أنا خولة فتاة في العشرينات من عمري. أعشق الكتب و كل ما يتعلق بالقراءة و قد عشت رحلة عبر عوالم متعددة جعلت مني شخصا جديدا بقناعات أكثر منطقية و عقلانية.
.بدأت كل القصة حين أنهيت قراءة الصفحة الأخيرة من تلك الرواية. حينها انبعث منها شعاع أخضر سحبني إلى عالم غريب وعجيب، يلفه الغموض والألغاز.في ذلك المكان استيقظت وألم شديد في رأسي. مسحت الغبار عن فستاني وعدلت خماري، وبدأت أنظر في استغراب إلى ما حولي. لا يوجد سوى اللون الأخضر، عشب وأشجار في كل مكان. و قطة صغيرة في حجري.
- "هل أنا في غابة أم ماذا؟"
هكذا تساءلت في نفسي. بقيت أسير على غير هدى في هذه البقعة الخضراء، و تلك القطة الصغيرة تتبعني. قلت لها :
- "من أنت؟ و لما تتبعينني؟ هل سوف ترشدينني أم أنك سوف تعيقين تحركاتي؟"
لم ترد القطة. ضحكت على نفسي و أكملت مسيري حتى وجدت صخرة عالية. صعدت إليها بصعوبة لكي أرى بشكل أوضح. لكن لا شيء سوى الأشجار. نزلت وجلست بجانبها، وبقيت أفكر. أين أنا وماذا أفعل هنا؟ والسؤال الأهم: كيف أخرج من هنا؟ أسئلة كثيرة تحاوطني. قلت في نفسي:
- "هيا، سوف تجدين حتماً حلاً. لقد قرأت الكثير من الروايات، تعرفين جيداً ماذا يحدث."
فجأة، لمحت من بعيد شخصاً قادماً باتجاهي. شعرت بالخوف، فاختبأت بسرعة خلف الصخرة، اختلس النظر من حين إلى آخر إلى أن اقترب ذلك الشخص. لحسن حظي، كانت فتاة صغيرة بوجهها الطفولي المرح وملامحها العربية الساحرة وثوبها الأخضر الجميل. نظرت إلي بإستغراب وقالت:
- "ماذا تفعلين خلف الصخرة؟ هل تلعبين الغميضة؟ أنا أيضاً أريد أن ألعب معك."
نظرت إليها بخوف وقلت:
- "لا، لست ألعب، فقط كنت جالسة هنا أفكر."
قالت الفتاة بحزن طفولي:
- "يا للخسارة، كنت أريد اللعب. يا مفكرة، سوف أسميكِ مفكرة لأنك تفكرين."
عندما لاحظت أنني تأثرت بالاسم، أضافت:
- "عندما وجدتكِ."
نظرت إليها وقلت:
- "يمكنكِ مساعدتي؟ أنا تائهة وأريد العودة إلى الديار."
وحكيت لها قصتي بشكل سريع. بقيت أراقب تعبيرات وجهها التي لم تظهر عليه أي تعبيرات. لا أدري إذا كانت قد صدقت قصتي أم لا. سألتها:
- "هل أنتِ معي؟"
تمتمت الفتاة شيئًا بصوت خفيض وقالت:
- "تعالي معي، سأخذكِ إلى منزلي. بعدها نفكر في حل يا مفكرة."
أكملنا طريقنا وسط تلك الغابة، وفجأة صرخت الصغيرة قائلة:
- "ها هو منزلي!"
بقيت أنظر ببلاهة وقلت:
- "شجرة؟! هل أنت تعيشين داخل شجرة؟"
أجابت الفتاة بمرحها الطفولي:
- "نعم، هذه شجرتي السحرية، أكبر شجرة متشجرة في عالم الأشجار والشجيرات."
اندهشت من كلامها وقلت:
- "ماذا تقولين؟"
ضحكت الصغيرة وقالت:
- "لما الاستغراب يا مغتربة؟ كلام ليس به غربة ولا غرابة."
شعرت بصعقة في رأسي وقلت:
- "اللون الأخضر، الشجرة السحرية.و هذه الكلمات المقفاة مهلا أنا أعرفها".
دمعت عيوني وارتميت في حضن الفتاة وقلت لها:
- "لؤلؤة، أهذه أنت؟"
شعرت الفتاة بالتوتر وقالت لي:
- "ماذا تقولين، يا مفكرة؟ أنا لست هي."
قلت والدمع يجري على خدي،
- "لا، بل أنتِ هي آلاء. أنتِ آلاء."
بدأت الصغيرة بالبكاء، وفجأة لم أعد أشعر بها. نظرت إلى يدي، فوجدتها بدأت تختفي. نظرت إليها بدهشة واستغراب، وقلت لها بصوت يملأه البكاء :
- "ماذا يحدث؟"
أجابت الصغيرة :
- "ما كان عليك أن تنطقي اسمي، يا خوخولتي. لقد عرفتك منذ أن رأيتك خلف الصخرة، لكن تظاهرتُ أنني لم أعرفك لأنني لم أكن أريدك أن تختفي.أردتُ إحضاركِ إلى هنا لكي أخبركِ بأسرار وقواعد هذا العالم، لكنكِ ذكية. استطعتِ أن تكتشفي هويتي بسرعة."
بقيتُ أحدق فيها، وأنا لا أستوعب شيئاً. كلما استطعتُ قوله :
- "كيف عرفتِني؟"
ضحكت ضحكة صغيرة وأجابت :
- "ألم أخبركِ أن كونان ابن خالتي؟ والآن بدأت تختفين. ستجدين نفسكِ في عالم آخر مع شخص آخر. وتذكري، إذا عرفتِ محدثكِ، لا تنطقي اسمه حتى تخبركِ السلطانة بكل شيء. وعندما تلقينها، أبلغيها سلامي حتى نلتقي مرة أخرى."
مع آخر كلماتها، شعرت بوجع في رأسي ووجدت نفسي في مكان آخر، تملأه أوراق يابسة وقمر مكتمل.
أنت تقرأ
رحلة الهوية: رحلة فتاة للبحث عن الذات عبر أسماء منسية
Aventureفتاة تدخل إلى عالم مختلف كله أسرار و غموض و ذلك من أجل إنقاذ نفسها من الخوف. ... كانت الفتاة ممدة على سريرها ، وجهها شاحب كأنها محاطة بأجواء الموت، وعيناها تبكيان أمطارًا من الحزن والألم وصوتها الحزين يخترق قلوب الحاضرين الذين تجمعوا حولها في ظل هذه...