الفَصلُ الثَانِي : لَفَتَت انْتِبَاهِي ♡

380 33 61
                                    

السادسة مساءاً اجلس في مضجعي في اِحدَ المائدات المستديرة في زاوية المقهى حيث يتسنا لي رؤيةُ جميع حركات المتواجدين هنا.... ها أنا احتسي مشروبي تزامناً مع دخول من لَفَتت انتباهِي قبل عامين اي منذ ان بدأت ارتاد المقهى ، فلا يمر يومي دون ان اشبعَ ناظريّ برؤيتها او احرم نفسي من رؤية لمعة عينيها ،، لا تفهمو من كلامي انني زير نساءٍ ارجوكُم ، طوال فترة عيشي في هذه المدينة لم التَفِت الى احداهن لكن هذه الفتاة.. مختلفة..
فتاة ذات بشرة ناصعة البياض و وجه مستدير و عيون لوزية بنية تنافس القهوة في ادمانها فوق كل جفن شامة صغيرة كأنها قبلة ملاك ، لها نمش خفيف يغطي كامل وجنتيها و انفها الصغير ذاك ،، تغطي شعرها بحجاب طويل تُغير لونه حسب حجابها الفضفاض الذي يعكس حيائها و عفتها و تمسكها بالدين ،،

صديقتها مذكرتها فمنذ جلوسها قُبَالة النافذة الكبيرة متأملةً المارة و مستنشقة عبق مشروبها لا تفارقها تلك المذكرة خضراء اللون التي تحتوي على بعض الملصقات اللطيفة تكتب فيها الكثير و الكثير بقلم حبر اسود مزين بخيط ذهبي و شريط أحمر من الاعلى على شكل فراشة

كانت هادئة بشكل مخيف ، لا تبتسم لِأحد ، لا تصدر صوتًا حتى وإن كان بالخطأ ، و لا تُكلم احدًا... حتى النادل ، ذلك الفتى أنيق المظهر و جميل المَبسَم يأتي لها بطلبها و يرحل دون ان يحادثها.. لكنه يجلس بعيدا بعض المرات ليشاركني تأملها ، لكن الفرق بيننا انه يراقبها بنظرات حزينة غير نظراتي الفضولية حولها وهذا مايزيد فضولي حولها و حول هدوءها المريب....

قهوة مثلجة في الصَيف و شاي دافئ في الشِتاء ، اخبرتكم ان حالتي ميؤوس منها ، لقد ادمنت مراقبة هذه الفتاة حتى حفظت طلبها،
و عندما تنهي مشروبها وتقرر الذهاب لا تدفع شيئًا بل تغادر دون صوت مثلما دخلت دُونَ صَوت ، في البداية ظننتها مالكة المكان ، لكن ثيابها الراقية لا توحي ان فتاةً مثلها مصدر رزقها مقهى صغير كهذا...

في أيام الجمعة حيث يكون المقهى مغلقا و وقت مروري بجانبه بعد عودتي من السوق لأقضي حاجاتي كانت تجلس في المقهى في مركزه ان صح القول تحت انوار خفيفة و يبدو لي انه بارد من ملمس النوافذ حيث اذا كان المقهى دافئاً لعكس دفئه الى النوافذ و لو كانت سُخونة بسيطة ،، لاحد هناك ليشاركها مشروبها ، لا أحد يُجالسها و يسمت تلاوتها للقرآن فهي في هذا اليوم تحديدا تجلب مصحفها بنفسجية اللون بدل مذكرتها الخضراء ، لتتلو بعض الآيات بصوت جوهري تقشعر له الأبدان
كنت استرق السمع عند باب المقهى لكن وقوفي لا يدوم طويلا حتى ارى المارة يرمقونني بنظرات مستغربة ، حتى ان احدهم كاد يشتكيني للشرطة لأنه من انني سارق ، بربك من سيسرق في وضح النهار ؟ ، لو كان بإمكاني السرقة حقا لسرقت هذه الفتاة منذ مدة و اجبرتها على ان تحكي لي قصتها كما كنت انا وابناء عمومتي نجبر جدتي على ان تحكي لنا قصة "خداوج العمية" او قصة "بڨرة ليتامى" المشهورتين و التي يطالب بسماعهما كل طفل في البلد

كتمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن