تحسستُ الفستان المنساب على جسدي، مضى وقت طويل منذ تسوقت آخر مرة، قد استبدلت زيارة المتاجر بالمواقع الإلكترونية، وقت أقل، جهد أقل هذا إن احتسبت الجلوس على الأريكة وتحريك إبهامك لثلاث ساعات متواصلة مجهودًا، حسنًا هذا كل ما يمكنني فعله في نهاية يوم طويل من العمل المكتبي، هذا هو الحال، وهكذا كان منذ التخرج، ولا يبدو أنه سيتغير في القريب.
فستان جميل، درجة الأزرق المثالية تمامًا، كالمحيط، ولون عينيه، وعيني ابنته، كم أصبح عمرها الآن؟ خمسة؟ أعتقد ذلك فالزواج تم بعد عامٍ واحد من تخرجنا، ولم يكتمل العام التالي قبل أن تولد، لماذا أتذكره الآن! لقد مضى الكثير من الوقت، لكن وقع كلماته يصدح في أذني «أنا أحبكِ! أريد بذل نفسي لأجل إنجاح علاقتنا، لأجل أن نكون معًا! تخلي عن خوفكِ للحظة وثقي في شعوركِ لا شعوري أنا.قصتنا لن تصبح تكرارًا لقصة والديكِ، هما لم يحبا بعضهما البعض تعرفين ظروف زواجهم كيف تمت، لا يوجد أي تشابه بينهما وبيننا، لا شيء. أخبريني أنك تريدين المحاولة، دعي عنكِ الخوف.» لكنني لم أملك إجابة ولم ادع عني الخوف، وهو؟ دعا عنه وجودي.قماشه المخمل ناعم الملمس، مناسب لزفاف في منتصف الشتاء، دعوة وصلتني قبل أسبوعين لتكسر نمط أيامي الرمادية بهذا الأزرق، كان لا بد لهم من تحذيري كيف تنسل الأيام من بين يدي المرء بعد التخرج، متى انقضت تلك السنون السبع؟ وماذا حل بشعري؟ أن أقف أمام المرآة في غرفة القياس لأجد امرأة مختلفة عن التي أذكرها، لكنها من أرى كل صباح قبل الذهاب للعمل، شعر معقود في عجالة، محيت عنه آثار وصفات الشعر والتصفيفات المتنوعة، أذكر أيامًا كنت أزور فيها صالون الشعر كل أسبوع، وجسدي؟ لا أثر للأموال التي صرفتها على صالات التمارين، وأعوام من السباحة، مفاصلي تؤلمني، وهذه الهالات العميقة أسفل عيني؟ يبدو أن النوم لأقل من ست ساعات يوميًا هو مضر بالصحة حقًا، وليس خدعة من أمي.
خلعتُ الفستان وعدتُ لجلدتي، قميص أبيض واسع، وسترة طويلة، وسروال طويل، كلاهما سواد في سواد، ناولت الفستان لإحدى العاملات في المتجر لتعبئه لي قبل أن أقف في الطابور لأحاسب على ثمنه راقبت بعيني الزبائن الآخرين، أم وطفلتها التي جربت عشر فساتين حتى الآن ولا تستطيع الاختيار، مجموعة من الصبايا في بداية العشرينات يتضاحكن ويمزحن، وأنا وحدي حان دوري، دفعت ثمن الفستان وغادرت بحقيبة واحدة في يدي، يوم عطلة من العمل لأدخل أول متجر أقابله، وأجرب أول فستان يلفت نظري، وأول مقاس تناوله لي عاملة المتجر، لأدفع سعره وأغادر. قد يراه البعض إضاعة للوقت، يمكنني أن أبحث أكثر، أرى فساتين أخرى، لعل أحدها أجمل، أو أن أطلب مقاسًا مختلفًا أنسب لمنحنيات جسدي، لكن إن كان كل العمر ضائع فما قيمة يوم عطلة؟
ألقيتُ نظرة على الفستان داخل الحقيبة في يدي، أزرق، كالمحيط، وكالغرق.
أنت تقرأ
ما قبل النوم ✨
Short Storyولأن كل منّا قصة كان لابد من أحرف وكلمات لتنسج الحكايا (مجموعة قصص وخواطر قصيرة كل فصل قصة منفصلة)