادة، كان جميلا جدا! خطا نحو الباب و تابع بسخرية جرحتها:
-في كل الأحوال كنتُ تواقا للمسك أمس بعدما خدرني سحرك، لكنني و لحسن الحظ نجوت في اللحظة المناسبة!
أرادت أندريا أن تنشب أظافرها في رأسه الجذاب، أو أن تلوي وجهه الوسيم بصفعة قوية، لكنها تجاوزته نحو الحمام و صفقت الباب بعنف، لتسمع قهقهته و صفقه لباب الغرفة هو الآخر!
سيطرت على رعشة يديها، و لاحظت أنها نامت في فستان الزفاف، فخلعته بسرعة متخلصة من ذكريات أليمة عالقة في ماساته، كيف خُدعت بكلماته المعسولة؟ كان يمثل دور المحب طوال الزفاف، و لا بد أنه استمتع بشكلها السخيف و هي تتلقى منه مداعبات كاذبة و عناقات مزيفة!
ملأت الحوض بالمياه الساخنة و غطست داخلها متذكرة عروس طروادة التي حكت عنها أغنيس، و العبارة المقدسة التي رددتها: ”يا إسكاماندرا... خذ عذريتي!“، ماذا كانت تتوقع من هذا الزواج الذي بُني على التهديد؟ أن يأخذ ألكسندروس عذريتها و يغدق عليها بالحب مثلا؟ إنه أبعد شيء عنه!
ضربت المياه بيدها ساخطة، يجب أن تكون قوية لتتحمل هذه الرابطة، و لتواجهه بالبرود ذاته، يمكنها أن تزدريه أيضا، يمكنها أن تتجاهله ربما، و يمكنها أن تدفن حبها له، لأن إظهار مشاعرها العميقة نحوه سيزيد من مهانتها أمامه.
لفت نفسها في منشفة لم تغطي الكثير من جسمها، و خرجت إلى غرفة النوم باحثة عن شيء ترتديه، تذكرت الحقائب التي وضعتها في سيارة ألكسندروس، لا بد أنها لا تزال هناك، زمت شفتيها و هجمت على الممر تطرق الأبواب و تفتحها واحدا تلو الآخر، يبدو أن الخدم لم يحضروا هذا الصباح كذلك، تضخم غيظها، و نزلت السلالم مسرعة، لتجد صاحب البدلة العنبرية يجلس بسلام على أريكة سوداء مطالعا جريدة.
خبَّت الأرضية بقدميها الصغيرتين مستعرة، فتركت خلفها آثارا طفيفة، سرق وقوفها فوق رأسه نظره من جريدة الأخبار و سجنه لوقت طويل، كانت أندريا تهزُّ ساقها اليسرى بتوتر، و تسند نفسها بيدها اليمنى على ظهر الأريكة، شعرها المبلل يهطل سيولا على جلدها الأبيض، مما جعل بشرتها الناعمة تلمع كالفضة!
تحركت عينا ألكسندروس فوق كل تفاصيلها، لكنه لم يُبدِ شيئا من المشاعر، كأنه كان خالٍ منها تماما، علق بلؤم:
-تحاولين إغوائي بعدما فشلت غزوة أمس!
لوت شفتيها ممتعضة و ردت:
أنت تقرأ
متَاهتُنا
Lãng mạnأندريا المغنية الجميلة تقف فوق جسر على وشك الانهيار، زواج أمها المهدد بالدمار، و نجاحها الذي بات على المحك، على ضفة ينتظرها حل جذري لكل المشاكل في يد رجل يكرهها و يطلبها لتشاركه زواجا شكليا، و على الضفة الأخرى رجل آخر يمكن أن يحبها إلى الأبد و لا ي...