الفصل الأول .

154 27 85
                                    

-1-

١٩ أبريل ٢٠٢٣
في غرفة معتمة رثّة ، تبدو قديمة لم يدخلها بشري منذ أعوام ، تفتقر للطخات فرش الدهان على جدرانها ، لا تحتوي على شيء من قطع الأثاث ، ولا تنيرها شيء من الأضواء ، سوى القليل من ضوء الشمس الذي انبثق من الشباك الوحيد المتكسر في تلك الغرفة والذي لا يبدو راغباً في ذلك ، اتّخذت بارك داي هيون أحد الطاولات المتكسرة والمتقشرة مقعداً ، حيث كان أمامها لوح عُلِّقَ عليه صور لمجموعة من الشبان الذين يبدو على ملامحهم وسامة شديدة ، وعلى أجسامهم المثالية الزائدة ، حتى يظنَّ أحدهم أنهم جميعاً يعملون في مجال عرض الأزياء لكنهم ليسوا كذلك ، "كيم جونغ هي" طالب في جامعة سيول وهو زميل لبارك داي هيون ، "لي جونغ هون" أحد أشهر الأطباء النفسيين في كوريا ، "هونغ جونغ بو" مدرّس رياضيات ، وآخرون ...

كانت تضع داي هيون أمامها على الطاولة ورقة وقلم وهاتف نقّال وعلبة دواء يحوي بداخله مهدئ ، فتحت على الهاتف النقال حساب لأحد الأشخاص يدعى "لي جونغ بي" وبدأت بتصفح حساباته والتمعن فيها ، ثم نقلت بعض المعلومات التي تراها مهمة على الورقة ، وانغمست في ذلك النشاط الذي يبدو غير مفهوم حيث كان يبدو على ملامحها الجدية المفرطة ، حتى قاطع اهتمامها وتركيزها صوت منبه الهاتف يرن ، أغلقت صوت المنبه ثم حملت علبة المهدئ وابتلعت حبةً منها ثم أزالت الغطاء الأبيض الذي كانت تضعه على أكتافها كالمعطف ووضعته فوق ذلك اللوح وحملت القلم والورقة ووضعتهما في جيب البيجاما الواسعة التي كانت ترتديها وتناولت الهاتف وعلبة المهدئ واتجهت الى الخلف نحو باب قصير يبدو وكأنه صُنِعَ في بيتٍ للأقزام ، فتحت الباب لنرى أنه يؤدي إلى غرفتها ، انحنت ثم دخلت الى الداخل ، أخذت الورقة أثنتها ثلاث مرات ووضعتها في أحد الأدراج المليئة بأوراق كتلك ، أقفلت ذلك الدرج وفتحت آخر ثم وضعت فيه علبة المهدئ التي تبدو وأنها ليست الوحيدة لديها ، فإنها تمتلك الكثير من تلك ، المفتوحٌ منها والمغلق ، الممتلئ والفارغ .

اتجهت نحو خزانة الملابس وأزاحتها بهدوء حتى وضعتها أمام ذلك الباب القزم مباشرة حتى اختفى الباب وراء الخزانة ، فعلت ذلك بهدوء شديد حرصا منها على ألا يسمع ذلك أحد ، ثم استلقت على السرير وأغمضت عينيها تنتظر صوت طرقات باب والدتها :
_ داي هيون ، هيا استيقظي .

ثم ذهبت دون أن تقول شيء آخر
_ ااه لا أصدق ذلك لقد كَبُرتُ وارتدت الجامعة ولا تزال والدتي توقظني إليها .

قالت بارك داي هيون ذلك بوشوشةٍ خافتة حتى لا تسمع ذلك والدتها .

-2-

٢٠ أبريل ٢٠٢٣
نادى الطبيب لي جونغ هون بصوتٍ رزين : بارك داي هيون ، تفضلي بالجلوس .
دخلت الى العيادة الّتي كان يتجنّبها ضوء الشّمس فانبثق وازداد من الشّباك شبه المفتوح خلف طاولة الطبيب ، وكأنّها من أنارت المكان بضوئها ، فتقدّمت وجلست أمام الطبيب ، بتوتّرٍ غير مبرّر جعل فخذيها يهتزّان اهتزازاً وصل إلى الطاولة الّتي أمامها .

SEDATIVE حيث تعيش القصص. اكتشف الآن