الفصل السادس

21 7 27
                                    

-1-
١٤ أيار ٢٠٢٣

كانت سا را تحتضن كأسي قهوة مثلجة بأصابع يديها ، منتظرةً داي هيون أمام قاعة محاضرتها الثانية ، ارتسمت ابتسامةً خفيفة على ثغريها مرحّبةً بداي هيون وقدّمت لها كوب القهوة المثلّجة الّذي تُحبّ ، أخذت رشفةً من الكوب وابتلعته ثمّ ابتسمت وسارت مع سا را في ممرّ الكليّة ، بعد بضع دقائق من السّير فتحت سا را حديث بالسؤال عن حال جونغ هون ، فردّت عليها قائلة : لا يبدو أنّ حاله بذلك السوء ، انّه يتحسّن سريعاً ، ولا يبدو أنّه يتذكّر شيء ممّا حدث ، فاضطررت للكذب عليه قائلةً أنّه كان في شجار عنيف بالأيدي مع شخص ما تسبّبت له بكلّ تلك الجروح.

ابتلعت سا را رشفة القهوة الّتي كانت في فمها وأمالت رأسها قائلة : كيف يمكن أن ينسى كل شيء بتلك البساطة ، ويعود للتعامل معكِ وكأن شيئاً لم يحدث؟ أم أنّه يتناسى؟

ردّت داي هيون : لا يبدو أنّه كذلك ، لكنّ الغريب أنّه سألني عن علاقتي بك ، هل يعرفكِ ؟
_ امم ، نعم ... لقد كان زميلي في التدريب لمسابقة الخطابة في أحد السنوات .
ردّت داي هيون بشيءٍ من الاستغراب : مسابقة خطابة !
_ نعم .

-2-
مذكرات دفتر جونغ هي "١٧ أيار ٢٠٢٣".

خوفٌ منك ، وخوفٌ عليك ، وخوفٌ على حقِّ شقيقتينا الذي هُدِر ، كلّ ذلك يحتّم وجوب بقائنا معاً ، لكنّك من ترفضين ذلك .

-3-
مذكرات دفتر جونغ هي "٢٥ أيار ٢٠٢٣".

يومٌ آخر أعيشه كباقي الأيام ، لا أرى فيه داي هيون أو أسمع صوتها ، أو حتّى أزور الجامعة ، أصبحت كلّ أيامي متطابقة ، أحسب كم من الوقت الّذي مضى منذ آخر مرّة رأيتها فيها ، ويُصَوّر اليّ أنّها عادت ... ثلاثة عشر يوم ، اثنين وعشرون ساعة مضوا منذ آخر مرّة نلتقي وما زالت عقارب الساعة مستمرّة في العدّ ...

-4-
مذكرات دفتر جونغ هي "٢٦ أيار ٢٠٢٣".

بينما أنا ذاهب لأستلم شهادتي صدفْتُها .. لَن أَقول أنّني تذكَّتُها للتّوّ لأنها لم تذهب عن بالي قط لكنّني أوقفتها .. نظرْتُ في عيْناها .. خشيْتُ أن أسْرح في عيْنيْها كعادتي .. فطأطأت رأسي وسألتها بينما كانت دموعي تقف على حافة عيناي : لماذا انتظرتِ الفرصة الأولى كي تلوميني ؟ لماذا لم أعد أراكي ؟ لماذا أُعاقب على شيء لم أفعله ؟ هل هناك أعذار ؟ اشرحي لي .. كلّي آذان صاغية..

قلْت هذا الكلام ثمّ سالت عيناي بالدّموع .. لا أعلم كيف يأتي كل ذلك الدمع .. فإنني اعتقدت أنّ عيناي قد جفّت منذ زمنٍ بعيد .

وقفت وأنا أنتظر الرّد لكنّني لم أجده .
مسحْت الدموع ورفعت نظري إليها ، وجدْتها تنظر إلي بحرْقة ودموعها احتبست في عيْنيْها .. لم أعلم حينها سبب تلك النظرة .. لكنّها قالت : ظنَنْتُ أنّك قد انشغلت بتخرجك .. أما الآن ربما أصبحت متفرَّغاً ، فهل لي أن أرافقك إلى مقهى قريب؟

-5-
٢٦ أيار ٢٠٢٣ .
جلسا في أحد المقاهي القريبة أمام بعضهما البعض كلّاً منها يحدّق بعيني الآخر دون أن ينبسا ببنتِ شفّة.

لم تعيش داي هيون موقف كذلك من قبل .. كان ذلك الموقف هو الأكثر توترا على الاطلاق .. دموعها تطرق باب عيناها حتى تسيل .. وكان المفتاح هو التفوه بالكلام لكنَّها فضَّلت الصمت كي لا تُغرِق المقهى بالدموع .. لكنها لم تعلم أنَّ الدموع في مقلتيْها هي تماماً من أغرقت قلب جونغ هي .

-6-
٢٧ أيار ٢٠٢٣.

ذهبت سا را لترافق داي هيون بعد الانتهاء من جلسة لدى طبيبها النّفسي اللتي باتت تقلّ تدريجيّاً مؤخراً ، كانت داي هيون تراقب آخر الطريق الّذي يسيران فيه بعينين محدّقتين وملامح خالية من المشاعر ، ينعكس توهّج الشمس على جبهتها اللامعة ، وتخبّئ كفيها في أجياب البنطال ، تنصت الى أصوات أقدامها وصديقتها ... حتّى أن قاطع ذلك صوت سا را بشيءٍ من التساؤل والتعجّب قائلة : بارك سا رام؟! كيف استطعتِ حجز موعد لديه؟

ردّت داي هيون بصوت متحشرج ومنخفض بعد كل ذلك الصمت : انّه صديق العائلة ، أتابع معه منذ سنتين ، كما أنّه من وجدني عندما فقدت الوعي خارج المنزل وأخذني الى والدتي .
سكت كليهما مرّة أخرى وعادت داي هيون للانصات بأصوات الطبيعة من حولها ، حتى وصلتا الى ذلك المفرق الذي راقبته منذ البداية ، حرّكت سا را خصلةً من شعرها اللتي تسلّلت الى وجنتيها بأطراف أصابعها ثم تنحنحت ، وأكملت محاولةً بدء حديث : أليس من المرهق مواعدة شخص لم تعرفيه سوى القليل؟ هل أنتِ متأكدة من حبّكِ له؟

تنهّدت داي هيون محاولةً جمع كلماتها حتّى قاطعهما رنين هاتف داي هيون المحمول ، أجاب الهاتف صوتٌ مظلمٌ أبحّ قائلاً : هل أنتِ الآنسة بارك داي هيون ابنة السّيدة لي جي يونج؟ والدتك وجدت في حالة حرجة في أحد شوارع المدينة ، وهي الآن في المستشفى أرجو منكِ الحضور ...

__________________

الفصل السادس تم ♡
اكتبولي توقعاتكم حول القادم وارائكم فيم قرأتموه ... ♡

لا اله الا الله محمد رسول الله .

SEDATIVE حيث تعيش القصص. اكتشف الآن