الفصل التاسع.

42 6 10
                                    

٨ حزيران ٢٠٢٣ .

انتصب جونغ هي خلف داي هيون بعد أن اصطحبها الى قبر والدتها، انحنت داي هيون الى الأمام قليلاً لتكسر اللون الأبيض بأزهارٍ حمراء عرفت بالصّدفة أنه كان المفضل لدى والدتها في حياتها، ثم عادت لتقف مجدّداً محاولةً التظاهر بالجمود لكنّها لم تستطِع أن تكبح كلماتها ووعودها لوالدتها، فنبست بحرقةٍ جعلت كلماتها مكسورة: سنلتقي في حياةٍ أخرى، حيث لا قتْل، لا مرض، لا اختِطاف، لا خوف، حياة خضراء تعمُّها السلام، هناك... حيثُ سأحكي لكِ المرّةَ الأولى كيف ماتت شقيقتي ومن فعل ذلك بينما نحن ننظر لعينَيْ بعضِنا البعض، أو ربما... هي من ستسبقني وتقول لكِ ذلك، سنلتقي جميعاً حيث لا موتٌ ينتظِرنا ولا انتِقام، ربّما حينها سأعبّر عن حبّي لكِ وأنتِ كذلك، سنفعل كلّ ما لم نستطع فعله هنا، أما الآن فوداعا. .. سنلتقي.

جثت على ركبتيها أمام والدتها، وأسندت رأسها نحو الحجارة حتى تبعثر شيءٌ من خصلاتِ شعرها على التربة، شعرت وكأنها في أحضان والدتها حتى انعزلت عن كل ما يدور في العالم ونسيت أن هناك شخص ينتظرها، في تلك اللحظة كان جونغ هي يتأمّل عينيْها الزرقاوين المتوهجتيْن أمام أشعة الشمس، حتى أخفت كلّ ذلك الجمال الّذي صُبَّ في عينيْها بعد أن أطبقت جفنها، رفع نظره عنها قليلاً ليرى ها نا توأمه تجول بين القبور ببطء ترتدي ذلك الفستان الأحمر الّذي اختلط لونه بلون دمائها الناجم عن كدماتها من بين تشقّقات الثوب، كانت تلك المرة الأولى الّذي يرى فيها توأمه منذ فترة ليست بالقليلة، فأغمض عينيه بقوّة حتى سالت دمعة قد حُبِست في مدمعه منذ دقائق، ثم فتح عينيه وتوجّه نحو داي هيون اللتي لم تكن تشعر بوقع خطواته، ربت على كتفها بلطفٍ حتى يشعرها بوجوده لتضم يده بشدّة تحاول منعه من النهوض ثم رفعت رأسها عن الصخور ونظرت نحوه، فقال بصوتٍ متحشرج: لا أعتقد أنه المكان المناسب لقول ذلك، لكن يجب أن أقول.

تحوّلت نظراتها الى تعجّب وأشاحت له بعينيها ليكمل: في غضون أسابيع مضت تغيرت أحوالنا جميعاً... كنتِ في بداية الأمر لا تطيقي التعامل مع أشخاص لا تعرفينهم وأنا كذلك، لكننا الآن كما تري...

سكت قليلاً يحاول استجماع كلماته ليردف: أقصد أن كلينا لا يستطيع انكار تحسّن أحوالنا، وها نحن ذا نقف مع بعضنا البعض في أسوأ الظروف، ومن كان السبب في ذلك أرى أنها سا را، لقد كانت سنداً لكلينا ولا أعتقد أنها ستخذلنا ان احتاج أحدنا اليها، ويجب أن نردّ لها ذلك الجميل.

ازدادت ملامح الاستغراب على وجه داي هيون وقالت بحاجبين منعقدين: ماذا تقصد؟

_ ألم تتساءلي يوماً كيف عرفتها؟ انها الشخص الوحيد الذي عرفته في الكلية طوال سنوات دراستي.

ثم أردف بينما يحاول الجلوس على التربة أمام داي هيون: لقد سُرِقت كليتها بأبشع طريقة لكنّها لا تتذكر شيئاً، أعتقد أنها حينئذ خُدّرت من قبل أحدهم... وبعد أن استفاقت وجدت أنها متعبة جداً ولا تعرف السّبب.

كلّما أضاف جونغ هي كلمة أخرى لحديثه ازدادت ملامح التعجّب على وجه داي هيون، فقرّر أن يحكي لها القصة منذ البداية: في أحد ليالي الشتاء منذ ثلاث سنوات تقريباً كنت عائداً للمنزل منهكاً بعد يوم دراسة وعمل طويل وكل ما كنت أحتاجه هو الاستلقاء على السرير فقط... حتى رأيتُ فتاة ترتدي ملابس غير مهندمة متكوّرة حول نفسها وتضغط بقوّة بكف يدها على خاصرتها ويبدو أن هناك نقاط دم تنهمر من بين أناملها، حتى آخر لحظة كنتُ سأتجاهلها لأنني متعب لكن كلّ ما حولي يذكّرني بشقيقتي فبدأت الهلوسات تعود اليّ ثانية، ها نا تخرج من ذلك الزقاق وتتجوّل في تلك الحارة بخطواتٍ ثقيلة بينما ترتدي ذلك الهندام الأحمر حتى أطبقتُ عيناي بشدّة لبضع ثوان وبعد أن فتحتهما تقدّمتُ نحو تلك الفتاة لمساعدتها، كان يبدو عليها أنها ليست على ما يرام وكأنها لا تعي لما حولها.

سكت قليلاً ليبتلع ريقه ثم أردف: حاولتُ ايقاف النّزيف من ذلك الجرح الكبير بعد أن اصطحبتها الى منزلي، كان الجرح كبير وقد أُغلِق بخيوط ومكانه في الخاصرة لذا تبادر الى ذهني أنها عملية استئصال كلية، لكنني لم أفهم حينها لماذا خرجت من المشفى قبل أن تتعافى كلّياً؟ حتى استيقظت في اليوم التالي وبدا أنها خائفة ومتعجّبة من الحال الذي وجدت نفسها به، لذا لم أريد أن أُخيفها أكثر وأخبرها بأن ربما كليتها قد استُؤصِلت فأخبرتها بأنها ندبة من حادثة وأنني سأساعدها على التعافي، وبحكمِ أنها كانت متعبة لا تستطيع الوقوف لعدة أيام، فلم ترَ الجرح بينما كان حديثاً حتى أزلتُ الخيوط ومع استخدام بعض الأدوات التي تساعد على كتم جروح العمليات الجراحية لعدة أيام بدت وأنها فعلاً مجرد ندبة مع مرور الوقت، حاولتُ إرشادها لبعض الأمور اللتي تقلّل من الأعراض الجانبيّة حتى لا تلاحِظ.

ردّت داي هيون : لدي سؤال ربما يكون غريب، كيف يمكن أن تكون بتلك السذاجة ولا تلاحظ أي شيء غريب وتثق بشخص عرفته للتو؟

ابتسم جونغ هي باستغراب ممّا تفكر به، ليرد: سا را انسانة بسيطة تثق بمن حولها بسهولة، و لولا ذلك لم يكن ليحدث معها مثل تلك الحادثة، لم تكُن لتعتقد أن انسان قد يقوم بمثل ذلك العمل الوحشي لأجل بعضاً من المال.

ردت داي هيون: اذن كيف يمكن أن نساعدها بعد كل ذلك الوقت؟
_سننتقم ممّن فعل ذلك، لدي خطة محكمة.
سكت قليلاً ليرى رد فعلها ثم أكمل: يجب أن تعرفي أولاً أنهم سذّج كذلك...

______________________

ايش رأيكم بالرواية الى الآن؟ السرد جيد ولا لازمه تعديل؟

شو خطة جونغ هون برأيكم؟

ايش تحليلاتكم بالنسبة للقاتل؟ وبالنسبة لسارق الكلى؟

سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم♡

SEDATIVE حيث تعيش القصص. اكتشف الآن