[أنا والطبيب] ~[الـــخـــــاتــمة]
- لازم أروح مشوار الأول قبل ما أجي معاك يا قيس.
التفت له قيس الواجم الملامح واستفهم بتعجب:-
- فين!ركب سيارته وأشار لقيس بالركوب وقال بوجه تعيس:-
- مشوار بسيط بس هيفرق معايا، هتعرف لما نوصل..ركب قيس بهدوء بجانبه بينما عقله بوادٍ أخر، ولم يكن طاهر يختلف عن فقد عاد للسكون والصمت وتنبثق من أعينه نظرة خامدة لا توحي بحياة..
بعد مرور القليل وصل طاهر وبصحبته قيس لبلده متوسطة الحال وقام بإجراء بعض المهاتفات ليتوقف أمام مجموعة كبيرة من المخازن...
التزم قيس الصمت وبقى يشاهد فقط ليتفاجئ باقتراب مجموعة كبيرة من آلات الهدم..وقف قيس بالقرب من طاهر والآن أصبح يفهم ما يحدث، أردف طاهر وأعينه تتأمل المكان والذكريات تطوف بعقله وكأنه حدث بالأمس:-
- دي حقوق لازم ترجع الأول لأصحابها يا قيس، قبل سنة كان هنا بيت قدر وعيلتها وبيوت ناس كتير أنا جيت وخرجتهم منها بالإجبار وقضيت على كل أحلامهم وحياتهم...
المخازن دي هتتهد والأرض ترجع لأصحابها من تاني والفلوس إللي في حسابي هتغطي مصاريف بناء بيوت الناس دي تاني..
عارف إن كدا مش تكفير عن غلطي وكل آثامي بس ده على الأقل هيريح ضميري شوية..وبالفعل اتجهت آلات الهدم وأخذت المخازن التي بُنيت غصبًا وإكراهًا وشُيدت على دمار حياة آخرين تنهار وتسقط..
تنهد قيس ... نعم يعلم أن طاهر مجرم ومغمور بالأثام ... لكن يبقى أفضل من والده وأنقى منه، لم يُطمس على قلبه ولم تُغشى أعينه على الأخير..
إن عاد إلى الله سيستقبله بحفاوة ويستطيع أن يكتب بداية جديدة لحياة أطهر ونهاية لتلك الحكاية السيئة..خرج صوت قيس الممزق:-
- أنت ربنا بيحبك وقدرلك الرجوع تاني يا طاهر، كل حاجة انكشفت قبل ما كان ماجد البنا يورطك في مصايب أكبر مكونتش هتقدر تخرج منها أبدًا..
واضح إن كان مرتبلك توريطات كبيرة.
تقدر تكتب حكاية جديدة يا طاهر، ترجع حقوق العباد إللي ظلمتهم وتطلب منهم الغفران وتقف على باب ربنا وتتوب وترجعله..
تقدر تكون إنسان كويس وناجح وفاعل للخير يا طاهر وافتكر دايمًا الحسنة هتمسح السيئة، كتر من أفعال الخير وعوض عن أغلاطك وذنبك وافتكر دايمًا إن ربنا غفور رحيم رغم إن إللي أنت عملته ميعرفش للرحمة طريق..
اتعلمت منك درس مستحيل أنساه يا طاهر، وبسببك عرفت قيمة نِعم في حياتي مكونتش واخد بالي منها..
القلب اللين نعمة ... خليتنا اتمسك من هنا ورايح في حياتي إن أشكر ربنا على نعمة لين القلب، وإن أدعي دايمًا إن ربنا لا يطمس على قلبي، وإن ربنا لا يجعلني من القاسية قلوبهم ولا أكون غليظ القلب..
وإن ربنا لا يغشي على قلبي ولا يطمس بصيرتي، ويخلي دايمًا عندي رعب من المعصية وإن مستهينش بالمعصية والذنب...
أقسى عقاب يا طاهر إن ربنا يسيبك لنفسك ويسلطها عليك ... حقيقي رعب..
قدرت النعم إللي كنت فيها وأنا مش حاسس بيها..
تبان عند البعض حاجة بسيطة بس عدم وجودها دمار وضياع...
أنا مش عارف أقولك أيه يا طاهر ولا أحكم عليك؛ لأن أنا مين علشان أحكم على عبد من عباد الله..
أنا كمان عندي ذنوب ومفيش عبد خالي من الذنب وبدعي ربنا بالغفران..
ربنا أرحم بيك من أي حد ومش بيرد عبد ليه ندمان وتايب من على بابه، إللي بينك وبين ربنا مينفعش حد يتدخل فيه أبدًا...
أنت تقرأ
أنا والطبيب "قدر قيس"
Romanceكان يتنفس بعنف وصدره يعلو ويهبط بجنون ليحاول تنظيم أنفاسه وهو يستدير نحوها ليراها مازالت على نفس الوضعية.. اقترب منها ينظر داخل عيناه التي تومض بشكل عجيب بلونها الزبرجدي تقابل أعينه البُندقية الحادة ثم ردد بإصرار أمام وجهها:- - هتتعالجي وهرجعلك الحي...