الصياد والقمر

16 1 1
                                    

صغير يجمع الحصى نداه أبوه " انظر للقمر !".
_أ قمر يطلع بالنهار يا أبتي ؟
= ليل كان أو نهار ، القمر في السماء يشرق وقتما يشاء ويغيب وقتما يشاء ، نحن نرقب وحسب.

مد الصبي بصره عاليا فأفلت الحصى الجميل من كفيه. خطف القمر قلب الصغير وتعلق بالفضا. _احذر يا ولدي لا تأمل البعيد، يصيب قلبك الكدر . نبه الأب لكن الأوان قد انقضى.

رحل الأب، وبقي الفتى يأمل السما. لم يفارق الشط بل لم يفارق القمر. حفظته الرمال الصفراء، والأمواج المالحة، كبر الطفل وصار صيادًا ليجاور القمر.

الشوق لوعة تشتعل في قلب صيادنا، هذه صخرته وتلك النجوم شهود، ما ليلة غاب وإن غاب القمر، ينظره.
محاق أسود
ما أوحش السهر!

حمل صنارته وعزم الرحيل نحو الصخرة ونحو القمر.
جاءه زائر: أتيتك بالمني.
=وما المني؟
_وهل غيرها؟ القمر.
=كيف؟
_قدم قلبًا تنل قلبًا.
=اثبت صدقك.
_اليوم والليلة، ستقبل القمر.

فكر الصياد: لا محال، أقتل لأجل ما لا يُنال؟ هذه شعوذة وخداع أكيد. لكن بداخل الصياد تكون أمل "أ ألمس القمر؟".
غنى الصياد وغنى وما حيلة له سوى التمني.

أراد الصياد لو تجرع اليأس لعله يرحل، يفارق برد الصخرة ومناجاة القمر. ولكن متى نال الإنسان ما تمنى؟ كما وعد الزائر نزل القمر، فُتن الصياد بروح القمر. ألم يمضي سنون عمره يأمل ويأمل وها هو ينال! يد ناعمة أحاطت وجهه ولمسة بادرة انطبعت على شفته، وهمسة قاتلة اخترقت أذنه "قلب الحورية هو ما أريد." ولأول مرة رأت عيون الصياد الحورية، لأول مرة لم تكن عيون الصياد على القمر، اختفت اللمسة الناعمة واختفى القمر، وبقي الصياد.

أ ذلك القلب الذي وقع في الحب صغيرا يقتل اليوم على كبر؟ أ يقتل من شب قلبه على الأمل؟ وهل يقتل الإنسان بما هو أشنع من الأمل؟
جلس للصخرة لم ينظر للقمر، في يده الحجر، سن مدبب وصوت مرتعش، غنى الصياد وفي قلبه الألم، ترى هل تلبي نداءه؟ هل تجيبه الحورية؟ لم يدرك عقله وقلبه المعلق بالأعالي إنه كان المغفل الأكبر، جاءت الحورية بقلب رقيق يدفعه الأمل، رأي في عيونها براءة تشبه طفل قد كانه.

لأجل تلك البراءة قتل الصياد، وانتهى الأمل.
لقد رأى القمر،
تمنى القمر،
وما نال القمر.
ما هذا الذي كنت أرجو.
=لقد طلبتِ قلب الحورية وها هو بين يدي وتحت قدميكِ!
_لقد سمعت أن قلب الحوريات هو الأجمل، لكن هذا قبيح مغطى بالدماء.

رحل القمر، وبكى الصياد. ما حيلة قلب قد فُطر، ما نفعه إن جفاه الأمل واحتله الألم؟
أمسك الحجر.
حرف مدبب ودم يقطر.
أنا السبب، ما كان للأبرياء أن يعشقوا.
رحل الصياد والصخرة كما هي تنحتها الأمواج ..🌊

ما قبل النوم ✨حيث تعيش القصص. اكتشف الآن