- زهور و رسم و كتب هل يعقل أن يكون هذا العالم هو ؟!
سمعت صوتا من خلفي يقول:
- "نعم إنه عالمك"
استدرت بسرعة لكن، لم أجد شيئا. نظرت حولي أبحث عن مصدر الصوت. قلت بحذر:
- " من هنا؟ أين اختفيت؟"
سمعت الصوت يقول من جديد:
- " لم الاستعجال يا صغيرة؟ مازالت اللعبة في بدايتها"
و أطلق ضحكة عالية. استفزني صاحب الصوت. و قلت :
- " ليس لدي وقت لألاعيبك. أظهر نفسك و واجهني وجها لوجه"
ضحك صاحب الصوت مجددا و قال :
- "لا تكوني سخيفة هكذا. أنت لن تقدري علي أبدا"
صرخت عاليا و قلت:
- " من أنت لتحكم علي؟!"
قال بصوت أشبه بالفحيح:
- " أنا ؟ أنا أسوء كوابيسك، أنا خوفك، أنا آلامك، أنا الجزء الأسوء منك"
فجأة، بدأت الأزهار تذبل، و الكتب تطير من مكانها، اختفت البهجة من المكان. و عمته الفوضى و غرق في ظلام دامس و أمطار غزيرة. نظرت في كل الجوانب أبحث عن جانب احتمي فيه. لكن، لسوء حظي لم أجد. عاد الصوت يقول من جديد :
- "لا فائدة أنت مقيدة بي. لن تستطيعي الهرب إلى أي مكان. أنا أنت و أنت أنا، لا مفر و لا مهرب لك مني. عليك أن تستسلمي"
و أطلق ضحكة زلزلت الأرجاء. أصبحت خائفة و غرقت في دموعي بشكل هستيري و صرت أردد:
- " ماذا أفعل؟ .. ماذا أفعل؟"
و الصوت لازال يضحك و يقول :
- "أنت فاشلة. لا أحد يحبك، و لا أحد يهتم لأمرك. تتوهمين أنك شخص جيد في حين أنك لاشيء"
بقيت أبكي، لم أعد استحمل سماع كلمة أخرى. لم أعد استوعب ما يقال فلقد صار الكلام عبارة عن طنين. وضعت يداي على أذاناي و أنا اصرخ:
- " كفى توقف أنا لست كذلك"
بقيت أبكي بخوف و الطنين يعلو شيئا فشيئا. حتى سمعت همسات بقربي، نظرت فوجدت قطتي الصغيرة بالقرب مني، بدأت تقترب، خيل إلي و كأنها تتحدث. قلت في نفسي:
- " أين اختفيتي ؟ أم أنني انشغلت عنك؟"
فجأة، نطقت القطة قائلة:
- " أنا معك. فقط أنت لم تلاحظيني"
أوجست خفية منها. لاحظت القطة ذعري أكملت القطة كلامها لجعلي أطمئن :
- " لا تخافي و لا تجزعي. أنا معك منذ بداية رحلتك. إلا أنك لم تلاحظيني كعادتك للأسف"
ابتلعت ريقي بصعوبة و مسحت دمعي و قلت:
- " ماذا تقصدين؟"
غيرت القطة مكانها و قالت:
- " مشكلتك يا حبيبتي أنك لا تلاحظين بعض الأمور في حياتك؛ خاصة جوانبك الإيجابية. دائما ما تنظرين إلى الأمور من منحى يحزنك، فتقهرين نفسك كثيرا. أنت يا عزيزتي فتاة جيدة؛ رغم زلاتك، رغم أخطائك. أنت إنسان و لست ملاك. تخطئين مرة لكنك تتعلمين من الخطأ. تذكري يا غاليتي كم من ابتسامة رسمتها على وجه حزين. أتعلمين يا خولتي ... "
هنا وضعت يدي على فمي و أغلقت عيني. لاحظت القطة ذلك و قالت :
- " لا تخافي لن تختفي قوانين هذا العالم لا تنطبق علي"
أطلق تنهيدة طويلة و أكملت القطة كلامها :
- " أنت صديقة تحب النصح رقيقة الطباع خفيفة كالغيم، لطيفة كالأمنيات الجميلة، تنتشل الآخرين بنور كلماتك الساطع من الظلام الذي كان يلفهم ، و تمسكين بأيديهم لتهديهم إلى الطريق الصحيح. رغم أن المسافات و رغما عن أنفك يا عنيدة. لطالما كنت الأقرب إلى قلب أحدهم من بين جميع الذين كانوا من حوله ، مجرد تذكر اسمك ينعش قلب المشتاق إليك. تذكري الأوقات التي صمدت فيها، تذكري الأوقات الرائعة. هيا يا خوختي اقتلي ذلك الصوت في داخلك و عيشي أيامك بهناء كوني خولة التي عرفتها أول مرة. كوني خولة التي أعادتني للحياة !!! "
نظرت إليها قائلة :
- " لكن من تكونين؟"
ابتسمت القطة :
- " ليس مهما من أكون. بل المهم من تكونين هل خولة القوية أم خولة البئيسة القرار لك"
هبت رياح قوية أفزعت القطة و جعلتها تختفي في الظلام الدامس.
مسحت دمعي و وقفت من جديد ناديت بأعلى صوت:
"يا صاحب الصوت"
أنت تقرأ
رحلة الهوية: رحلة فتاة للبحث عن الذات عبر أسماء منسية
Adventureفتاة تدخل إلى عالم مختلف كله أسرار و غموض و ذلك من أجل إنقاذ نفسها من الخوف. ... كانت الفتاة ممدة على سريرها ، وجهها شاحب كأنها محاطة بأجواء الموت، وعيناها تبكيان أمطارًا من الحزن والألم وصوتها الحزين يخترق قلوب الحاضرين الذين تجمعوا حولها في ظل هذه...