مع كل زيارة لها للمكتبة، وجد جيمين نفسه منجذبًا أكثر لسحر أماي فيتعمد العمل على مقربة منها، دون ان يجعلها تلاحظ وجوده القريب لها. كانت حين تتصفح الرفوف بعينيها، تختار لنفسها ما أتت لاجله حتى تبتاعه.
فإما يجلب لنفسه ذات الكتاب الذى حصلت عليه او انتظر بصبر. شاغلا باله بما اعادته هي من روايات سابقة لها حيث احتفظ بهم في الذاكرة و اعماقه
كان يتفقدها وراء تلك الرفوف تارة، أو يساعدها عن طريق صدفة زائفة لكي يشعر بالقرب منها اكثر.
و رغم كل الكتب الذي حصل عليها، و التي قد لامستها بتلك النمايل الرقيقة، فإن التقلب بين صفحات مفضليها التى استعملتها لم يفعل الكثير لإشباع شوقه المتزايد.
إذا كان أي شيء، فإن الخوض في العوالم التي أحبتها لم يؤدي إلا إلى تغذية تخيلاته حول علاقات أعمق معها. بدأ يراها في كل سطر، ويسمع نبرتها في كل جملة.
لكنه أدرك، أن هذه الطقوس المريبة بعد كل يوم عمل شاق له بالمكتبة لا يمكنها ملء المساحة الفارغة في قلبه مع غيابها جسديا و روحيا عنه. فقط أماي الحقيقية هي التي كانت تملك هذه السلطة.
أماي بهيئتها، بحرارة جسدها، بصوتها، بريحها، بوجدانها. هذه الصحف فقط غير كافية. هذه الطقوس لم تعد تغني شيئ فيه بعد الان.
كان عليه أن يجد طريقة أفضل ليتعرف عليها حقًا، أن يتحقق شيئ من تخيلاته مثلما تحققت الأولى، بعيدًا عن هذه التصرفات الجبانة بين هته الأكوام من الأوراق المرصوصة.
كان جيمين متأكد من أمر واحد، أن بمقدوره تغيير القدر بينهما... أن يصنع شيئا لعلاقتهما التى تعد غير موجودة اساسا من المقام الاول. لكن سؤاله المطروح هنا يمنعه عن التقدم...
حائر في أمر واحد فحسب. كيف سوف يفعل ذلك؟ كيف سوف يغير القدر بينهما؟ كيف سوف يجعلها شيئ من حياته اليومية الناقصة؟
حاول جيمين إيجاد فكرة... حل او طريقةما يمكنه من التقرب لها عدى أن تكون له مجرد عميلة دائمة بهذه المكتبة المملة.
هو يتوق لأن يغوص في ما يشتهيه معها... ان يتعمق داخل هذه العلاقة السطحية من أجل أن تتحول إلى علاقة حميمية و قوية معها، كشخص و روح...
و ليس من خلال أن تكون إحدى زبائن هذه البناية التي تزورها فقط حتى تتمكن من الاستعارة ما تريده و من ثم ترحل.
