لطالما حدَّثني ابني الصغير الذي يَبلُغ مِن العُمرِ ثلاثة أعوام عِدة مرات عن امرأة كانت تزور غُرفته كُل ليلة وتأخُذ في الغناء لهُ حتَّى ينام، وعندما طلبتُ مِنهُ أن يَصِفُها لي، قال: فتاة جميلة ترتدي فُستانًا أحمر ولا تمشي مثلنا على الارض بل تطفو فوقها، وأما عن اسمُها فهو " جيسيكا ".
للوهلة الأولى ظننتهُ يكذب، وفي يومٍ مِن الأيام كانت السماء مُمتلئه بالغيوم الحمراء، وصوت البرق يَعلو المكان، والماء ينهمر من السماء، دخلت غُرفتِه كي أتفقده لَكنِّي لم أجده في فراشه كَعادتُه، خرجتُ أبحث عنه في كُلَّ مكان في المنزل ولَكنَّي لم أجده في أي مكان في المنزل، وبينما أنا أبحث عنهُ رأيتُه مِن النافذة الخلفية للمنزل يقف بمُفرده وكأن هُناك أحدٍ يَقِف أمامه، فخرجتُ مُسرعًا حتَّى أرى مَن يَقِف معه، ولَكن كانت المُفاجأه هي أنَّي لم أرى أحدٍ معهُ فاقتربتُ مِنهُ وكان لا يزال يبتسم لأحدهُم، لَكنِّ مَن هذا الشخص المُتخفي الذي يَقِف مع ابني في هذا الوقت!
اقتربت مِنهَ ثم وضعت يدي على كَتِفه والغريب أنهُ لم يُولي إليَّ اهتمامًا، ولا حتَّى التفت لي، فسألتُه وأنا أُظهر عصبيتي:
ما الذي يجعلك تَقِف هُنا في هذا الوقت؟
قالي لي وهو ما زال مُبتسم:
أُنظُر يا أبي، إنها صديقتي الجديدة؛
قالها دون ان يلتفت لي، أمسكتُه من يَدُه وأخذتُه حتَّى نَدخُل إلى المنزل لَكنّه كان يُشير بإصبعه ويقول وهو يبتسم:
مع القاء، أراكِ غدًا يا صديقتي الجديدة.
أخذتُه ودخلنا إلى المنزل وبدأت أُظهر لَه أنَّي غاضبً مِنه حتَّى لا يفعل فِعلتُه هذه مرَّة أُخرى، وبعدها سألتُه عَن هوية صديقتُه الجديدة، رَد عليَّ قائلًا:
إنها ذات الفُستان الأحمر.
أصابتني الدهشة من إجابته هذه، وحدثتُه قائلًا له:
لا يُوجد فتاة بهذا الاسم يا صغيري!
أردف قائلًا:
لا؛ يُوجد يا أبي، أنا أراها كُل ليلة تأتي إلى غُرفتي وتُغني لي حتَّى أنام.
فقررتُ أن آخُذه إلى غُرفته حتى ينام.
جَلستُ مع نفسي أُفكر في الذي حدث وما يراه هذا الصغير كل ليلة؛ حتَّى باتت عيني تأخذ في الإحمرار مِن كثرة التفكير.
وفي اليوم التالي، كُنت أجلِس في غُرفتي في الطابق السُفلي مِن المنزل بعدما تأكدتُ أنَ صغيري بخير، وفجأة سمعت صوتُه يضحك بصوتٍ عالٍ ولما ذهبت كي أرى ما الذي يجري، واقتربت مِن بابِ غُرفته سمعت صوت أحدٍ يُغني بصوتٍ جميل.
وقتها تذكرتُ كلام هذا الصغير، ودفعتُ الباب بقوة ولَكنَّهُ كان يجلس بمُفرده، فَنظرَ لي وهو يبتسم قائلًا:
إنها صديقتي الجديدة يا أبي التي أخبرتُك عنها مُسبقًا.
وأخذ يوجه إصبعه ناحية المرآة وهو ينظُر لي ويبتسم، وبعدها نَظرَ إلى المرآة ولَكنَّهُ لم يجدُها، فنظر إليَّ وهو يبكي قائِلًا:
لماذا أخفتُها يا أبي؟
اقتربتُ منه وأخذتهُ بين زراعيَّ وأنا أُحاول تهدئته حتَّى نام وهو بين يداي ثُمَّ وضعتُ رأسي بجانبُه حتَّى خلدتُ إلى النوم.
بعد مُرور بعض الوقت، سمعتُ صوت بُكاء، ظننتهُ صغيري يبكي ولَكنَّي عندما فتحتُ عيني كان لا يزال غارقًا في نومِه.
نهضتُ من على الفراش وأنا أتتبع صوت البُكاء، ولمَّا اقتربت من السُلم علمت أنَ الصوت يأتي من الطابق السُفلي، أخذتُ اقترب أكثر فأكثر وأنا أتحرك على رؤوس أصابعي كي لا أُصدر صوتً، وبعدها سمعتُ الصوت يأتي من الغُرفة المُغلقة مُنذ زمنٍ طويل، ولمَّا فتحتُ باب الغُرفة رأيتُها؛
هي ذات الفُستان الأحمر.
معقول! فهي مثلما وصفها صغيري بالضبط؛ فتاة جميلة ترتدي فُستانً أحمر تطفو في الهواء.
وفجأه تغيرت ملامح وجهِها وبعدما كانت تبكي بدأَ يرتسم على وجهها ابتسامة مُرعبة وعيناها تتسعان وتحولتا إلى اللون الأحمر الذي يُشبه لون فُستانِها دون أن تَنطِق بكلمة واحدة وبعدها اختفتْ في لمحِ البصر.
دفعتُ الباب بقوة وأخذتُ أجري مُهرولًا كي أصِل لصغيري قبلها وإلا إنَّها ستقتُله، وعندما وصلتُ عند باب الغُرفة سمعتُ صوت صغيري وهو يضحك.
دفعتُ الباب بقوة وسألتُه:
ما الذي يُضحكك يا صغير؟!
نَظرَ إليَّ قائلًا:
إنَّها صديقتي الجديدة يا أبي، أُنظر ماذا أهدتني؛ كانت عُلبة صغيرة، ولمَّا فتحتُها كان بداخلها ورقة مكتوب عليها بالدماء " لقد أصابت اللعنة صغيرك ".
أغلقتُ كُل أبواب المنزل وكُل النوافذ جيدًا حتَّى لا تتمكن من الدخُول إلى منزلنا مرَّة أُخرى.
وبعدما تأكدتُ أن صغيري بخير، جلستُ في الطابق السُفلي أُفكر في حل لهذه المشكله الكبيرة، وأُحاول أن أحمي صغيري مِن هذه اللعنة التي لا أعلمُ ما هي!
في اليوم التالي، وبعد تفكير طويل، لم أتوصل لحلٍ قط، وفجأه سمعتُ صوت شيء يَدُقُ بقوة، أخذت أجري مُهرولًا إلى غُرفة صغيري ولَكنَّه كان بغُرفته ويوجد ورقة أُخرى على فِراشُه مكتوب عليها " هذا هو مصير كل الذين أصابتهُم اللعنة ".
سمعتُ صوت أشخاصٍ يَصرخون ويُنادون عليَّ ولمَّا نظرتُ مِن النافذة
رأيتُ صغيري مُلقى على الأرض والدماء تسيلُ مِن حَوله، ومِن بين كُل الموجودين، رأيتُها؛ هي نفسها بنفس الفُستان الأحمر.
تنظُر إليَّ بنظرة مليئة بالرُعب، ثُمَّ ضَحِكت بصوتٍ عالٍ وبعدها اختفت، ومات صغيري.ڪ/ أحمد جُمعة السرحاني "العَزِيف"
"هُنا؛ حَيثُ أعزفُ على ألحان الرُعب، حتَّى يَدُق ناقوس الموت."
أنت تقرأ
كتاب مملكة الرعب المميت
Terrorلطالما حدَّثني ابني الصغير الذي يَبلُغ مِن العُمرِ ثلاثة أعوام عِدة مرات عن امرأة كانت تزور غُرفته كُل ليلة وتأخُذ في الغناء لهُ حتَّى ينام، وعندما طلبتُ مِنهُ أن يَصِفُها لي، قال: فتاة جميلة ترتدي فُستانًا أحمر ولا تمشي مثلنا على الارض بل تطفو فوق...