اقتباس

679 8 0
                                    

- يا عبدالله الحق عبدالرحمن بيضرب تحت يا عبدالله.
كان ذاك صوت أحد الصبية فى تلك الحارة لتسري الدماء فى عروقه و هو يشعر بالنخوة لأخيه ليهبط و نو يردد بصوت عالي:
- أي أخويااااااااا.
هبط لأسفل و لم سجد أحد يضرب أخاه أو هكذا أعتقد لتدفع الشجاعة و الحماسة مرة أخرى مردفًا بثقة:
- مين إلِ بيضرب أخويا أنا هعلمه الأدب؟
و لكن سرعان ما استمع لصوت خشن من خلفه و يوحي بأن الهير لم يأتي أبدًا لذلك التفتت له و هو يشعر بالخوف يغزو أطرافه حتى أنه تصلب فى موضعه:
- أنا؟
ابتلع ريقه و هو مازال ينظر لذاك الرجل الطويل ذو الجسد العريض بخوف ليفيق من شروده على صوته مرة أخرى:
- فى حاجة يلا ولا أي؟
طالعه بيسمة متوترة و هو يفكر فى تلك المعضلة التى أوقع نفسه فيها ما كان عليه الإندفاع هكذا، منذ متى و هو يوقع نفسه فى المصائب سواء كانت من أخيه هذا أو الأخر و لكنه توصل لطريقة عمليه و هو يبتسم بتوتر و ينطق:
- حاجة أي يا سيد المعلمين اضربه براحتك احنا أصلا متبرين منه و كارشينه من البيت.
كان الجميع يطالعه بصدمة و خصوصًا عبدالرحمن الذى خرج من صمته و هو يهتف باضجر غير راضٍ عن ذاك الوضع أبدًا:
- بقا يا غبي تبيع أخوك و دة كله عشان دة مش من شوية كنت هتقطع السمكة و ديلها.
أمسك الرجل " عبد الله " من قميصه و هو يرفعه لمستواه فابتسم له " عبدالله " بسماجة و من ثم تحدث الرجل بحنق:
- أنتَ قولت كدة يلا؟
حاول التبرير و هو يردد بريبة و يبتلع ريقه بخوف أكبر:
- لا طبعا يا سيد الرجالة، بس بعد إذنك نزل إيدك الهيبة راحت يا أخواتي.
أنزله الرجل و هو يرفع طرف شفتيه بسخرية ليصدر صوت خارج من حنجرته و هو يردد:
- على كدة البيه أي؟
طالعه بنظرات متوترة و بدأ حديثه:
- أنا مش بيه و الله أنا مهندس متنيل على عيني، سيب القميص و النبي لسه جديد.
- خلاص بس الواد دة لازم يتربى؟
- عنيا يا معلم هربيهولك.
اقترب " عبدالله " منه ليهمس " عبد الرحمن " له بشك:
- ولا كنت بتتوشوشوا فى أي أنا عايز حقي؟ يا جدعان الواد أخويا دة هيجيب حقي.
رفع صوته فى آخر كلماته لينصدم برده فعل أخاه الذى صفحه على وجهه أمام نظرات الجميع، لتتسع عيناه بصدمة نصحوبة بدهشة غير مفسر منها سوى نطقه:
- يا متخلف أنا أخوك إلي بينضرب و الله، الراجل وراك ولا عشان نسيت النضارة؟
اقترب منه مرة ثانية و هو يضربه ليطالعه بصدمة أيعقل أن ذاك الفتى أخاه الذى أجاد التمثيل و إتقان الدور و تحدث:
- بس يا خسيس المعلم متناقشهوش فى حاجة تاني يا حمار.
طالعه بغيظ و هو حاليا فى أسوأ حالاته ليحرك رأسه له بتوعد مردفًا:
- بقا كدة يا جبان، طب و الله لأنادي عبدالعزيز هو إلي هياخدلي حقي منك.
- يا عبدالعزير يا عبدالعزير بضرب يا عبد العزيز الحقني.
انتفض " عبد العزيز " و هو ينظر من الشرفة و يقول بضجر:
- مين إلي بيضربك يلا؟
طالع الجميع ليصدم ملامحه ذاك الشخص الذى يدعى " المعلم " ليلتسم له إبتسامة عريضة:
- المعلم خرزه ؟
- أية ده؟ ازيك يا معلم و أنا قول الدنيا منورة ليه يمعلم استنى نازلك.
كانت صدمة " عبدالرحمن " فى أخوته لا تذكر الأثنان تخلى عنه فى ثانية هل هذة هى الأخوة التى يتحدث عنها الجميع، سحقًا لكم جميعًا لقد أعمت أعينكم أخواتنا فنظر بتذمر لأخواته و هو يعقد يداه أمامه مردد:
- يلا هو دة إلي ضربني يلا رد عليا؟
تجاهله و كأنه ذبابة غير مرئية و من ثم وجه نظره لذاك الشخص و هو يحادثه كصديق قديم منذ زمن:
- و المعلمة برقوقة عاملة أي يا معلم خرزة القهوة بتاعتها ليها وحشة و الله.
- بخير بتسلم عليك، معتش بتنزل المنطقة ليه؟
- علينا النشاطات يا معلم بقا.
أردف بها ببسمة وسط اعتراضات " عبد الرحمن " الحانقة ليكمل و يتركه يصيح بصدمته:
- و السيد كوله صاحبك راح فين؟ محدش شافه يعني؟
- دا طلع بره.
-أيام يا معلم أيام، ضربت الواد أخويا ليه بقا؟
طالعها بسخرية و هو يرفع طرف شفتاه لأعلى بمعنى " أتذكرت الأن أيها الغبى " ليهمس فى ذاته دون أن يسمعه أحد:
- دلوقتي افتكرت أن ليك أخ، عيلة تعر.
أوضح ذاك الرجل ما يفعله له و كأن " عبدالعزيز " تحول الأن من وضع المدافع إلى وضع القاضي ليردف:
- يرضيك يا معلم يكلم بنتي؟
طالع أخاه بغضب و هو يعي أن ذاك الفتى المشاكس دائما ما يجلب لهم المصائب بسبب سمعته تلك حتى و إن لم يفعل ذلك، ليرد بدفاع عن نفسه و ملامحه تعليها الصدمة:
- نهار أسود أنت قصدك سيدة دي معفنة و الله، الحقني يا عبدالعزيز بيلبسوني فى البت دي ..دي هبلة و الله و العيال بتجري وراها فى الشارع يحدفوها بالطوب.
طالعه " المعلم خرزة " و هو يتنهد بغضب:
- و ليه الغلط دة بقا، شوف يا أستاذ عبدالعزيز حل؟
طالعه " عبد العزيز " و هو يبتسم له يأسف:
- خلاص يا معلم سماح المرة دي و هو مش هيقرب ليها.
خرج صوت " عبد الرحمن " المتذمر من ذاك الخديث المشمئز:
- أقرب لمين يلا دي و الله هبلة، هبلة يا ناس، أنا أضرب عشانها مش كنت أضرب على حاجة ليها القيمة شوية.
نظر له بنظرات مميتة جعلته يرتعب و هو يتراجع خوفًا منه و من ثم وضع يداه على صدره و هو يعتذر:
- خلاص يا معلم حقك عليا و حصل خير.
- عشان خاطرك بس يا أستاذ عبدالعزيز.
رحل تحت أنظار الجميع ليتقدم " عبد الرحمن " و هو يحتضن أخاه و يردد:
- أخويا إلِ نجدني مش زي الحمار التاني؟
قلب " عبدالله " مقلتاه بملل:
- جرا أي يا عبدالرحمن، القميص جديد و ورايا امتحانات قريب يرضيك يا راجل أبوظ عيني عشانك.
اصحبته نوبة من سخرية و هو ينطق:
- لا تبوظلي وشي يا خواف.
- أنا مش خواف.
- يا خواف يا خواف يا خواف.
- بسسسس.
كان ذاك صوت أخاهم " عبدالرؤوف" الذى فض ذاك الشجار قبل أن يبدأ مردفًا:
- بس بقا منك ليه؟ مولودين فى نقير بعض، و أنت يا عبدالرحمن لم الدنيا شوية أبوك بيتلكلك و حاليا قالي تجيلي و تجبلي أسماء الله الحسنى كلها فى إيدك و متبقاش غير عبدالرحيم فحد يكلمه و يجيبه عشان أبوك شايط فوق.
نظروا لبعضهم بريبة طالما والدهم ذكر " أسماء الله الحسنى" فهم يعلموا أتم العلم ما سيحدث لهم قريبًا.
ابتسم " عبدالرحمن " بسماجة مردفًا:
" أقرأوا الفاتحة بقا على روحنا"

تلك البداية فقط يا عزيزي ينتظرك الكثير و الكثير من المغامرات!

فدوى خالد
انجوي

الأخوة الخمسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن