أمضت أندريا شهرا كاملا في خيوس، أربعة أسابيع من التقلبات، ها هي أحيانا زوجة منبوذة في زاوية بعيدة، و أحيانا أخرى دمية جميلة و مضيفة لبقة يتباهى بها ألكسندروس أمام معارفه.
كانا ينامان في نفس الغرفة، لأن سانتوس و نيكيتا يسكنان معهما، و لا يستوي أن ينام كل منهما في غرفة منفردة بعد قصة حبهما المشتعلة! لكنه لم يقدم على لمسها، بل إنه لم يُظهر حتى رغبة في تسخيرها لنيل حقوقه الزوجية بالقوة!
تواصل تهاطل البطاقات و الهدايا على عنوانها في خيوس أيضا من الشخص المجهول، و استمر تجاهل ألكسندروس لحقيقة أن هناك من يريد خطف اهتمام زوجته، و ذلك ما أحزنها و أحدث جرحا غائرا في قلبها، تمنت لو أنه فقط أبدى بعض الغضب أو الغيرة! إلا أنها لم تنل منه سوى التعليقات الهازئة، و التحذيرات العابرة من أن تسيء إلى سمعته علنا!
كرهت أندريا تصرفاته، و مع ذلك لم تستطع أن تكرهه هو نفسه، بل كانت مع كل كلمة مؤذية ينطقها و كل تصرف قاس يقوم به تجاهها تحبه أكثر و أكثر.
حاولت لتصرف نظرها عن تعاستها المحتومة أن تشغل نفسها بنشاط يدخل البهجة إلى قلبها، فقررت أن تحدث بعض التغييرات في ديكور البيت، خففت من حدة الألوان القاتمة في غرفة النوم، فاستبدلت أغطية السرير الرمادية بأخرى بيضاء ناعمة، و تخلصت من الوسائد الكحيلة لتضع مكانها وسائد زهرية هادئة، و علقت على أحد الجدران لوحة السعادة التي تحبها كثيرا لمدى دفئها، رسم فيها الفنان التركي عبدين دينو أبوين و أطفالهما الستة مكدسين على سرير مكسور في غرفة رثة، فوقهم مظلة سوداء تقيهم قطرات متسربة من السقف المشقوق، و حولهم حيواناتهم الأليفة، و الملفت أن على وجوههم جميعا ابتسامات سعيدة!أما في الصالون، فقد أبقت على وجود لوحة فينوس كما طلب ألكسندروس –أو كما أمر!– و سر أندريا أن تضع مكان السجادة البنية الكئيبة و الأرائك السوداء و ستائر الكراميل أشياء أكثر إشراقا و نعومة، أشياء تشبه نضوج الفاكهة و تفتح الزهور و عودة الربيع، تشبه... توهج الحب! اختارت سجادة بلون البحر، و أرائك بلون الغيوم، و ستائر مخملية تشبه أشعة الشمس، و مجسما لشجرة مستكة وضعته أسفل لوحة فينوس، ثم علقت في إحدى الزوايا الأخرى لوحة الأمل للفنان الإنجليزي جورج فريدريك واتس، و طعمت الطاولة المتخذة شكل الهلال وسط الأرائك بتماثيل صغيرة من الفضة و الكريستال الأزرق، دون أن تنسى الورد الذي طلبته من نيكيتا، و زينت به كل زوايا البيت.
تأمل ألكسندروس لمستها الجميلة في البيت مستحسنا ذوقها الناعم، و لم تصدق أذنيها حين قال بلهجة عذبة:
-كنت أعرف أنك ستنشرين الربيع داخل البيت!
ٱعجب بالفوانيس العربية التي علقتها في غرفة الطعام، و الجرة التقليدية التي زينت بها الشرفة الكبيرة، و تمثال أبولو الصغير الذي حياه عند المدخل، كل التفاصيل عبرت عن أصالة و فن و رقة!
![](https://img.wattpad.com/cover/340595525-288-k735124.jpg)
أنت تقرأ
متَاهتُنا
Romanceأندريا المغنية الجميلة تقف فوق جسر على وشك الانهيار، زواج أمها المهدد بالدمار، و نجاحها الذي بات على المحك، على ضفة ينتظرها حل جذري لكل المشاكل في يد رجل يكرهها و يطلبها لتشاركه زواجا شكليا، و على الضفة الأخرى رجل آخر يمكن أن يحبها إلى الأبد و لا ي...