"الفصل العاشر"

200 5 0
                                    

على مائدة الإفطار يجلس مارتن وإسلام وسمية.
مارتن بهدوء: صباح الخير يا ماما، صباح الخير يا إسلام.
سمية: صباح الخير يا حبيبي.
إسلام: صباح الفل يا مارتن.
مارتن بهدوء: آلاء عاملة إيه دلوقت؟
إسلام بخبث: تعبانة جدًّا يا مارتن والله.
مارتن ببرود: ماما ابقي روحي اطمني عليها.
إسلام دون أن يكف عن المشاغبة: ما تروح إنتَ؟
مارتن ببرود: ورايا شغل، سلام.

ثم تركهما خلفه وانطلق نحو عمله بنفس الملامح المهتجِّمة.
سمية: ربنا يهديك يا ابني.
إسلام: إن شاء الله يا ماما هيحصل قريب.
سمية: يا رب يا إسلام!
إسلام: هروح أنا أطمن على آلاء وبعد كدا هروح الجامعة.
سمية: خدني معاك أطمن عليها.
إسلام: تمام يا ماما.

وذهب كلاهما إلى الملحق كي يطمئنَّا على آلاء، أو هكذا قالت سمية.

"بينما عند آلاء وعائلتها"

آلاء برفض للطعام: مش عايزة يا ماما مليش نفس، سيبيني براحتي بالله عليكِ.
سهيلة وهي تحاول معها: يا بنتي مينفعش كدا انتي تعبانة لوحدك.
آلاء: والله يا ماما مليش نفس خلاص بقا.
رأفت بتعب: علشان خاطر أبوكي يا حبيبتي.
آلاء بتساؤل وهي تغير مجرى الحديث: بابا، هو احنا ممكن نمشي من هنا، يعني نروح لعيلتنا في الصعيد ونقعد هناك؟
رأفت: إحنا خارجين من البلد بمشاكل يا بنتي مينفعش نرجع تاني.
آلاء بيأس: يا رب ارحمني وريحني من الوجع اللي في قلبي يا رب!
وهنا طلَّ محمد برأسه من باب الغرفة ممازحًا أخته: الحلو عامل إيه النهاردة؟
آلاء بابتسامةٍ باهتة: كويسة يا حبيبي.
سهيلة: أختك مش راضية تاكل يا محمد.
محمد وهو يقفز بجوارها على السرير: سيبيلي أنا الطلعة دي.
آلاء بتعب: ماما خديه واخرجي، أنا هنام وهبقى كويسة.
محمد بتصميم: أبدًا، مفيش الكلام دا، هتاكلي يعني هتاكلي.

وبدأ محمد يطعم آلاء، ورغم رفضها إلا أنه استطاع إطعامها بعض اللقيمات كي تستعيد عافيتها سريعًا.

آلاء: كفاية شبعت.
محمد: لأ لأ لسة شوية كمان.
آلاء: والله شبعت.
سهيلة: خلاص يا محمد المهم إنها أكلت.
رأفت: طيب أنا هخرج الشغل.
الجميع: مع السلامة.
نزل رأفت من الطابق العلويّ الذي تستريح آلاء فيه، ثم فتح باب الملحق كي يغادر، لكنه وجد إسلام ووالدته على الباب وقد أوشكا على طرقه.

رأفت بابتسامةٍ متعبة: اتفضلوا اتفضلوا.
إسلام: شكرًا يا عمي.
فيما رفع رأفت صوته ينادي على ابنه: يا محمد، يا محمد.
محمد وهو يجيب من الأعلى: نعم يا بابا.
رأفت: تعال شوف إسلام ووالدته، أنا رايح الشغل.
محمد: حاضر يا بابا.
رأفت بإحراج: عن إذنكم يا جماعة رايح الشغل.
أومأ كلاهما له بالإيجاب وهما يزينان وجههما بابتسامةٍ بسيطة، ثم نزل محمد لهما.
محمد: صباح الخير يا طنط، صباح الخير يا إسلام.
سمية: يسعد صباحك يا ابني، طمنني عاملة إيه آلاء؟
محمد: أحسن شوية يا طنط الحمد لله.
إسلام: هيَّ فين طيب نطمن عليها؟
محمد: فوق في أوضتها، اتفضلوا.

وصعد إسلام ووالدته ومحمد عند آلاء.

إسلام بمرح: عاملة إيه يا أوزعة؟
آلاء بابتسامةٍ واهنة: إسلام هضربك!
إسلام بضحك: الأوزعة هتضربني!
سمية وهي تضرب ابنها بخفة على كتفه: عيب يا إسلام.
آلاء بتساؤل: مين حضرتك يا طنط؟
سمية بابتسامةٍ: أنا سمية والدة إسلام ومارتن.
آلاء بمرح مجهَد: مش باين عليكِ يا طنط والله إنك أم الأهرامات دول.
سمية بضحك: ربنا يكرمك يا بنتي.
محمد لإسلام: يلا اتأخرنا.
إسلام: يلا بينا.
ورحل الشابان إلى جامعتهما؛ لقد تأخرا بما فيه الكفاية اليوم، وليسا على استعداد لسماع أي توبيخ.

سهيلة لسمية: تشربي إيه يا مدام؟
سمية: تسلم إيدك يا حبيبتي، أنا هقعد مع آلاء شوية وهمشي.
سهيلة: منورانا والله.

وخرجت سهيلة فيما ظلّت  سمية وآلاء في الغرفة بمفردهما.

سمية بإحراج: ممكن أطلب منك طلب؟
آلاء بترحيب: آه طبعًا، اتفضلي يا طنط.
سمية: تسلمي يا حبيبتي.
ثم ابتلعت ريقها وحاولت أن تصبغ نبرتها باللطف: هو ممكن لو طلبت منك تتجوزي مارتن توافقي؟
آلاء بتفاجؤ: إيه! مارتن طلب مني نفس الطلـ...
سمية بمقاطعة: بجد! مارتن طلب منك كدا؟
آلاء باستغراب: آه يا طنط، ليه بتسألي؟
سمية بحزن: هحكيلك حاجة ممكن  تساعدك في التفكير.
وحكت سمية لآلاء كل شيء عن ندى، وكيف تركت مارتن وتخلت عنه، وكيف تغير للأسوأ بعد وفاة والده.

آلاء بتعاطف وقوة في آن واحد: أنا عارفة إن اللي مر بيه صعب، بس ده ميديهوش الفرصة إنه يدمرني ويدمر أهلي!
سمية باستغراب: مش فاهمة!
آلاء: هحكي لحضرتك.

وحكت لها كل شيء منذ لقائهما على شاطئ البحر وحتى الآن.

سمية بإحراج: أنا آسفه يا بنتي والله، معرفش إنه عمل كل دا بجد!
ورغم دا ما زلت بتمني إنك تفكري في قرارك كويس، أنا أول مرة أشوف ابني يقلق على بنت بعد اللي حصل كانت امبارح.
آلاء بشرود: ربنا يسهل يا طنط، ويا ريت محدش يعرف حاجة من اللي قلناها هنا من فضلك.
سمية: أكيد يا حبيبتي.

ثم ودعت سمية آلاء وتركتها تفكر في كلامها؛ كي تقرر بعده ما ستفعله على وجه التحديد.

"عند سارة"

لم تذهب للجامعة اليوم، قامت بمهاتفة آلاء لتطمئن عليها، ثم جلست مع عائلتها قليلًا، وبعد ذلك ذهبت لغرفتها لتذاكر دروسها.

"في الخارج"

عاد علي وعمار من العمل ودخلا إلى منزل عليّ.

علي: هتتعشى معايا؟
عمار: إشطا أنا جعان أووي.
علي: هغير وأقولهم يحضروا العشاء.
عمار: تمام يا باشا.

دخل علي لتغيير ملابسه، وفي نفس الوقت خرجت سارة لإحضار شيء كانت قد تركته في الصالة.

عمار: سارة!
سارة وهي لم تلتفت إليه: أفندم؟
عمار بإحراج: أنا آسف.
سارة وهي على وشك البكاء لكن تظاهرت بالقوة: تمام، حصل خير.

وذهبت لإحضار ما تريده ثم عادت لغرفتها دون الحديث معه مجددًا ولو بكلمةٍ واحدة!

عمار في نفسه: هووووف أنا إيه اللي عملته دا!
كان لازم أطول لساني عليها!
يا رب تسامحني؛ أنا بحبها والله، بس مش هينفع أعترفلها غير لما أرتب نفسي.

عند سارة: ماشي يا عمار، أنا غلطانة إني حبيتك، بس من النهاردة بوعد نفسي إني أنساك نهائي.
أنهت كلماتها تزامنًا مع نزول دمعاتها بغزارة على وجنتيها، ثم نامت دون أن تشعر.

فهل ستُجبر تلك القلوب المنكسرة؟

أسيرة القاسيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن