ذَهبتُ أنا وعائلتي إلى منزلنا الجديد الذي يَقع بالقُرب مِن مكان عمل أبي، كان بيتنا كبيرًا ومرموقًا حيثُ كان بِه حديقة كبيرة مليئه بالأشجار والورود المُتفتحة بشكلها الجميل ورائحتها التي تجذب أي شخصٍ إليها، ويُوجد سور مِن الخشب حَول الحديقة حيث يَفصِل المنزل عن الشارع.
في يوم من الأيام ذهب أبي إلى عملُه مُبكرًا ولم يَكُن أحدٍ في البيت غيري أنا وأُمي وأُختي المُتزوجه التي كانت تزورُنا ومعها أبنتها الصغيرة التي تبلُغ من العمر عامًا واحدًا، كُنا نَجلِس كُلنا في صالة المنزل حيث كُنا نتحدث سويًا وكانت أُمي تحكي لنا بعض الحكايات القديمه عن أبيها وأجدادها وكانت أُختي تَترُك طفلتُها الصغيره في غُرفتي في الطابق العلوي من المنزل، وفجأةً ونحنُ جالسين سمعنا صوت بُكاء الطفله، فقامت أُختي مُهرولة على السُلَمْ لترى ماذا بها!
وفجأةً سكتت الطفله وكأن شيءً لم يَكُن، وبعدها رجعت إلى مكانها بجانب أُمي كي تُكمل لَنا حكايتها عن الماضي، وبدأت أُمي تحكي عن القصص المُرعبة التي مَرَّ بها أبائها وأجدادها.
مَرَّ اليوم على ما يُرام وبعدها رجع أبي من عمله مُتأخرًا وجلسنا جميعًا كي نأكُل وبعد أن تناولنا العشاء، جلسنا نحتسي بعض الشاي ثُمَّ ذهب كُلٍ مِنَّا إلى غُرفته ليخلُد إلى النوم لكننا لاحظنا شيءً غريب؛ صوت يأتي من الطابق السُفلي وكأنه صوت بُكاء طفله.
كُل الأنوار مُطفئة، والظلام يَملئُ المكان وجميعهم نائمون إلا أنا الوحيد الذي ما زلت مُستيقظ لأنها عادتي دائمًا أن أسهر وأنام في وقتٍ مُتأخر من الليل؛ لَكنِّي نَهضت من على فراشي ونزلت كي أرى مَن الطفله التي تبكي! قُمت بإشعال نور الصاله لَكنِّي لم أجِد أحد، وفجأةً الصوت أختفى.
رجعت إلى غُرفتي مرَّة أُخرى، وواصلت سهري حتَّى الفجر، وبعدها نِمت مُباشرةً، ومَرَّ الليل ولم يَحدُث شيءً أخر، وبعدها جاءت أُمي تُيقظني في الصباح، فاستيقظت وذهبت إلى الحمام حتى أغتسل، ونزلتُ إلى الطابق السُفلي حيث أُختي تُحضر الفَطور، وبعد أن أنتيهنا من تناول فطورنا ذهب أبي إلى عمله كالعاده وأنا أخذتُ أُختي وأبنتها الصغيره كي أوصلهما إلى بيتهما، وبعدها رَجعت إلى البيت بسُرعه لأن أُمي بمفردها في المنزل، ولَكن كان الليل قد حل عليَّ وأنا في الطريق لأن منزل أُختي بعيدًا عن منزلنا، وأنا عائد إلى المنزل بعد أن وصلت إلى حديقة منزلنا، كانت هُنا المُفاجأه؛ رأيتُ شيءً غَريب حيث كُل الأنوار مُطفئة، ما عدا مِصباح واحد على باب المنزل مُتجه ناحية الحديقه، رأيت ظِل شخصٍ ما يظهر على السور الخشبي؛ يظهر وكأنه ظِل طفله لَكنَّها ليست صغيره كثيرًا، ولتَكُن في الخامسة عشر من عُمرها، صمدت بُرهة ثم قُلت بصوتٍ عالٍ " أُمي " لَكنّها لم تُجيبني، أقتربت ناحية الظِل كي أرى مَن هُناك لَكنّه أختفى في لَمح البصر.
بدأ القلق يظهر عليَّ طرقتُ الباب فَفتحت لي أُمي وقتها أيقنت أن هذا الظِل لم يَكُن ظِل أُمي، دخلت وكان يظهر على وجهي التوتر لاحظت أُمي ذلك فَسألتني مُتعجبة:
ماذا بك؟!
أَجبتُ:
لا تقلقي يا أُمي، أنا بخير.
مَرَّ الوقت عاديًا حتَّى ذهبتُ إلى غُرفتي التي توجد في الطابق العُلوي وبها نافذه تطُل على الحديقه مُباشرةً، جلستُ على السرير وبداخلي الكثير من التساؤلات؛ هل صوت الطِفله الذي سمعته ليلة أمس هو نفسه صوت هذا الظِل الذي رأيته مُنذ قليل!
بدأت الحيرة تظهر عليَّ لَكِني كُنت مُرهق جدًا، قررت أن أُنادي على أُمي لكي أسألها إذا كان أبي قد عاد أم لا، فَقالت لي أنَّه مَشغولاً اليوم سوف يأتي غدًا، حاولت إقناع نفسي بأن الذي رأيتُه هذا مُجرد وهم ولكنَّ النوم قد غلبني ولم أدري بشيءٍ من حَولي إلا وأُمي تُيقظني صباح اليوم التالي وتقولُ لي أنهم وجدوا ملابس طِفله في الحديقه مُلطخه بالدماء نَزلتُ مُسرعًا إلى الحديقة، وجدتُ أبي ومعه أثنان من رجال الشُرطة لَكن الغريب في الأمر أن الملابس التي عثروا عليها كانت لِطفله وكأنها في الخامسة عشر من عُمرها، وقتها تذكرتُ ما حدث معي ليلة أمس وتَأكدت من أنَّي لم أكُن أتوهم وأن هذا الظِل كان حقيقيًا.
أخذ رجال الشُرطة ملابس هذه الطفله وذهبوا، ثُمَّ دَخلنا إلى المنزل وبدأتُ أُخبر أبي بمَ حَدثَ مَعي ليلة أمس؛ لَكنِّ أبي دائمًا مَشغول في عمله حيث أنّهُ يعمل ضابط شُرطه.
غَيرَّ أبي ملابسه وذهب إلى قسم الشُرطة حتَّى يُحققوا فيما حَدث اليوم، ومَرَّ اليوم على ما يُرام حتى الساعة الحادية عشر مساءًا حيثُ كانت أُمي جالسه في غُرفتها وأنا أنظُر من النافذه التي توجد في غُرفتي؛ لَكنِّي رأيتُ شيءً غريب، رأيتُ هذا الظِل؛ ظِل الطفله لَكنِّه لَمّ يَكُن ظِل هذه المرة، بل رأيتُ الطفله نفسها رأيتُها تقف أمامي على باب الحديقه، يبعُد بيني وبينها قرابة عشرة أمتار؛ لَكنِّي أراها جيدًا هذه المرة، هي فتاة يبلُغ طُولها نحو مائة وخمسون سنتيمتر، ليست نحيفه وكانت ترتدي نفس الفُستان الذي وجدناه في الحديقه صباح هذا اليوم، وهو فُستان أبيض مُلطخ بالدماء يَصل حتى مُنتصف ساقيها، ولا ترتدي شيءً في أقدامها، شعرها طويل ومُجعد، لا يَظهر شيء مِن وَجهها بسبب شعرها الكثيف الذي كان يُخفي ملامح وجهها.
وفجأة نظرت إلي نظره مَليئة بالحُزن، وبدون مُقدمات بدأت ملامحها تتغير وكأنَّها تتحول إلى شيطانه ثُمَّ ضَحِكت ضِحكة عالية ومُرعبة بعض الشيء، وبعدها أختفت تمامًا.
أغلقتُ باب النافذه مُسرعًا وجلست على سريري والخوف يملؤ قلبي، وجسدي يرتعش وكأنه تَثبتَ مكانه، لا أستطيع النهوض من مكاني، بعدها وضعت رأسي على الوسادة، وكان النوم أقوى مني بعدها، جاءت أُمي لتُيقظني وبعدها نَزلتُ إلى الطابق السُفلي حيثُ كان أبي يجلس على طاولة الطعام، جلستُ بجانبُه وقررتُ أن أُخبره بِكُل ما حدثَ مَعي ليلة أمس؛ لَكنِّي قبل أن انطِق بكلمة واحدة رأيت على وجهه الحيره فسألته:
ماذا بِك يا أبي؟!
لَكنَّه لم يَرُد وكأنَّه لَمّ يَسمع شيء، عَرفتُ أنّه يُفكر في شيء فكررت سؤالي ولكن بصوتٍ أعلى بعض الشيء:
ماذا بِك يا أبي؟!!
فأجاب:
حَدث شيءً غريب يا بُني ليلة أمس.
وأنا يا أبي حدث معي شيءً غريب ايضًا، فكان أبي مُتحمِس أن يعرف وطلبَ مِني أن أحكي له ماذا حدث، وبعد أن أنتهيت من كلامي قال لي:
هذه الطفله أسمها " إيما " تبلُغ من العُمر أربعة عشرة عامًا، كانت مريضة بمرض في رأسها وقد أتت مع عائلتها مُنذ عام، كانت تلعب في غُرفتها وقامت تَنظُر من النافذه كي تودع أبيها وهو ذاهب إلى عملُه أصابها الدوار فَوقعت من النافذه وماتت في الحال، ومُنذ هذا اليوم حتّى الآن وهي تظهر في الحديقه ولَكنَّها لا تأذي أحد، وهذا ما يجعل الناس يَفرون مِن هذا المنزل.ڪ/احمد جمعة السرحاني "العَزِيف"
هُنا حيثُ أعزفُ علي ألحان الرُعب، حتيَّ يَدُق ناقوس "الموت"
أنت تقرأ
كتاب مملكة الرعب المميت
Terrorلطالما حدَّثني ابني الصغير الذي يَبلُغ مِن العُمرِ ثلاثة أعوام عِدة مرات عن امرأة كانت تزور غُرفته كُل ليلة وتأخُذ في الغناء لهُ حتَّى ينام، وعندما طلبتُ مِنهُ أن يَصِفُها لي، قال: فتاة جميلة ترتدي فُستانًا أحمر ولا تمشي مثلنا على الارض بل تطفو فوق...