وصلت سحر تجر اذيل الخيبة الي منزلهم البسيط المتاخم لشاطىء البحر كغيره من من منازل القرية. رأت والدها مستلقيا في الملحق الخارجي يشخر و بمحاذاته قارورة القذارة التي تخلص منها منذ اسبوع. صدمت لرؤيته فهي تعرف أنه على مركب الرجل المجهول الذي حل منذ مدة قريبة بقريتهم فقلب حالها. و حسبت أن معضلة والدها قد حلت بمجيىه فقد حصل والدها على عمل بعد سنين من البطالة و تخلى عن معاقرة الخمر اخيرا.
اقتربت منه بسرعة ترجه" استيقظ ابي... هيا استيقظ. متى عدت من العمل و متى عدت للخمر؟ الم تقسم انك تبت توبة نصوحا"
لم يستيقظ يوسف الا بصعوبة و بعد محاولات. اخذ يفرك شعره الاشعث و تثاءب بقبح فاغمضت سحر عيونها بامتعاظ من رائحة الخمر التي تفوح منه و أجاب "لقد طردني السيد كريملي لسبب اجهله"
لطمت بخفة على خدودها و صاحت "طردت ؟! يا الهي لا تقل هذا! لا تقل أننا سنبقى بلا مال مجددا و أنني لن أذهب للجامعة الفنون و لن احقق حلمي و لن تخضع كيراز للعملية..."
أطبقت شفاهها و سكتت على حين غرة بينما أجابها ببرود "نحن بلا مال مجددا و لن تذهبي للجامعة و ... ماذا قلت عملية و كيراز"
ابتعدت مدعية عدم الفهم و قالت "من قال عملية، لقد بدأت الخمرة تذهب عقلك يا ابي. انهض من هذا المكان القذر و ادخل للداخل. انك تثير شفقة المارة و تحرجنا"
رأى يوسف ابنته الصغيرة تدخل فأخذ يحك جنباته ثم شرد في ملاحظتها. أنه ينام هنا خارج البيت منذ ادمن الخمرة و كبرت ابنتاه. يذكر جيدا أنه دخل البيت في إحدى ليالي الصيف القائضة مترنحا فلمحهما في ملابس خفيفة و كادت تلعب الخمرة برأسه و يأتي إثما عظيما قبل أن يهتدي للخروج.
و منذ ذلك الوقت وهو ينام صيفا و شتاء في الخربة الملاصقة للمنزل مع بعض الدجاجات و رغم تأنيب ابنتيه الدائم له فلم يجرؤ يوما على الدخول. أنه يعرف أنه مدمن و مذنب و اصبح يخاف على فتاتيه حتى من نفسه إن غاب عنها الإدراك. مسح دمعة جرحت احداقه المجعدة و قال "أنا استحق كل ما انا فيه"
في الداخل جلست كيراز تواسي سحر بعد أن سمعت منها خبر استقالتها و طرد والدها. سحر هي البنت الصغرى و مع ذلك تحس كيراز أنها تتحمل مسؤولية أكبر من عمرها. بكت سحر بمرارة و هي تقول
"انظري الان، حسبته تاب و سيعمل ليعيلنا. و ها هو يطرد ببساطة و يدعي عدم معرفة السبب. أنا متى سادفع مصاريف الجامعة و متى ساحصل على شهادتي؟
كيراز "لا بأس يا سحر, سنجد حلا نحن نجمع المال منذ مدة و الحصالة تكاد تمتلىء"
سحر بثبات "لن نجد حلا ما دمت تلتحفين الاسود و تجلسين حزينة على ذلك الرجل بلا عمل. ما في الحصالة لا يكفي حتى لتسافري خارج هذه الجزيرة و تتخلصي من الفضيحة"