III

176 45 193
                                    

الجمعة/ السادس من فبراير/ العام التاسع بعد الألفين للميلاد؛

أنا أتسلى بأكل مكعبات السكر الصغيرة في كل حين..
إنها تغريني عند تواجدي في المنزل...مذ أن جل يومي فيه.

همست وأنا أشعر بمكعب السكر يذوب على لساني: "أصل البحار والمحيطات هو قطرات صغيرة فحسب.."

أستدرت أحدق بأخي الصغير .. كنت أجيب عن الأسئلة التي يطرحها كل بضع ثوينات صمت.. ومن النظرة على وجهه علمت أنه سيسأل عن شيء جديد غير مرتبط بسابقه.. ولم يخب توقعي إذ قال:
"ما أصعب مهنة في العالم؟"

ها هو ذا.. و حسنًا لا أظنه سؤال يستدعي التفكير لكن علي التظاهر بأني أفكر بجدية.. لذا كتفت ذراعيّ و نظرت له بجدية، بعد تراشقنا للنظرات التي بلا معنى نطقتُ بثقة:
"مهنة أن تكون الأخ الأكبر. "

أمال رأسه الصغير مقطبًا حاجبيه مطالبًا بتوضيح، فأخذت مكعب سكر آخر و قربت وجهي منه.. قلتُ:
"ألست أجيب عن أسئلتك و أساعدك أنت و البقية، لا أرفض لكم طلبًا و أشتري لكم معي من مدخراتي الخاصة، و أصبر و لا أنفعل بشدة على أحدكم، أحرص أن أتصرف بأسلوب حسن كي لا تروا الأسوء فتقلدون، أليس ذلك صعبًا؟..ما يجعله صعبًا هو فعله يوميًا دومًا في كل لحظة. "

هز رأسه بمهل مفكرًا ثم رفع نظره لي.. كان في نظراته الأسى و الحزن و بعض التعجب..
هذا الفتى.. هو أقربهم عمرا لي.. و أكثرهم قربًا لي.. أكثر من يتحدث معي و أكثر من يحن علي.. حتى أكثر من نفسي!

بعد أن غادر مقعده.. تأملتهم.. و تأملت معكبات السكر.. همست في وجل:
"لو كان في وسعي أن أتمنى شيئًا واحدًا لتمنيت أن يتوقف البشر عن التكاثر ..للأبد.. هذا كثيرٌ للحق. "










إنتصف النهار.. على ما يبدو.. هيئة الضوء من النافذة تبين ذلك..

و في هذه الأيام أنا أبذل جهداً مضنياً في سبيل الفهم..
مهما قلبت الموضوع برأسي فأنا لا أفهم شيئاً..!

لم تبكي أمي ولما أبي متجهم محتار؟

حسناً..

تلك تعابيره المعتادة.. لكن يبدو حانقًا بشكل صارخ منذ الأمس..

عندما تتعثر في مكان عمومي ستشعر أن الجميع يحدق بك...
أنا لم أتعثر .. لذا لمَ يحدقون بي؟
ليتكم بدون عيون..

تساءلت في نفسي.. إن كان الفهم ضروري؟

وبينما كان 'شبيه النقاش' محتدم بينهما..
قد أختتمه أبي بقوله:
"سآخذه بنفسي هذه المرة. "

أستطيع الفهم!

مذهل، سأقابل الدكتور الملاك مجدداً!

أخطط للحديث معه..
"كيف يتم ألقاء التحية بطريقة الأطباء؟"

.

|| عسلٌ قرمزي crimson honey ||حيث تعيش القصص. اكتشف الآن