بخيت

11 2 0
                                    


       أجزم بأنّ قائد رجال القميص الأبيض قد تعجّب من كذبتي هذه. ثم قال لي الأسمرُ متعجّبًا:

- لم أعتقد بأنّك ستكذب كذبة بطريقة قد اقتنع بها الجميع، بما فيهم أنا.

وتعالت ضحكته. وسألتُه:

- من أنتم إن لم تكونوا من الشّرطة؟!

أجابني بعد أن تنهّد:

- إنّنا جئنا لحمايتك من عصابة قد تورّط أباك معهم.

- تورّط أبي معهم!!!

لقد صعقني، كيف يتورّط أباي مع العصابات!؟ لا أصدّق. قلت له متسائلًا:

- ولماذا كذبتم عليّ إذًا؟!

التفت حوله بعينيه، ثم أجاب:

- كنّا مضطرّين يا فتى. لو أنّنا أخبرناك بالحقيقة منذ البداية، لكان الخوف يملأ قلبك، لكنّنا أحببنا أن نتدرّج معك بهذا الأمر؛ بمعنى أن نمثّل دور الشّرطة، ثم حين نضمن أنّنا كسبنا أمانك وثقتك، فسنخبرك بالحقيقة، ولكن ما حدث للتّو، جعلني أتّخذ خطّة بديلة وسريعة لم أكن مستعدًّا لها، لكن مرّ كل شيء بخير.

وزفر بارتياح. وسألتُه من جديد:

- أرجوك أخبرني عن تفاصيل أكثر!

نظر نحو الأريكة، وأجاب:

- لنجلس أوّلًا، ونحتسي الشّاي والقهوة، وسأخبرك بكل شيء!

احتسى الأسمر قهوته، وبعدها، أطلق زفيرًا طويلًا، ثم قال:

- إنّك تُجيد صنع القهوة بامتياز.

وتابع بعدها بثواني، بعد أن مضغ بقايا القهوة التي كانت عالقة في داخل فمه، وبلعها:

- سأعرّفك على نفسي قبل كل شيء، أنا اسمي (بخيت). صديق قديم لوالدك، ولقبي الحركي (تايسون). وكان قد أوصاني قبل اختفائه بأن أكونَ قريبًا من المنزل كي أراقبه. لقد خشي والدك أن يقوم رجال مجهولون باختطافك!

صُعقت وذُهلت! وسألته:

- اختطافي! لماذا؟ ومن هم؟!

- إنّهم حسبما أعرف، من طرف والدتك!

- والدتي!!! لماذا؟! وأين هي بالضبط؟!

- لا أعلم حقيقةً، ولكن هذا ما أخبرني به والدك.

ظللتُ واجمًا أفكّر فيما قاله هذا الرّجل الغريب، لا أعلم إنْ كان صادقًا أو كاذبًا، ولكن لماذا لم يخبرني والدي بهذا من قبل؟!

ووجّهتُ له سؤالًا:

- أين والدي الآن؟!

هزّ رأسه نافيًا، وأجابني:

- تحديدًا، لا أعرف. لكن تصلني رسائله عبر هاتفي.

- أيمكن أن تتصل به؟! أريد أن أعرف الكثير.

- اعذرني. لقد أخبرني بألّا أتّصل به مطلقًا. ولا تسألني عن السّبب، لأنّني قطعًا لا أعلمه؛ أنا هنا لأنفّذ أمره.

احترق قلبي، وزاد توتّري واشتعلت حيرتي. ثم قلت لبخيت:

- وكيف أضمن بأنّك صادق فيما قلته؟!

زفر مجيبًا:

- لا يهم إن كنت تصدّقني أم لا، الأهم هو أنّني هنا لحمايتك.

طرقتُ رأسي بيأس، وتمنّيتُ حقًّا لو كان والدي هنا؛ فأنا أحتاجه في هذه اللحظة أكثر من حاجتي لهؤلاء الغرباء!

أوْصِدْ البابَ جيّدًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن