بين التصورات و الواقع

82 7 5
                                    

من تقاليد بلادنا منذ القدم، أو كما أحب أن أقول في الزمن الغابر أنه عند الزواج يقدم الزوج للآخر خاتما منقوش عليه اسمه.

توارثنا تلك العادات حتى جاء جيل المصائب. كانت مدينتنا مزدهرة. وأقبل العمال من كل أنحاء العالم باحثين عن موطن للشغل. فازداد الحدادون والنجارون والمعلمون والأطباء والصاغة وغيرهم. كانت الحياة في تلك اللحظات هانئة. وجاءت اللحظة التي اكتشفت فيها قدري. أنا مجرد فتاة من منطقة عتيقة من بلدي و تحديدا في منطقة الأسواق القديمة. حتى أتت تلك الليلة التي تأزمت فيها الأحداث، كنا نود أن نقضي سهرة مبهجة عائلية. وعند العشاء، سمعت جدتي تقول:" هل سمعت عن اختفاء حليمة جارتنا، هذا الخبر صدم كل أهل الحي"

- نعم، مسكينة كانت ما تزال مخطوبة من ابن خالها. وهل سمعت عن مصطفى.

- كل هذه الإخبار مفزعة حقا.

- عجبا، يختفون دون أي سابق انذار؟

- آه...الأمن في المدينة يتناقص شيئا فشيئا.

- منذ متى والناس يختفون؟

- لا أحد يعرف يا عزيزتي.

كان عشاءنا بصراحة كبيرا متكونا من المعجنات واللحوم والخضراوات المطبوخة والطازجة. تحدثنا في شتى المواضيع واستمتعنا بالعشاء الذي كاد يملأ بطوننا حتى التخمة. ثم قصد كل منا مضجعه وأسلم نفسه لنوم عميق. بعد أسبوع من هذه السهرة كنت أتجول في السوق وإذا بي أمام حانوت الصائغ. أبصرت رجلا يحمل صندوقا خشبيا أفترض أن وزنه يفوق الكيلو. كل لحظة يتلفت يمنة ويسرة كأنه يخشى أحدا ثم يدخل محملا بذلك الصندوق الى الدكان. حيرني أمر هذا الرجل الغريب وكأنه يخفي سرا كبيرا، انتابني الفضول لأستطلع الأمر لكن لم يكن الوقت المناسب فقد حان وقت الغداء وخفت غضب عمتي فعدت جريا الى الدار. لكن لم أيأس من المحاولة. منذ تلك اللحظة انتهزت كل فرصة للتسلل من المنزل لكن لم أجد شيئا. ويوما كن عائدة من متجر الخبز بعد أن اشتريت ثلاث خبزات للعشاء. فوجدت نفس الرجل المقنع حاملا شبيه الصندوق السابق. لكن في هذه المرة تعثر في صخرة صغيرة فأصبح الصندوق أشلاء متناثرة في كل أرجاء الرصيف القديم، لم يثر اهتمام أحد، ما عدا أنا طبعا، كنت طفلة فضولية لا تفوتني أغلب التفاصيل، فانتبهت لحلقات صفراء اللون فرجحت أنها من الذهب أو النحاس. ظننتها بضاعة مسروقة فتسللت خلسة حتى وصلت قرب الباب فخرج رجل مقنع آخر وبدأ الحديث بينهما:

- اجمع بسرعة ما أسقطته أيها المتعجرف.

- لا تلقبني بالمتعجرف أيها المعتوه. لم أقصد إسقاط الصندوق.

- سينتظرك الرئيس في المركز الرئيسي في انتظار الحلقات...

قلت في نفسي: رئيس.. حلقات.. مركز.. عن ماذا يتحدث هذان اللصان؟؟

سمعت بقية حديثهما:

- العصابة تواجه مشكلة منذ أيام. بدأت المادة تنفذ من مخازننا. لا بد من الاستلاء على منصع آخر.

سر خواتم النحاسThe secret of copper ringsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن