مسحت دمعي و وقفت من جديد ناديت بأعلى صوت:
- "يا صاحب الصوت أنا لم أعد خائفة منك"
ضحك الصوت و قال:
- " مجنونة !!! أنت خائفة و سوف تبقين كذلك للأبد"
قلت بحزم:
- " لا، لست كذلك !"
و بنبرة ملؤها الاحتقار رد الصوت:
- " أنت فاشلة ! و أضعف من مواجهتي"
أجبته:
- " نعم، فاشلة ! لكنني أنجح فاشلة في عالم الفاشلين !"
زمجر صاحب الصوت قائلا :
- " من تظنين نفسك؟"
استجمعت شجاعتي و قلت:
- "أنا خولة !!"
ضحك الصوت عاليا و قال:
- " لا تغتري بنفسك ! أنت لا شيء. مجرد نكرة، يستغلون طيبتك ثم يتركونك عندما يجدون من هو أفضل منك و ... "
شعرت بالغضب يجري في عروقي و قلت في نفسي :
- "على هذه المهزلة أن تنتهي هنا"
ثم صرخت بكل ما أملك من قوة :
- " من تحسب نفسك لكي تقهرني كل يوم هكذا؟ أنا أعرف نفسي و أعرف قدري عند الآخرين. صحيح أني مررت بوقت صعب لكن، ليس إلى الأبد. لقد تعلمت أن أقف وحدي ؛ و سوف أقف من جديد. سوف أمضي بثبات و عزم. و سوف أعيش أيامي ببساطة و فرح. حتى و إن لم يحبني أحد لا يهم، سأظل أنا أحبهم. الدرب الطويل و الزمن يجري. الحياة قصيرة لا تمنحنا فرصا كثيرة !! أ تعلم ؟! لم تعد تخيفني. و لن أستمع لك مجددا. سوف أسير على مبادئ كنت اتخذتها قبل سنوات. سوف أعود إلى ما كنت عليه. سوف أرسم لي أهدافا جديدة و أمضي بثبات لكي أحققها. أنا .. أنا فخورة بنفسي رغما عن أنفك و عن أنف الجميع !! هل فهمتني؟"
مع آخر كلمة شعرت أن قواي قد خارت. بدأت أتنفس بسرعة.في هذه الأثناء، صمت رهيب عم المكان. هدأت الأمطار، و انقشعت الغيوم، و عادت الأزهار و الكتب إلى مكانها. فجأة، ظهرت فتاة صغيرة من العدم. و بدأت تسير نحوي ببطء و عندما وصلت عانقتني بشدة و قالت:" لقد أنقذتني من ذلك اللعين. أنا سعيدة جدا أنني سوف أعود" و لأول مرة شعرت بالراحة. و ابتسمت ابتسامة واسعة و قد كانت ابتسامة من القلب. نظرت الصغيرة إلي و قالت :
- "تعرفين من أنا ؟!"
اكتفيت بالابتسام، و بقيت جالسة في مكاني بجانبي الفتاة الصغيرة، و في حضني تلك القطة العجيبة. و بعيدا لمحت بعض الظلال تقترب فلقد كانت آلاء و عبلة و مريم. اقتربن مني، و أخذتهن في عناق جماعي. بعدها نطقت السلطانة قائلة :
- "الآن بعدما أنهيت مهمتك آن الأوان لكي تعودي لعالمك؟ و لا تنسي نصيحتي ..."
و قلنا بصوت واحد :
- " الدرب طويل و الزمن قصير"
ابتسمت ثم عانقتني. لكنني تساءلت:
- "كيف يمكنني العودة إلى عالمي؟"
اقتربت مني عبلة و قالت:
- " الحل سهل !! عليك أن تقرئي ألف كتاب"
نظرت إليها بذعر شديد و قلت:
- " ماذا؟! ألف كتاب ! بالكاد أستطيع إنهاء خمسين كتابا في العام. بهذا المعدل؛ يلزمني عشرون عاما هنا. يعني سوف أعود إلى عالمي عندما أبلغ الثالثة و الأربعين من عمري !!!! يا ربي أ ليس هناك حل آخر؟ أتوسل إليكن "
هنا انفجرت البنات من الضحك فاحمر وجهي خجلا. ثم قالت آلاء ضاحكة:
- " لم أتوقع منك أن تصدقي عبلة !"
و ضحكت بصوت عال. قلت بارتباك:
- "أنا .. أنا لم أصدقها فقط .. أنا .."
لاحظت السلطانة ارتباكي و حرجي الشديدين و قالت:
- " تحتاجين رحلة آخر، إلى عالم آخر مختلف تماما عنا. و الشخصية التي ستجدينها هناك هي من ستعيدك"
نظرت و قلت:
- " كيف ذلك و أنتن ثلاث شخصيات في مكان واحد ! حتى لو نطقت اسمكن لن اختفي"
نظرت إلي آلاء و قالت بملل:
- " إعتقدت أنك تخلصت من مخاوفك لا من ذكائك"
فأردفت عبلة قائلة:
- " دعيها و شأنها لقد مرت بالكثير لازالت أعصابها متعبة"
بعد لحظات، تذكرت الفتاة الصغيرة و قلت:
- " لقد عرفت !! هذا عالمي التقيت بنفسي أنا ؛ أنا خولة"
ضحكت البنات و قالت عبلة:
- "كنت أعرف أنك ذكية و سوف تصلين إلى الحل"
بدأت بالتلاشي مرة أخرى و لأول مرة شعرت بالفرح و الحنين في نفس الوقت. أسئلة كثيرة تدور في بالي من سألتقي؟ و كيف ستكون رحلة العودة؟
أنت تقرأ
رحلة الهوية: رحلة فتاة للبحث عن الذات عبر أسماء منسية
Adventureفتاة تدخل إلى عالم مختلف كله أسرار و غموض و ذلك من أجل إنقاذ نفسها من الخوف. ... كانت الفتاة ممدة على سريرها ، وجهها شاحب كأنها محاطة بأجواء الموت، وعيناها تبكيان أمطارًا من الحزن والألم وصوتها الحزين يخترق قلوب الحاضرين الذين تجمعوا حولها في ظل هذه...