الجزء الخامس عشر

240 43 5
                                    

مر الوقت سريعا و جاءت إحدى الخادمات تعلم سحر أن الطبيبة وصلت. اما كيراز فقد انتهت نوبة انبهارها و سعادتها بالمكان فاستغربت عدم ذهاب العريسين لشهر العسل حتى هذا الوقت.

دخلت على سحر التي كانت في اسوء حالاتها لكنها أسرعت تلملم نفسها و تدعي تمشيط شعرها أمام المرآة.

كيراز "سحر، انت محظوظة يا فتاة. اي رجل تزوجت و اي قصر سكنت! اخيرا ابتسم لك الحظ يا شقية. لكن لماذا لم تذهبا في شهر عسل بعد!"

سحر مدعية الفرحة "ليس الان عزيزتي! يجب أن اركز على الحصول على شهادتي و انت من الغد ستباشرين تكوين في الخياطة كما حلمت دائما"

لمعت الفرحة في عيون كيراز و صاحت و هي تقبل اختها "اخيرا ساحقق حلمي. شكرا يا جميلتي، شكرا على كل شيء"

سحر "لا داعي للشكر. المهم أن لا تحيدي عن هدفك هذه المرة. ستركزين على التكوين و النجاح حتى تضمني مستقبلا محترما لك بعيدا عن أي كان. و لذلك اريدك أن لا تكرري تجربة يلتشين مع نديم لا قدر الله. اه على فكرة، الطبيبة هنا و ستقوم بمتابعة حالك و ..."

ابعدت كيراز اختها بعنف صدم الأخيرة و صرخت "لن تقترب مني اي طبيبة كانت. لا تحاولي سحر لن تنجحي مهما فعلت. أنا باحسن حال و أعرف جيدا كيف احافظ على نفسي و طفلي و لا احتاج اي مساعدة طبية"

خرجت مسرعة و تركت سحر مدهوشة و مستاءة قبل أن تقول حين دخلت الطبيبة عليها "دكتورة على الأغلب المريضة تعتقد انني أسعى لاجهاضها و لا تثق في بعد. استسمحك أن تعطيني فرصة و ما أن تقتنع اختي حتى اتواصل معك."

الطبيبة "لاباس، أتفهم ذلك جيدا. المهم سأكتب لك بعد الفيتامينات الضرورية في بداية الحمل تساعدها على أن تبقى بأفضل حال"

على الجزيرة، تردد يوسف كريم أوغلو كثيرا قبل أن يدخل منزله الذي تركه منذ وقت طويل جدا. منذ خسر الكثير و الكثير. منذ هربت زوجته و تركت في رقبته البنتين بلا رأفة بطفولتهما البريئة. صحيح أنه السبب و المتسبب و لكنه راهن على حبها الكبير له. راهن على تسامحها الدائم مع نزواته و لم يكن يتوقع يوما أنها سترمي حبه و تترك تسامحها و تهرب بلا رجعة و تعاقبه هذا العقاب الشنيع.

منذ ذلك الوقت أصبح يعاقر الخمر لينسى و شيئا فشيئا أصبح يخسر ماله و يدمن على السكر. ثم بدأت مرحلة التنقل بين قيادة المراكب هنا و هناك الي أن وصل به إدمانه لخسارة عمله نهائيا فلم يعد أحد يثق به أو يؤمنه على مراكب صيده.

جلس على فراش سحر يمسد على لحافها بحنان و يقول "صغيرتي، كبرت قبل عمرها. حملتها ما لم تحتمله الجبال. الحمد لله أن الله عوضها احسن عوض. اعدك صغيرتي أن اتداوى هذه المرة. اقسم بغلاوتكما انت و كيراز  أن اتعالج من هذا الادمان في احسن المصحات و ارجع القبطان يوسف كريم أوغلو الذي لا يشق له غبار و ستفخران بي أمام العالم."

في القصر غادرت كيراز من أجل حضور تكوين الخياطة علها تحقق حلمها بأن تصبح مصممة أزياء كما أرادت دوما  بينما جلس يمان على الطاولة الغداء و برفقته نديم.

صدم و هو يرى سحر ترتدي ملابس اقرب الي الخادمة منها للسيدة و تقوم بتقديم الطعام. خفض نديم رأسه و وشوش ليمان قائلا "ا هذا ما كنت تريده؟ ارجوك يمان هذا عيب"

كاد يمان يتاثر لكن دخول خالته جعله يتراجع و يقول "هذا ما يستحقه أمثالها. طلبت منها أن تطبخ و تقدم الطعام و تنظف المنزل مقابل إنهاء الخطوات الأخيرة في دراستها. هذا أكثر من عادل معها.لن تكون أكثر من خادمة في هذا القصر تعمل بلقمتها حتى موعد ولادتها"

مشت الخالة جلنار خطوات قبل أن تتوقف و تتأمل سحر مليا و هي ترفع حاجبها "انت هي إذا" زادت تفحصا لها و قلبها يكاد يخرج من جوفها  "نفس عيونه الزمردية..."

رفعت سحر رأسها مستغربة فاضافت الخالة و هي تدور حول الصبية "طبيعي أن يقع صغيري. المسكين كان من السهل أن تتلاعبي به. لقد كان مجرد شاب غر و انت بجمالك الأخاذ هذا سلبت لبه"

سحر و هي  تتنهد بملل و تقول "يا صبر، يا صبر! سيدتي لا اعرف عن ما تتكلمين لكن لا دخل لي..."

قبل أن تستطيع إنهاء كلامها صرخ بها يمان "يكفي! لن تردي على كلام خالتي. أعتقد أن لديك عملا في المطبخ"

شعرت سحر بالإهانة و لكنها انسحبت. مهما حدث لن تخضع و تمكنه من انتقامه. لن تسمح بأن يرى ضعفها أو دموعها. مهما فعل ذلك الوضيع لن ينال أكثر منها.

جلست الخالة على الطاولة و هي تقول "انها فاتنة. كان من الطبيعي أن يهيم بها يلتشين بتلك الطريقة. رغم كل وصفه لم يوفها حقها. انها خرافية الجمال"

نديم مؤكدا "أجل انت محقة، انها فاتنة و طبخها لذيذ جدا"

استدار يمان غاضبا و صرخ في وجه نديم "ماذا تعني؟ كيف تجرؤ على التغزل بزوجتي!"

احمر وجه نديم حرجا فيما علقت جلنار بتعجب

"اي زوجة عنها تتحدث؟ لا تهذي يمان!"

سحب المقعد بعنف و بخطوات بسيطة كان قد وصل المطبخ اين رآها تنظف الفرن فقال بصرامة

"لن تطبخي و لو بيضة بعد الان و لن تتعاملي مع نديم مطلقا، و لا مع غيره من رجالي بل ستتواصلين معي مباشرة دونا عن غيري. هل هذا واضح!"

رمت سحر الخرقة التي كانت تنظف بها و وضعت يديها في فنتصفها و سالت

"هل انت مخبول كابن خالتك ام ماذا؟ صباحا تطلب شيئا و على الغذاء تامر بعكسه؟ الست انت من طلب مني ذلك. هل أخطأت في شيء؟ ماذا حدث ؟ لماذا انت غاضب"

اضطرب يمان و لم يدر بماذا يجيب فقال

"من أجل الجنين، هذا فقط من أجل الجنين"


الجمر الباردOù les histoires vivent. Découvrez maintenant