الفصل الأول -١-

7.8K 180 30
                                    

-١-
- الدكاتره كلهم رفضوا المريضة دي للأسف يا دكتور لأنهم فشلوا معاها فشل ذريع، هي مجنونة من الأخر أو ممكن نقول ميتة..
مفيش أي تحسن ملحوظ ولو واحد في المية، محدش قدر يخرجها ولو خطوة واحدة من إللي هي فيه.
بصراحة صعبت عليا هتفضل عالطول كدا، دي عايشة ولا كأنها عايشة، على كدا أيامها معدودة ومش هتكمل عمرها.

رد الطبيب بأسف:-
- أنا يأست معاها وجربت كل أساليب العلاج ومفيش فايدة كنت قربت أتجنن، ومقدرتش أواصل أكتر من كدا واعتذرت.

- دا الدكتور السابع إللي يرفض الحالة ويفشل معاها.

كانت هذه جلسة لأطباء مشفى السبيل للأمراض النفسية والعقلية من بينهم الطبيب الجديد الذي استمع لكل كلمة بإنصات واهتمام.

قام من مكانه ثم هتف بهدوء ناطقًا بقراره المجنون المتهور:-
- أنا بقبل المريضة وتبقى حالتي الأولى هنا.

صُدم الجميع من قراره بعد كل ما قيل، هل سيكون أفضل من السبع الأطباء الذين أخفقوا!!
هتف الطبيب ماهر بتحذير:-
- إنت لسه جديد في مستشفى السبيل يا دكتور قيس، ولو دي حالتك الأولى هيكون في إحباط شديد لك.
إحنا واثقين من خبرتك ومن جدارتك بس إحنا متأكدين بردوه إن مفيش حالة زي دي قابلتك،
أتمنى تفكر وتسيب المريضة دي لحال نصيبها،
إنت متعرفش الحالة صعبة إزاي، ياريتها مثلًا بتثور ولا لها أي ردة فعل.
دي مهما عملت مش بيصدر منها أي ردة فعل وتقريبًا فاقدة النطق.
ارجع عن القرار المجنون ده يا قيس إنت لسه في بداية طريقك هنا.

قال بحسم وأعينه تشع إصرار:-
- عايز تقريرها لو سمحت يا دكتور ماهر أنا واثق من قراري وهباشر معاها العلاج والمتابعة من النهاردة وبإذن الله ربنا يشفيها ويجعلني سبب.

حرك الطبيب ماهر رأسه بقلة حيلة وقال:-
- إنت حر جرب مش هتخسر حاجة.
اتفضل دا تقريرها وأوضتها رقم ٢٠.

أمسكهم بإصرار وقال بصرامة:-
- شكرًا يا دكتور، بالتوفيق للجميع.

وخرج حيث مكتبه يتطلع للتقرير ما بين ذهول وتعجب وحيرة وحزن ثم بقوة خرج وصعد حيث الغرفة ٢٠ ليقابله مصير مجهول..

                 *****************

اقترب من الغرفة حتى توقف أمام بابها بملامح وجه معقودة ثم أخذ يتنفس بعمق مراتٍ عِدة قبل أن يدلف للداخل بعد أن طرق الباب بخفة..
لكن ما قابله بالداخل جعل الدماء تتجمد بجسده..

ظلام دامس تغرق به الغرفة إلّا من شعاع الضوء العليل هذا الذي ينبعث من نافذة دائرية ذات زجاج قاتم..
اقترب وهو يلمح جلوسها بتصلب فوق الفراش بسكون مهيب..
وسؤال واحد قُذف لعقله..
كيف لفتاة أن تُعالج من أزمة نفسية وسط هذا الظلام والكئابة؟!!
شعر بالغضب يسرى بأوردته غير متقبل هذا الأمر بتاتًا وهرع يُبعد الستائر ذات الألوان المُظلمة ثم أخذ يفتح النوافذ باتساع..
لتكون المفاجأة الثانية من نصيبه وهو يرى هذه الغرفة التي أقل شيء يُقال عنها أنها تُصيب بالأزمات النفسية..
الغرفة خالية إلا من مقعد واحد وفراش...
وألوان جدرانها رمادية باهتة، هل هذه أجواء يُعالج بها شخص مُحبط..!!
وسؤال أخر يدور بفلكه..
لماذا هذه الغرفة ليست كبقية الغرف!!
بقية الغرفة تعج بالحياة والأمل، ملونة بألوان زاهية مُزينة والضوء يغمرها وحديثة بأعلى المستويات كمستوى مشفى السبيل..

أنا والطبيب "قدر قيس"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن