لم يعرف الحضور في مقهى الشاطىء من اين ظهر يوسف أوغلو الذي كان يترنح حتى يكاد يسقط بينما صوته المرعب المثقل بالسكر يشتم ابنته الصغيرة التي فزعت فاستقامت من مقعدها تستند على سليم.
فهمت أنه بعد مغادرتها البيت قد اطنب في الشرب ثم تبعها ليعنفها كما عادته كلما ثمل. هم يوسف يسحب ابنته من شعرها بيد حتى كاد ينصله و هو يزمجر "حذرتك مرارا من الجلوس مع ابن باران هذا. بدل العمل تجلسين للهو. أنا احتاج للمال ايتها الشقية، اريد المال و انا بلا عمل"
لم يتقدم أحد للدفاع عنها فلا رغبة لأحد بالتورط مع هذا السكير و لم تجد صرخات سحر الا كلمات سليم الذي قال بقلق "دعها، دعها ارجوك. لم تفعل شيئا. نحن نتحدث كالعادة وحسب"
يوسف "لا حديث بعد الان. إن أردت محادثتها تزوجها و ادفع لي مهرها و الا فلا اريد رؤيتك بجانبها. اريد المال فورا فأنا بلا مال"
لمعت عيون سليم تحت صدمة سحر التي صرخت "لا، مستحيل" بينما رفع يوسف يده ليهوي عليها فتلتقفها يد يمان الذي شل حركة الرجل و دفعه بعيدا عن ابنته حتى سقط أرضا.
وقف الكل يتابع ما يحصل بينما قال يمان بهدوء "عد الي بيتك فورا، نم و غدا التحق بمركبك لتحصل على ما تريد من مال دون أن تضطر لبيع ابنتك"
لم يصدق يوسف ما يسمع و تحامل على نفسه حتى يقف و هو يقول بفرح "سيد كريملي، هذا انت. شكرا لك، شكرا على الفرصة الثانية التي تمنحها لي. اعدك أن لا اخيب ضنك هذه المرة"
اسرع يوسف لا يلوي على شيء و هو يترنح بين الفينة و الأخرى بينما تعمد يمان الحديث بصوت تسمعه سحر موجها كلامه لنديم "اهتم بالرجل و ساعده ليعود لعمله معززا مكرما و جد لي مهندس يشرف على التصميم الداخلي و تزويق مكتبي الجديد بالميناء"
هز نديم رأسه مطيعا فيما تقدم يمان خطوات نحو سيارته و التردد يقتل سحر التي أرادت بكل جوارحها شكره من ناحية و تقديم نفسها للعمل من ناحية أخرى لكن عزة نفسها و طبعها المتمرد الذي يسيطر عليها منعها من ذلك.
الا أن سليم تشجع و صاح بصوت اوقف خطوات يمان العريضة الواثقة "سيد كريملي، سحر مهندسة متدربة تقوم بتصاميم داخلية رائعة، مكنها من فرصة و ستذهلك"يمان دون أن يلتفت و على شفته شبح ابتسامة انتصار من حقق ماربه "من سحر هذه؟"
اخيرا خرج صوت سحر من أعماقها لتقول "أنا هي ..."
الا أن يمان أجاب بلا مبالاة متعمدة "لا يهم من تكون، جربها نديم و سنرى"
ثم اتجه صوب سيارته الفارهة مخلفا وراءه الفتاة تكتم غيضها من عنجهية طبعه من ناحية و تشكر ربها على كرم عطاءه من ناحية اخرى. لقد بكت و ضحكت في نفس اليوم بسبب هذا الرجل الفارغ الطول المهيب الحضور.
راقبته يتحرك بفخامة تسحر اي انثى مكانها. لكن هي، سحر، الشقية المتمردة، ترفض نفسها الخضوع رغم كل ما أحسته تجاهه من انجذاب.
انها فتاة مختلفة، عانت كثيرا من التحرش من الكبير و الصغير بسبب جمالها الفريد بين بنات و نساء الجزيرة البائسة. لكنها كانت دوما كاللبوة على أتم الاستعداد للدفاع عن نفسها في غياب شبه كلي لوالدها و سذاجة شبه مفرطة لأختها.
قطع نديم غيمة شرودها بقوله "آنستي هل انت مستعدة لبدا العمل غدا صباحا. سيتوجب عليك الاطلاع على شروط و متطلبات يمان بيه لتنجزي عملا يحوز إعجابه"
سحر بتصميم و لمعة تحد تبرق في عيونها "أتم الاستعداد"
انصرف نديم و ركبت سحر دراجتها مستعدة للانطلاق قبل أن يفاجئها سؤال سليم الصاعق "وماذا عن زواجنا؟ قال ابوك ادفع مهرا و تصبحين لي"