الفصل السادس

839 14 1
                                    

الفصل السادس

لا يعلـم يهدء دقاتـه الثائـرة ويُهلل أم يلوم عقلـه الذي اصبح الشـك جزءً اساسيًا منه يجعله يشك بمن حوله وكانه واجب !!!
وكأنه لم يستوعب فهمس ببلاهة :
_ فعلاً ؟
اومـأ الطبيب مؤكدًا وهو يشـرح له بإيجاز :
_ ايوة، لأن العقل لو كان سليـم كنا هنقول بتكذب، إنما الأشعة اثبتت كلامهـا
ابتسـم سليم بهدوء ليقول بعدهـا بأمتنان :
_ متشكرين يا دكتور تعبناك معانا
هـز رأسه نافيًا :
_ لا ابدًا يا سليم، ده واجبي كـ طبيب العيلة الكريمة
وسأله مرة اخـرى بنـرة جادة لا تقبل النقـاش :
_ عاوز الأشعـة يا دكتور لو سمحت
عقـد الطبيب حاجبيـه .. لا يفهم هل وصلـه شكه لمن بينهم سنوات - عِشـرة -
هل كبر شكه ليقضي على سنوات من الثقـة بناها والده !!!!
وسأله ببعضًا من الضيق :
_ حضرتك مش واثق في كلامي ولا أية يا استاذ سليـم
هـز رأسه نافيًا ومن ثم نطق مبررًا :
_ لا لسمح الله، أنا بس عاوزها عشان حاجة تاني خاصة، وكدة كدة يعني كنت هاخدها ده شيئ طبيعي
اومـأ مغمغمًا بجدية :
_ تمـام
نهـض ليجـلب له - الأشعـة - وخرج، لتقتـرب " جميلة " من سليم قائـلة بنبـرة ذات مغزى :
_ إية يا سليم ماطلعتش كدابة وطلعت فعلاً مجرد بنت مش لاقية شغل يعني ؟
اومأ ليقول بامتعاض :
_ منا عرفت خلاص يا خالة وصدقت
ابتسمـت لتقترب منه تشده من اذنـه متابعة بلـوم خفي :
_ قولتلك دي مش من اعدائـك، إلا أنك كنت مصمم وكانك شوفتها عملت حاجة ماتصحـش
زم شفتيـه بضيق كالأطفال ليرد :
_ كان لازم اتأكد بردو يا خالة
سألته مرة اخرى :
_ واتأكدت ؟
اومـأ بارتيـاح :
_ أكييييييد
ربتت على كتفـه قائلة بحنـان :
_ طب الحمدلله، يارب بقا وسواس الشـك ده يسيبك شوية
غمغم ببعض الضيق الحقيقي :
_ إن شاء الله يا خالة جميلة
بينمـا سيلا كانـت في عالم اخـر ..
عالم تتخبط فيه بصدمة !!
كيف حدث ذلك !!!!!! كيف اخبره الطبيب بالكـذب !!
كيف رمـم حبال أمالهـا الضعيفة لتصبح قويـة من جديد ؟!!!!
كيف ظهـر من العـدم من يجذبها من جوف الظلمـات !
لا تعلم .. لا تعلم ابدًا ولكن لا يهم ...
ما يهم الان انهـا اصبحـت بامـان !!
وكأن القلق فـر هاربًا من بين جنبـات عقلها ليصبح الأرتياح مكانه ..
عادا طيفًا صغيرًا قلق حول كيفية حدوث ذلك !؟
نظـرت لسليـم لتقول بانتصار :
_ شوفت إنك كنت ظالمني بس
فاجئهـا بقوله الحاد :
_ إخرسي، هتهزري معايا ولا اية ماتنسيش نفسك !
ودوامـة من الألم عصفـت بها لتذكرهـا بعدم التدخـل بشؤون ذاك الصقر الجارح احيانًا !!!
_ سليم
همست بها خالتـه ليقاطعها مشيرًا بيده بجدية هادئـة ولكنها لا تخلو من الحدة :
_ لو سمحتي يا خالة سيبيني، دي مجرد خدامة انا مش فاهم إنتِ لية متعاطفة معاها زيادة عن اللزوم ؟!
_ سليم انت من امتى بتجرح في الناس كدة ؟
سألته بصوت منخفض مصـدوم بالفعل من تصرفاته التي اصبحت غريبة مؤخرًا !!
ليجيب بصوته الرخيم :
_ من بدري يا خالة بس يمكن إنتِ اللي مكنتيش واخدة بالك
_ خلاص يا سليم بيه أنا اسفة
قالتها سيلا التي كانـت تنظـر لهم بألم حقيقي احتل نظراتهـا .. خادمة !!!!
كيف وهي سيلاااا .. سيلا صاحبة الشـأن العالي، الغالية ...
آآه كم اشتاقـت لجدهـا الحبيب، أشتيـاق غُلـف بالألم الشديد !!!
والطريـق للعودة لأهلهـا امامهـا بالرغم من انه اصبح قصير إلا انها من زواية الحزن والالم التي تعمقتها تـراه طويلاً وجدًا !
صمتت خالته وصمتت هي ..
كيف لا تصمـت والصمـت هو وسيلتها الوحيـدة ..
الصمت الذي يأسرها دائمًا خلف طياته العميقة !!!
تقدم الطبيب بالأشعـة واخذهـا منه سليـم لينهض متجهًا للخارج دون كلمة اخرى تتبعـه خالته التي تعجبت من عودتـه لكلامه الذي لا يكـف عن قطـر سمًا مميتًا !!

شظايا قسوته بقلم رحمة السيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن