الفَصلُ الخَامِس : المَاضِي....♡

201 27 19
                                    


ان الماضي ينشد لنا قصصاً تحمل في طياتها ألوان الحنين وأصداء الذكريات. هو بستانٌ من اللحظات التي تأخذنا في رحلةٍ عبر زمنٍ بعيد، حيث تتراقص الأحداث وتتمازج المشاعر. في تلك الزمنية الثرية، نجد أنفسنا نعيش تفاصيل صغيرة تجعلنا نتوقف لحظةً ونسترجع طيات تلك الأوقات الجميلة.

فهناك أصداء الضحكات البريئة والبهجة تملأ الأجواء، وتلك الدموع التي تذرفت في لحظات الحزن والفرح على حد سواء. هناك أيضًا أحلامنا وآمالنا التي نسابق الزمن لتحقيقها، ونعيشها مجددًا في كلمات النصر والتحقيق.

ذكريات الماضي هي بوابةٌ نعبرها لنستمد القوة والحكمة من تجاربنا السابقة. إنها لحظة العودة لتلك الزمنية الجميلة وتجديد روحنا، لنحقق النجاحات ونصنع الفرص الجديدة. ففي تلك الذكريات المشرقة، نجد الإلهام والتوجيه لمستقبلٍ أفضل وأكثر إشراقًا.


في عيد ميلادي السابعة عشر كان قد مر على وفاة والدي ثلاث سنوات كان لي الصديق و الأنيس ، و القدوة الحسنة ، و لدرجة تعلقي به أصبحت أشبهه في شخصيته فقد حملت طباعه لم يكن يمر يومنا دون التسكع مع بعض قُبيل المغرب ،

كنت أقرب الأبناء إليه فأخي البكر كان أقرب لوالدتي أكثر اما أخي و أختي الاصغر فتميل كفة تعلقهما حسب من يهتم بهما أكثر و غالبا كانت والدتي ، اما أبي فكان صارما بعض الشيء و مع ذلك كنت أحب هذا الجانب فيه أيضا ،

في الثلاث سنوات بعد بلوغي السابعة عشر عشنا الحزن و الألم لأول مرة ، حين كنت أرى دموع والدتي كل ليلة و تمسك أختي بمنديل ابينا و تشاجر إخويّ على من سيتغطى ببطانية ابي الزرقاء المهترئة ،، لأول مرة خيم الحزن منزلنا الصغير الدافئ ، لأول مرة عرفت عائلتي معنى الفقدان ، لذا قرر سكان المدينة تزويج والدتي ظننا منهم انه سيسد الفراغ الذي خلفه والدي ،

في احد الايام الماطرة و نحن جُلوس في بيت جدي على مائدة العشاء و قد كنا جمعا غفيرا ليعلن خالي الاكبر انه التقا بأحد اغنياء القرية وانه طلب يد والدتي للزواج ، دققت النظر في وجه والدتي لأرى معالم الرفض في وجهها و لكنها قبل أن تصرّح بما في جوفها قالت جدتي في نبرة فرحة " نعم يا بنتي فلتقبلي فالان أصبحتي أرملة بأربعة اطفال من سيعيلكم ؟"

"نحن لا نحتاج لدخيل يا جدتي ، و لا تخافي سنعيل نفسنا بأنفسنا ، لا نحتاج شفقة أحد" قلت بنبرة هادئة و محترمة عكس الغضب الذي إجتاح داخلي و مع ذلك وبخني جدي بسبب مقاطعتي لحديث الكبار و لتهدأ أمي الوضع قالت مؤيدة لي " لا بأس يا أبي ، انا لا أريد الزواج ، سأعيل أبنائي بنفسي "

كتمانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن