تعالي نتخيل،
أنا بعد خمسين عاما،
عندما أصبح على مشارف السبعين،
أجلس وحيدا في منزلي الكبير،
أمد أصابعي التي تبدو وكأنها
كانت مغطسة لفترة طويلة في كوب من الماء،
أمسك بها ألبوم الزفاف الذي يضم صوري
حين زفتني خيبة الحياة الى أمرأة غيرك.
أجتذب بحذر من يبطل مفعول قنبلة،
أقلب الصور
صورة تلو الأخرى،
أؤكد لك أنني سأراك في جميع الصور،
ستكونين الفتاة التي تلبس الفستان الابيض
والتي تجلس في حضني بقدم فوق قدم!
ستكونين الفتاة التي أسقتني العصير،
والتي مدت لي قطعة الحلوى على مهل،
سأسمع صوتك ينبعث لي من كل زوايا الصور،
يقول لي بنبرة فيها تحد وثقة :(( أنا لك وأنت لي)).
الشوق يجبرني في هذه اللحظة أن أتمنى لو أني كنت نملة،
تتسلل إلى بيتك ليلا من غير أن يشعر بها أحد،
تختبئ خلف عطورك بحرفية جاسوس،
وتراقب وجهك الكسول النائم بحب،
تتسلقك على أطراف قوائمها بمهل،
من غير أن تحسي بها،
وتحتضنك بلهفة أم ألتقت بعد زمن بابنها المفقود.
ثم تتخذ من خزينة ملابسك مخبأ لها،
تشير إليك من فوق الرف بأحد قرون أستشعارها،
وتقول بفخر لبقية أسراب النمل :_هذه حبيبتي.
وفقط حين تستشعر بأن هناك من سيتزوجك،
تلقي بنفسها تحت قدميك،
لتموت قبل أن ترى شخصا يأخذك منها.قبل عدة أيام مددت يدي،
نحو الصندوق الخشبي الذي أحتفظ بأشيائك في داخله،
عالجت القفل السري
الذي لا زالت كلمه مروره هي ذاتها
حروف أسمك الأربعة،
تناولت من جوفه
ورقة كنت في الماضي قد كتبتها لي بخط يدك :((أنا لك، وأنت لي، سأحبك للأبد..)).
أغمضت عيني،
وجعلت أتذكر أرتعاشة يدك حين سلمتني تلك الورقة.
وعندما آلمتني الذكريات،
فتحت عيني،.
وحركت رأسي وكأني أريد أن أطرد منه الذكرى.
أعدت الورقة إلى مكانها
بحرص أم تضع طفلها النائم داخل سريره.
أقفلت الصندوق الخشبي وأوصدت قفله جيدا،
وقبل أن أنهض من مكاني
سمعت صوتك يتسرب من داخله.
كان دافئا مثل كوب حليب، وهو يقول لي :((أنا لك، وأنت لي، سأحبك للأبد..)) .
أنا بخير؟
كذبة أعتدت قولها،
حين يسأل الناس عن حالي،
أنت فقط من كان يسعني أن أقول له
مافي قلبي،
من دون كذب وزيف،
تعالي لأخبرك
أني لست بخير ،
نعم لست بخير،
فهذا الغياب
يدمرني، يؤلمني، يقرض عظامي،
لست بخير،
أنا مريض بك،
أريدك،
أحتاجك،
قولي لي يا جنتي،
لماذا قذفوا بي
خارج أسوارك،
وأنا لم يوسوس لي الشيطان،
ولم أقرب أشجارك؟!.
أنت تقرأ
مدينة الحب لا يسكنها العقلاء
Romantikهناك شخص واحد فقط نقع في حبه، وكل ما يأتي بعده للنسيان