الَفَصلُ الرَابِع : ذَهَبت....أَلن أرَاهَا ؟ ♡

213 33 28
                                    

"يا عم لا تحاول خداعي كَكُل مرة ، انني أراك تختال في الميزان"
"يا حسنا لم نفعل شيئ"
"إحترم شيبتك قليلا و لا تخدع الناس ، ربما المرة القادمة تجد نفسك خلف القضبان"
"ايها ل*** هل تهددني ؟"
"من يعلم "

يوم الجمعة هو يوم عطلة فأستمتع بإغاضة هذا العجوز المحتال عندما أمر عليه لأشتري بعض الخضراوات ، روتينه اليومي خداع الناس و لكن لحظه التعيس أكشفه دائما ، أكملت سيري في ارجاء المدينة لأقضي باقي حجاتي مررت على المقهى لأسترق السمع كعادتي لكن لا أثر لفتاتي أبدا ، ربما ذهبت و ستعود... او ربما ذهبت ولن تعود.....

ان اليوم بارد جدا مما جعلني أرتدي كنزتي البيضاء الصوفية التي حاكتها لي والدتي الشتاء الماضي و حضرت شايً دافئًا لأجلس امام نافذة غرفة المعيشة أراقب هطول الثلج ، انه شيء نادر في مدينتي لكن لا أحد يهتم لشيء كهذا في هذه المدينة الكئيبة الجميع مشغول بجمع المال متناسيين نعمة الثلوج البيضاء التي تكسي الأرجاء ، لا بل يتذمرون منها أحيانًا لأنها تعيق حركة السير ، فبدل ان يقصدوا وجهتهم مشيًا يزعجوننا بصوت مزامير سياراتهم العالي

إستقمت من مضجعي و توجهت الى الباب فقد سمعت دقات عليه و انا واثق انه ساعي البريد فلا احد لي ليدق باب بيتي و يسأل عني ،، كنت على حق فقد وجدت رسالة مع طرد صغير و قد خمنت انه من والدتي وضعته على الطاولة دون تفقده حتى و رُحت أستحم و أجهز نفسي للذهاب لصلاة الجمعة ،

ان لهذه الصلاة وقع خاص ، كان والدي رحمه الله يأخذني مع أشقائي كل جمعة لتأدية هذه الصلاة ، مع جمع غفير من الناس ، فنتطيّبُ و نرتدي اجمل الثياب و نذهب لنتمتع بتلك الطمأنينة التي تجتاح القلوب ، لم يتغير شيء من تلك الطمأنينة غير انني بُت أذهب المسجد وحيدا ، من دون والدي الي يمسك يدي بين خاصته و من دون شقيقاي اللذان يتسابقان لغرفة الوضوء ،،

بعد انتهاء الصلاة اعود أدراجي للمنزل مادام يوم عطلة فأرى المارة يسرعون بعد تلبد السماء منذرة على نوبة بكاءها الحادة لكنني لازلت أمشي بهدوء حتى أحسست بقطرات الماء التي بدأت تتسارع شيئًا فشيئًا حتى غدت سيلا وفيرا ، لطالما أحسست بشعور جميل عندما تمطر السماء كأنها تغسلنا من الذنوب لكن اليوم احسست وكأنه
يتشكل شعورٌ ثقيلٌ في الأعماق يعكس حالة الروح المضطربة. تتغلغل قطرات المطر ببطء في التربة، مثلما تتغلغل الأفكار الحزينة في العقل....

تزينت الأجواء باللون الرمادي المغمور بالسحب المظلمة، والأمطار تتراقص بحركة هادئة على الأرض. يرافق ذلك صوت المطر المتقطع الذي يعزف سيمفونية الأحزان. تصبح الشوارع خاليةً من الحركة والضوضاء، وتبدو الأماكن العامة هادئةً ومهجورةً. تتجول الناس تحت مظلاتهم، متسربين ومستعجلين للوصول إلى أماكن الحماية والاختباء. ، رفعت رأسي عاليا نحو السماء أبتسم للشعور الدافئ المفاجأ الذي أتاني.....

كتمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن