(2)

33 6 13
                                    

-2-
إن حياة ريحانة الرسول ومثله ستبقى حية وخالدة إلى الأبد لأنها أستهدفت القضايا المصيرية لجميع الشعوب، فان الإمام لم ينشد في ثورته الخالدة أي مطمع سياسي أو نفع مادي، وإنما أستهدف المصلحة الإجتماعية وعنى بأمر الناس جميعاً ليوفر لهم العدل السياسي والعدل الأجتماعي، وقد أعلن سلام الله عليه أهدافه المشرقة بقوله :

" إني لم أخرج أشراً، ولا بطراً، ولا ظالماً، ولا مفسداً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر... " .

من أجل هذه المبادئ العليا خلدت قصة الحسين وأستوعبت جميع لغات الأرض، وأخذ الناس يقيمون لها الذكرى مقتبسين منها الإيمان بالله، ومقتبسين منها العبر والعظات التي تنفعهم في جميع ميادين حياتهم...

إنها من دون شك ستظل تساير الركب الإنساني
وهي ترفع شعار العدل،
وشعار الحق، وشعار الكرامة،
وتضيئ الطريق، وتوضح القصد أمام كل مصلح
يعمل من أجل صالح الانسان .

وليس في تاريخ الاسلام من هو أكثر عائدة ولطفاً وفضلاً على الأسلام من الإمام الحسين(ع)
فهو المنقذ والمجدد لهذا الدين العظيم، الذي أجهزت عليه السياسة الاموية، وتركتهُ جريحاً على مفترق الطرق تتحداه عوامل الأنحلال والأنهيار من الداخل والخارج، ولم يعد أي مفهوم من مفاهيمه الحية مائلاً في واقع الحياة العامة للمسلمين، قد جمدت طاقاته، وأخمد نوره وانتهكت سننه، ولم يبق منه سوى شبح خافت، وظل متهافت قد أعلنت السلطة في منتدياتها العامة والخاصة أنه لا دين، ولا اسلام، ولا وحي، ولا كتاب، يقول يزيد بن معاوية (لعنه الله):

لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل

ويقول الوليد بن يزيد (لعنه الله):

تلعب بالخلافة هاشمي * بلا وحي أتاه ولا كتاب (1).

واذا استعرضنا ما أثر عنهم في هذا المجال
فلا نجد إلا الكفر والألحاد والمروق من الدين،
وقل ما نجد منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر
أو يرجو وقاراً للأسلام، انه - من دون شك -
لم يدخل أي بصيص من نور الأسلام في قلوبهم ومشاعرهم، وإنما ظلت نفوسهم مترعة بروح الجاهلية ونزعاتها، لم تتغير فيهم أي ظاهرة من ظواهر الكفر بعد ارغامهم على الأسلام، فكانوا يحملون الحقد والعداء للرسول (ص) ويكفرون بجميع ما جاء به من هدى ورحمة للناس .

رأى الإمام السبط الغزو الجاهلي الذي أجتاح العالم الأسلامي، وما منيت به العقيدة الأسلامية
من أخطار هائلة تنذر بالردة الرجعية والأنقلاب الشامل وتخلي المسلمين عن عقيدتهم ودينهم،
فان السلطة الأموية كانت جاهدة في مسيرتها،
وجادة في سياستها على استئصال جذور هذا الدين وإزالة ركائزه وقواعده، وقد تحذر المسلمون بشكل فظيع نتيجة أو بئة الخوف المفزعة التي أنتشرت فيهم، وما طعمتهم به السياسة الأموية من روح الخيانة والغدر، فلا صوت يصدع بالأصلاح، ولا طبل يدق للحرب، ولا وازع، ولا رادع ولا زاجر لما كانت تصنعه الطغمة الحاكمة من المخططات الرهيبة الهادفة إلى أستعباد المسلمين وإرغامهم على ما يكرهون .

رأى الامام أنه المسؤول الوحيد أمام الله، وأمام أجيال الأمة إن وقف موقفاً سلبياً تجاه هذه الأوضاع المنكرة ولم يغير ولم يبدل، ولم يفجر ثورته الحمراء التي تعصف بالاستبداد وتهدم صروح الظلم والطغيان وتقود الجماهير إلى ميادين الحق والعدل
وقد أدلى الامام عليه السلام بذلك في خطابه الرائع الذي ألقاه على الحر وأصحابه من شرطة ابن زياد قائلا :

" أيها الناس، إن رسول الله (ص) قال : من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً عهده، مخالفاً لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالأثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله، ألا إن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله. " (2).

إن هذه العوامل الخطيرة هي التي حفزت الإمام على الثورة والخروج على النظام القائم الذي استباح كل ما خالف كتاب الله وسنة نبيه .

لقد أمعنت السلطة الأموية في إضطهاد الناس وأرهاقهم، وأعتبرت القطاعات الشعبية بستاناً لها تتحكم في مصائرها ومقدراتها، وتستنزف ثرواتها فتنفقها على ما يثير الشهوات، ويفسد الأخلاق من أجل ذلك ثار الإمام لينقذ الأمة، ويعيد لها كرامتها وأصالتها .

فهذا هو الحُسين (عليه السلام)
آمنوا به فأنه رحمة الله الواسعة ♡.

👇🏻

الحُسـين هو الحـب ♡.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن