(10)

7 2 10
                                    

- 10 -
تربية الإمام علي (عليه السلام) له :

أما الامام علي (ع) فهو المربى الأول الذي وضع أصول التربية ، ومناهج السلوك ، وقواعد الآداب ،
وقد ربى ولده الإمام الحسين (ع) بتربيته المشرقة فغذاه بالحكمة ، وغذاه بالعفة والنزاهة ، ورسم له مكارم الأخلاق والآداب ، وغرس في نفسه معنوياته المتدفقة فجعله يتطلع إلى الفضائل حتى جعل اتجاهه السليم نحو الخير والحق ، وقد زوده بعدة وصايا حافلة بالقيم الكريمة والمثل الإنسانية ومنها هذه الوصية القيمة الحافلة بالمواعظ والآداب الإجتماعية وما يحتاج إليه الناس في سلوكهم ،
وهي من أروع ما جاء في الإسلام من الأسس التربوية
التي تبعث على التوازن ، والاستقامة في السلوك
قال أبو الحسن عليه السلام :

" يا بني أوصيك بتقوى الله عزوجل في الغيب والشهادة ، وكلمة الحق في الرضا(12) والقصد في الغنى والفقر ، والعدل في الصديق والعدو والعمل في النشاط والكسل ، والرضا عن الله تعالى في الشدة والرخاء .

يا بني ما شر بعده الجنة بشر ، ولا خير بعد النار بخير ،
وكل نعيم دون الجنة محقور ، وكل بلاء دون النار عافية ..

أعلم يا بني أن من أبصر عيب نفسه شغل عن غيره ،
ومن رضى بقسم الله تعالى لم يحزن على ما فاته ،
من سل سيف البغي قتل به ، ومن حفر بئراً وقع فيها ،
ومن هتك حجاب غيره انكشف عورات بيته ،
ومن نسي خطيئته أستعظم خطيئة غيره ،
ومن كابد الأمور عطب ، ومن اقتحم البحر غرق ،
ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله زل ،
ومن تكبر على الناس ذل ، ومن سفه عليهم شتم ،
ومن دخل مداخل السوء أتهم ، ومن خالط الأنذال حقر ،
ومن جالس العلماء وقر ، ومن مزح أستخف به ،
ومن أعتزل سلم ، ومن ترك الشهوات كان حراً ،
ومن ترك الحسد كان له المحبة من الناس .

يا بني عز المؤمن غناه عن الناس ، والقناعة مال لا ينفذ ومن أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ، ومن علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما ينفعه ، العجب ممن خاف العقاب ورجا الثواب فلم يعمل ، الذكر نور والغفلة ظلمة ،
والجهالة ضلالة ، والسعيد من وعظ بغيره ،
والأدب خير ميراث ، وحسن الخلق خير قرين .

يا بني ليس من قطيعة الرحم نماء ، ولا مع الفجور غنى ...

يا بني العافية عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت إلا بذكر الله ، وواحد في ترك مجالسة السفهاء ، ومن تزين بمعاصي الله عزوجل في المجالس ورثه ذلا من طلب العلم علم .

يا بني رأس العلم الرفق وآفتة الخرق ، ومن كنوز الإيمان الصبر على المصائب ، العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى ، ومن أكثر من شيء عرف به ، ومن كثر كلامه كثر خطأوه ، ومن كثر خطأوه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه ، ومن مات قلبه دخل النار .

يا بني لا تؤيسن مذنباً فكم من عاكف على ذنبه ختم له بالخير ، ومن مقبل على عمله مفسد له في آخر عمره صار إلى النار من تحرى القصد خفت عليه الأمور .

يا بني كثرة الزيارة تورث الملالة ، يا بني الطمأنينة قبل الخبرة ضد الحزم ، إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله .

يا بني كم من نظرة جلبت حسرة ، وكم من كلمة جلبت نعمة ، لا شرف أعلى من الإسلام ولا كرم أعلى من التقوى ،
ولا معقل أحرز من الورع ، ولا شفيع أنجح من التوبة ،
ولا لباس أجمل من العافية ، ولا مال أذهب للفاقة من الرضى بالقوت ، ومن اقتصر على بلغة الكفاف تعجل الراحة ،
وتبوأ حفظ الدعة ، الحرص مفتاح التعب ،
ومطية النصب وداع إلى التقحم في الذنوب ،
والشر جامع لمساوئ العيوب ، وكفى أدباً لنفسك ما كرهته من غيرك ، لاخيك مثل الذي عليك(13) لك ،
ومن تورط في الأمور من غير نظر في الصواب فقد تعرض لمفاجأة النوائب ، التدبير قبل العمل يؤمنك الندم ،
من استقبل وجوه العمل والآراء عرف مواقع الخطأ ،
الصبر جنة من الفاقة ، في خلاف النفس رشدها ،
الساعات تنقص الأعمار ، ربك للباغين من أحكم الحاكمين ، وعالم بضمير المضمرين بئس الزاد للمعاد العدوان على العباد ، في كل جرعة شرق ، وفي كل أكلة غصص ،
لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى ، ما أقرب الراحة من التعب ، والبؤس من النعيم ، والموت من الحياة ، فطوبى لمن أخلص لله تعالى علمه وعمله وحبه وبغضه وأخذه وتركه ، وكلامه وصمته ، وبخ بخ لعالم علم فكف ، وعمل فجد وخاف التباب(14) فأعد واستعد ، إن سئل أفصح ، وان ترك سكت ، كلامه صواب ، وصمته من غير عي عن الجواب ، والويل كل الويل لمن بلى بحرمان وخذلان وعصيان ، واستحسن لنفسه ما يكرهه لغيره ، من لانت كلمته وجبت محبته ، من لم يكن له حياء ولا سخاء فالموت أولى به من الحياة ، لا تتم مرؤة الرجل حتى لا يبالي أي ثوبيه لبس ، ولا أي طعاميه أكل "(15).

وحفلت هذه الوصية بآداب السلوك وتهذيب الأخلاق ، والدعوة إلى تقوى الله التي هي القاعدة الأولى في وقاية النفس من الإنحراف والآثام وتوجيهها الوجه الصالحة التي تتسم بالهدى والرشاد .

ما أجمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام
فـ أبا الحسن هو أهل التقى والمعرفة والثقافة والحكمة
وأهل العلم وأهل الإيمان وأهل الله عزوجل
فوالله أهل البيت عليهم السلام
هم النور الذي أنار طريقنا وأنار قلوبنا
وفتح بصيرتنا على ذنوبنا وأخطاؤنا
وهم الذي شرحوا صدورنا للأسلام
والحمدلله الذي أكرمنا بمعرفتهم
ورزقنا حبهم وثبتنا على دين محمد وآلِ محمد
(صلوات الله وسلامهُ عليهم أجمعين)

👇🏻

الحُسـين هو الحـب ♡.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن