رحلة العودة

97 22 13
                                    

بدأت استعيد الوعي تدريجيا. ربما ستكون هذه المرة هي المرة الأخيرة التي سوف أعيش فيها هذه التجربة الغامضة. لقد بدأت اعتاد الأمر. لكن، للأسف هذه هي النهاية. لكن السؤال الأهم أين أنا؟ و لماذا قالت لي مريم أن هذا العالم مختلف؟ بدأت أنظر حولي ثم صحت مستغربة:

- " ما هذا عشب بنفسجي !!! أظن أنه بسبب البرد. لكن، النعناع وحده من يصير بنفسجيا بسبب البرد. ربما .. هو إفراط في عنصر .... لقد نسيت"

اقتربت بحذر و فضول من ذلك العشب البنفسجي، أخذت عينة شممتها و قلت:

- " خزامى ؟! يا ربي لقد أهملت نظاراتي منذ دخولي هذا العالم لم امسحها لذا صارت الرؤية ضبابية؛ لدرجة أنني لم أعد قادرة على التمييز بين العشب و الخزامى "

مسحت نظاراتي جيدا. لكن، الغرابة لم تنتهي فلقد لفت انتباهي أن هذا العالم ملون بدرجات من اللون البنفسجي. السماء و الأشجار هذا غريب جدا !! بينما كنت أمشي و أحاول فهم هذا العالم انزلقت قدمي فسقطت في حفرة عميقة، وبينما كنت غارقة في الظلام، شعرت بنفسي أتحرك بسرعة عبر أبعاد جديدة. تأخذني الحفرة إلى مكان آخر مدهش، حقول التوليب المتلألئة بألوانها الزاهية. كانت الأزهار ترقص مع الرياح وتعزف لحناً هادئاً. استمريت في السير بين الصفوف اللامتناهية من التوليب، وكل خطوة كانت كمغامرة جديدة في هذا العالم الساحر. شعرت بسعادة لا تنتهي فأنا أحب التوليب كثيرا بقيت أسير وسط تلك الزهور بكل بطء حتى استمتع بكل لحظة هنا فجأة، لاحظت وجود باب مهيب يشرف على نهاية حقول التوليب. تتساءلت عما إذا كان هذا الباب سيقودني إلى إجابات حول هذا العالم الغامض أم إلى مفاجأت أخرى في رحلتي ؟ هل أخاطر و أفتح الباب؟ اتبعت حدسي و فتحت الباب، لأجد نفسي في بستان من أشجار الخوخ و فتاة تجلس في المنتصف أمام لوحة كبيرة. كانت ترسم اقتربت كثيرا منها و دون أن تلتفت إلي قالت :

- " أهلا بك يا خوخة في عالمي"

شعرت بالفزع ثم تابعت كلامها دون ان تلتفت إلي فلقد كانت منهمكة في رسمها _ و أنا أعرف جيدا هذا الأمر عندما ترسم لا تحب أن تقاطع رسمك لأي سبب كان_ قائلة :

- "لا تخافي هنا لا تنطبق القواعد أبدا يمكنك قول اسمي كما تحبين"

. بابتسامة عريضة و عيون دامعة قلت لها:

- " صديقتي معراج كم أنا سعيدة أنني وجدتك هنا"

ردت بابتسامة قائلة:

- " أيضا كنت في انتظارك. أرسم هذا اللوحة فهي سبيل عودتك. لا تزال تنقصها بعض التفاصيل. فلما لا تجلسين قليلا حتى انتهي منها"

استغربت قائلة:

- " لكن كيف؟"

ردت:

- " عندما تنتهي اللوحة سوف تفتح بوابة إلى عالمك يمكنك العودة باستخدامها"

بقيت جالسة بصمت أنظر حولي و أتذكر الذكريات السعيدة في هذا العالم الغريب. أتذكر مرح آلاء، و همسات عبلة، و كلمات حليمة الحانية، حديقة إيناس، و قهوة خديجة، الأمطار الدافئة في عالم رواء، و كذلك ضيافة السلطانة. و تلك القطة العجيبة التي لا أدري أين هي الآن. فجأة، شعرت بمن يهمس في أذني قائلا :

- "أنا هنا معك لن أتخلى عنك أبدا"

انتفضت من مكاني متعجبة و قلت في نفسي:

- " لكن كيف؟"

همس الصوت من جديد قائلا:

- " لا تخشي شيئا غاليتي أنا بداخلك أسمع أفكارك و دائما معك لا تخافي"

بقيت انظر حولي بصمت و استغراب و قلت:

- " متى تنتهي الألغاز و الغرائب؟ و ما هذا الهمس المجهول؟"

همس الصوت من جديد قائلا:

- " أنا القطة "

شعرت بقشعريرة في جسدي فلقد زادني حيرة على حيرة. فجأة، نطقت معراج لتنتشلني من هذا الوضع المريب فقالت :

- "تعرفين يا خوخة ماذا أخشى في هذا الكون؟"

نظرت إليها و حركت رأسي نافية. ثم استرسلت:

- " غياب الصُّحبة في الأيّام الثّقال، لا اخفي عليك فأنا أخشى غيابهم -بشدّة- في كلّ لحظةٍ وجدتها ترفًا على الرّوح. وأظن أنني لا أعذِر أبدًا هذا البعد الشائع الذي قد يخلقه حزن المرء في حين و رفاهيّته في حينٍ آخر. أريد أن نتلاحم في رخاء الموقف، وشدّته، وأن نرى سويًا هذه الأيّام.. وهي تتلطف، وتقسو "

ربتت على كتفها و قلت:

- " أنا دائما هنا حتى في الأوقات التي لا تفهمين فيها نفسك سأكون معك. هل تفهمين هذا؟"

حركت رأسها مؤكدة. لتقول لي في النهاية:

- " تفضلي، لوحتك صارت جاهزة "

عانقتها بشدة قبل أن أغادر و دخلت إلى تلك اللوحة.بعد لحظات صرت في مكان آخر. نظرت حولي و قلت:

- " هذه غرفتي !!! لقد عدت إلى عالمي"

فجأة لاحظت وجود القطة العجيبة في حضني. أمسكت بها و قلت:

- " و أنت من تكونين ؟ ما قصتك؟"

بدأت القطة تحدق في الأرجاء، لمحت النافذة مفتوحة فقفزت من حضني، و اتجهت نحو النافذة و هربت بعيدا. اتجهت نحو النافذة لكي أعرف أين ذهبت، حتى لمحتها قفزت في حضن شخص كان خلف الشجرة كان ينظر إلي و يبتسم ثم اختفى عن أنظاري.

تمت الحمد لله

🎉 لقد انتهيت من قراءة رحلة الهوية: رحلة فتاة للبحث عن الذات عبر أسماء منسية 🎉
رحلة الهوية: رحلة فتاة للبحث عن الذات عبر أسماء منسيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن