غادرت نايومي و ابنتها الصغيرة خيوس بعد ثلاثة أيام، فجثم الحزن و الشوق فوق قلب أندريا، تعودت على ارتشاف القهوة و الدردشة مع أمها، و ألفت ثرثرة فيليبا حول الموضة و المنتجعات و حياة المشاهير.
غمرها الفراغ حد الضجر، ألكسندروس يحتجز نفسه منذ الصباح الباكر في غرفة المكتب مع سانتوس يحضران لصفقة على ما يبدو، و نيكيتا مقيدة بأعمال المطبخ و تحضير العشاء. زفرت أندريا بسأم، و قررت أن تتسلى بهاتفها قليلا متفقدة الرسائل التي تصلها عادة من معجبيها.
ابتسمت لتمنيات كثيرة بسماع صوتها قريبا في حفل ما، و ضحكت بشدة حين قرأت بعض الدعابات التي أرسلتها معجبة ظريفة، لكنها انتبهت على حين غرة لرسالة من شخص مجهول، يسمي نفسه السيد «آل»، و لا يضع صورة شخصية! كانت الرسالة حديثة و مختصرة: ”كيف حال نجمتي؟“.
انقبض قلبها، لا أحد يناديها بتلك التسمية إلا ذلك المعجب المجهول، إذن اسمه آل! صممت على معرفة من يكون، فأسرعت بالكتابة له:
-أنا بخير، عفوا! من أنت؟
وصلتها رسالة أخرى مقتضبة بعد دقائق:
-هذا لا يهم.
لكن ذلك مهم بالنسبة لها، إنها لا تريد منه شيئا، لا تريد رسائله و لا هداياه. كتبت له ثانية:
-أريد أن أعرف سبب تعلقك الشديد بي! بات الجميع يعلم أنني متزوجة.
مضى على رسالتها تلك وقت طويل، و أخيرا أجابها بجرأة و وضوح:
-لأنني أحبك و لا أنوي التخلي عنكِ!
صدمها ذلك الاعتراف، حظرته من قائمة متابعيها، و أغلقت الهاتف متجهة إلى المطبخ لترتشف بعض الماء البارد، فسألتها نيكيتا بفضولها المعتاد عندما سقطت الكأس من بين يديها و انكسرت:
-ما الخطب سيدتي؟
-لا... لا شيء!
هربت إلى غرفتها تاركة الخادمة تجمع قطع الزجاج بحيرة، و أغلقت على نفسها الباب مرتجفة، ليت ألكسندروس كان زوجا حقيقيا يهتم لأمرها فيبعد عنها كل من تسول له نفسه حتى النظر لصورتها بإعجاب!
و بعد ساعة، طرقت نيكيتا الباب معلنة حلول موعد العشاء، فرفضت أندريا النزول، مرت ساعة أخرى و أخرى و هي عاجزة عن التخلص من حالة الاستياء التي تحيط بها، سمعت خطوات تقترب مجددا في الممر عند منتصف الليل، فصاحت أندريا بحدة:
-لا أريد تناول شيء نيكيتا!
اندفع الباب بقوة حتى ظنت أنه خُلع، و برز ألكسندروس بطوله الفارع و صدره العريض عابسا، لم تصدق عينيها و هي تراه يحمل صينية صغيرة، وضعها على الطاولة و أشار إلى الأريكة آمرا:
-تعالي و كُلي كالبشر!
شبكت أندريا ذراعيها و ضمت شفتيها كالأطفال مشيحة عنه، فإذا به يهجم عليها دون إنذار، رفعها بغير جهد كما لو كانت دمية بلاستيك، و وضعها فوق الأريكة، فصرخت به:
أنت تقرأ
متَاهتُنا
عاطفيةأندريا المغنية الجميلة تقف فوق جسر على وشك الانهيار، زواج أمها المهدد بالدمار، و نجاحها الذي بات على المحك، على ضفة ينتظرها حل جذري لكل المشاكل في يد رجل يكرهها و يطلبها لتشاركه زواجا شكليا، و على الضفة الأخرى رجل آخر يمكن أن يحبها إلى الأبد و لا ي...