وقفت أمام المبنى الضخم في نهاية أكبر شارع في المدينة حيث الحشود و الزحام سواء في الليل أو في النهار حيث رائحة السجائر تختلط برائحة التراب المبلل بقطرات المطر. الناس يهرولون مختبئين من المطر بعدما صلو الليل و النهار لأجله ينتحبون لسماع صوت قطراته تهطل ولو لساعة و هاهم الآن لم يزعجو أنفسهم و لو بالقاء نضرة خاطفة نحو غيوم السماء المتلبدة. منهم من هو منغمس بتناول وجبته بشراهة في إحدى المطاعم الفاخرة و هو يدير ظهره للنافذة و كأنه لم يذق طعاماً من قبل و منهم من يغتنم هذه الفرصة ليغازل الفتيات ضانا أنه كلما امطرت وجب عليه أن يغازل فيبدو رومانسيا كما الافلام ضانا انه الوقت المناسب للوقوع في الحب، المسكين سيضل يحاول حتى يفقد الأمل. و أخرى قد فقدت أناقتها بارتداء معطف الصوف الطويل و المطر قد أزال بعض مساحيقها لتبدو ملامحها الحقيقية ممتلئة بالتجاعيد و شعرها المبلل ملتصق بجبهتها العريضة
شتاء شهر ديسمبر مميزة بالنسبة لي فلطالما حدث الكثير في هذا الشهر من كل سنة و بالرغم من كون اغلبها إن لم يكن كلها ذكريات حزينة أكثر من كونها سعيده ستضل رائحة التراب المبلل بالمطر تزينها و تضفي حنينا لها
خرجت العاملة من تلك البناية الضخمة التي لا أكاد افهم الجدوى منها غير تزيين المدينة فمن ذا الذي يرسل برقيه في هذا العصر و الهاتف المحمول موجود لتيسير الأتصال و كأنه معجزة لكن هناك شخص أعرفه لايزال متشبتا بهذه الاوراق التافهة و هذه البناية الكئيبة كأنها جزء لا يتجزأ منه
أكثر ما أكرهه في هذه البناية هن العاملات.
النساء اللواتي يعملن هنا عددهن ضعف الرجال بمرات. خرجت تلك المرأة كعادتها بفستان احمر قصير لا أدري كيف لا تشعر بالبرد و ساقيها و صدرها عاريين، قد وصلت في وقت الغذاء ربما كانت مغادرة لتتناول غذائها مع شخص مهم فالحماس يبرق في عينيهاوقفت تنضر إلي باستغراب كما تفعل كل مرة لكن اليوم أعذر تصرفها، فأنا الوحيد الذي يقف تحت المطر ببلوزة صيفية مبللة أعزل دون مضلة أو شئ يحول بيني و بين قطرات المطر
وقفت معتدلة تضرب قدميها بقوة مع الأرض ليسمع صوت كعبها الجلدي العالي الجديد و تتدلل في كلامها تحسب كل رجل واقع في غرامها.
أشارت إلي لكي أتبعها إلى الداخل و كلما خطوت خطوة اعمق في هذه البناية الملعونة كلما شعرت بنفسي تضيق أكثر لا شيء اسوء من مكان حيث يجتمع حشود الناس يتبادلون الكلام في مواضيع سياسية و اقتصاديه و جلهم يرتدون أثواب رسمية سوداء تشعرني بالتوتر، ملامحهم الجادة و المتعبة تربكني دون سبب
- أرى أنك قد حصلت على برقيتين في يومين متتابعين، لم أحسب يوما انك تحظى بهذا الإهتمام"
![](https://img.wattpad.com/cover/355560748-288-k247417.jpg)
أنت تقرأ
غرفة في الجحيم / Room In The Hell
Misteri / Thrillerليتني لم أعلم من انا. ليتني لم أعلم من أنت. ليتني لم ألتقك . ليتني ... ليتني ... لقد أصبحت ضائعا بين احزان الماضي و التاسف على الحاضر و خشية المستقبل قصة قصيرة يرويها بطلنا ريتشارد حينما تحول ماضيه و حاضره إلى كذبة تجرعها حياته بأكملها متوقفة مؤقتاً...